Wednesday 21 November 2012

الرسائل السياسية من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ومستلزمات تقدم العملية السياسية

الأربعاء 21 نوفمبر 2012 12:07 صباحاً

الرسائل السياسية
من وراء زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن
ومسلتزمات تقدم "التسوية السياسية"

بقلم السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

تحليل سياسي خاص: الفضول نت

جاءت الزيارة التي قام بها البارحة 19 نوفمبر 2012 السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة القصيرة لليمن، والتي تزمنت مع زيارة السيد عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون للدول العربية، ووجود السيد جمال بن عمر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص باليمن، بعد مايزيد عن عام من صدور قرار مجلس الأمن رقم 2014 (211) في 21 أكتوبر 2011، وبعد عام من توقيع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وأليتها التنفيذية في 23 نوفمبر 2011 في الرياض.

وكان من المنتظر أن يقوم بزيارة اليمن بعثة من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي في نيويورك لتقييم التقدم المحرز في عملية الانتقال السلمي للسلطة بموجب المبادرة وآليتها التفيذية وقراري مجلس الأمن رقم 2014 (2011) ورقم 2051 (2012) الصادر في 12 يونيو 2012، وعلى ضوء بيان رئيس مجلس الأمن الدولي في 28 سبتمبر 2012 الصادر بعد يوم من بيان الرئاسة المشتركة للاجتماع الوزاري الرابع لأصدقاء اليمن الذي عقد في 27 سبتمبر 2012، بحضور فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، على هامش الدورة 67 للجمعية العامة للأمم. غير أن تلك الزيارة لم تتم وجاء بدلأً عن تلك البعثة السيد بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة بنفسه.

وجاءت الزيارة بعد أن عمل السيد جمال بن عمر على تأجيل نظر مجلس الأمن الدولي في الشأن اليمن مرتين من 6 إلى 18 إلى 28 القادم، حتى يتيح للمعيقين للعملية السياسية مراجعة الذات والارتفاع إلى مستوى جسامة المسئولية التاريخية في التغيير المشروع للشعب اليمني لبناء يمن جديد.

كان المجتمع الدولي ينتظر أن تقوم شركاء العملية السياسية في اليمن، رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني وكافة أطراف العمل السياسي، بخطوات تعهدت بها حكومة الوفاق الوطني، وفقاً للآلية وقرارات مجلس الأمن، وبياني المانحين الصادرين في الرياض 5 سبتمبر وفي نيويورك في 28. غير أن تلك الخطوات لم تنجز، بسبب وجود إعاقات من عدد من أطراف العملية السياسية.

في الرياض، التزمت الحكومة، من بين تعهدات أخرى التزمت بها، باتخاذ الخطوات اللازمة للتحقيق مع كبار المسئولين المتورطين في قضايا الفساد. ولهذا الغرض التزمت الحكومة بإنشاء محكمة خاصة لتسريع محاكمة قضايا الفساد وضمان صدور أحكام بحق المدانين بقضايا الفساد. وكانت مثل هذه تعتبر الخطوة بمثابة رسالة واضحة للمسئولين الحاليين رفيعي المستوى أن عليهم أن يفكروا أكثر من مرة قبل التورط في الفساد. ولم يتحقق شيئ من كل تلك التعهدات.

وفي نيويورك، وفي الاجتماع الذي تشترك في رئاسته المملكة المتحدة، والمملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية، وحضره 38 بلدا ومنظمات دولية، شدد المجتمع الدولي على أهمية وتسريع التقدم في النواحي السياسية والاقتصادية والإنسانية والأمنية من أجل استمرار عملية التغيير، وأكد  مجدداً دعمه الكامل لوحدة وسيادة واستقلال وسلامة اليمن الإقليمية ، ورحب المجتمعون بتشكيل وبدء الاجتماعات الأولية للجنة التحضيرية الفنية للحوار الوطني، وأكدوا القرارات الرئاسية المتعلقة بتوحيد وأعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية.
وفي ذلك الاجتماع، وجدد المجتمع الدولي تأييده لتشجيع جميع الأطراف على المشاركة الكاملة والفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني. غير أن المجتمعون أعربوا عن قلقهم إزاء نوايا وأفعال أطراف داخلية وخارجية لتقويض تنفيذ عملية الانتقال السياسي. وهددوا بأن مجلس الأمن بموجب قراره رقم 2051  سيتجهه نحو اتخاذ المزيد من التدابير، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، إذا استمرت تلك الأفعال المشار إليها.
لقد أوفى الرئيس فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية بتعهدات تلكأت أو تعثرت حكومة الوفاق الوطني في تحقيقها، حيث أقر إنشاء اللجنة الانتخابية الجديدة في اكتوبر 2012 من أجل البدء في تحديث قائمة تسجيل الناخبين لتسهيل الاستفتاء الدستوري المزمع عقده في النصف الثاني من عام 2013. وتم عقد أول ندوة عسكرية موسعة بمشاركة إقليمية ودولية بشأن أعادة تنظيم وهيكلية القوات المسلحة، خرجت بتوصيات إيجابية ستقدم إلى رئيس الجمهورية في مطلع شهر ديسمبر القام. وتجري حالياً تحضيرات لعقد ندوة تخص أعادة تنظيم وزارة الداخلية وتوحيد وإعادة بناءة جهاز أمن موحد قوي. غير أن قانون العدالة الانتقالية لايزال في انتظار أقرار رئيس الجمهورية له، بسبب تلكؤ مكونات الحكومة كلها ومعارضتها له، رغم رفض أصحاب الشأن من أبناء له، جملة وتفصيلاً، لأنهم يرون فيه عيوب كبيرة لا تفي بالعدالة المطلوبة لإنصافهم.
إن هذه الزيارة التاريخية التي قام بها السيد الأمين العام للأمم المتحدة، حملت رسائل واضحة، عبر عنها في كلمته التي ألقاها، أو في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع رئيس الجمهورية. وأهمها تلك الرسائل:
  • أن اليمن يجب أن ينال الاستقرار الذي يهيئه الانتقال إلى منظومة الديمقراطية، وأن اليمن "ستتغلب على كافة المعوقات والتحديات" أمام تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2014، وفق "سجل انتخابي نظيف."
  • تحذير كافة الإطراف اليمنية من أي محاولة لعرقلة التسوية السياسية، المرتكزة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وقرارات مجلس الأمن الخاصة بالشأن اليمني، محذراً بأن أي محاولة لعرقلة العملية السياسية ستواجه بعقوبات، سواء على المستوى الجماعي أو الشخصي، بموجب قراري مجلس الأمن رقمي 2014 و2051، اللذين يؤكدان على استقرار ووحدة الأراضي اليمنية. وذكر أمين عام الأمم المتحدة.
  • إن المجتمع الدولي لن يسمح بأي اعتراض أو عراقيل، لا تدفع بالعملية السياسية إلى الإمام، وإخراج اليمن إلى مناخات الأمن والاستقرار والتطور والنمو.
  • التأكيد على أهمية سرعة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل في البلاد، مشدداً على أنه يتابع "سير العملية السياسية خطوة بخطوة."
  • تعهد الأمم المتحدة بتقديم كافة أشكال الدعم، من قبل المجتمع الدولي، لإنجاح مؤتمر الحوار، وتجاوز العراقيل والتحديات، وهو الحوار يجب أن يكون مفتوحاً لكل اليمنيين وضمنهم من يمثل مختلف المناطق.
  • مناشدة الأطراف كافة التفاهم على "المسائل العالقة" وخصوصا تلك المتعلقة بمشاركة الجنوبيين.
  • التأكيد على أن المجتمع الدولي يعتبر دعم اليمن من أولوياته العليا حتى خروجه إلى "بر الأمان."
وقد كان فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية رائعاُ عندما أكد لليمنيين والمجتمع الدولي، وفي رسائل واضحة جداً، قال فيها:
  • أن زيارةالأمين العام للأمم المتحدة السيج بان كي مون، تمثل دفعة أممية قوية لمسيرة التسوية السياسية التي يقودها، ودعا المجتمع الدولي إلى المساعدة في تذليل الصعوبات والتحديات التي تعترض المسار السياسي، واستكمال المرحلة الانتقالية.
  • أن المرحلة الأولى من المبادرة الخليجية جرت بنجاح، بعد اتخاذ العديد من الخطوات والإجراءات والقرارات، وصولاً إلى انعقاد الحوار الوطني الشامل،
  • إن الحوار الوطني سيمثل "جوهر التغيير للخروج برؤية جديدة، ومنظومة الحكم الرشيد، من أجل الدولة المدنية، المرتكزة على الحرية والعدالة والمساواة."
  • ان الشعب اليمني ومن خلال دعم المجتمع الدولي سيجابه القوى الساعية إلى زعزعة عملية "رسم مستقبل اليمن" وصياغة مشروع جديد "لمنظومة الحكم السياسي".
  • أنه على ضوء مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ستتم صياغة دستور جديد والتحضير للانتخابات في فبراير 2014 وفقاً لاتفاقية الانتقال السياسي التي بموجبها وافق الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التخلي عن حكم استمر 33 عاما.
  • أنه أكد مجدداً التزامه "إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المحدد" في 14 فبراير المقبل.
  • دعوة "الأحزاب السياسية وخصوصا تلك الموقعة على المبادرة الخليجية إلى طي الخلافات والعمل في المرحلة المقبلة على توفير كل عوامل الانسجام والتوافق لتنعكس على أداء الحكومة والحوار الوطني."
  • أن الحوار سيجري ضمن إطار وحدة اليمن ورفض فكرة انفصال الجنوب "وسيتم كل شيء ضمن إطار الأمن ووحدة الأراضي اليمنية" وفقا لقراري مجلس الأمن 2014 و 2051.
وفي سباق مع متطلبات استكمال العملية الانتقالية، أقر اليوم 20 نوفمبر مجلس الوزراء تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الخارجية تكون مهمتها رفع تقرير عما تم تنفيذه من المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة ومستوى التنفيذ والاسباب التي تعيق تنفيذ ما تبقى، على أن يشمل ذلك قرارات وأوامر مجلس الوزراء السابقة المرتبطة بالآلية، وموضوع استخدام العنف لبلوغ أهداف سياسية، وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، وإجراء تحقيق شامل ومستقل بشان انتهاكات حقوق الإنسان ومنع تجنيد الأطفال.

واليوم أيضاُ شكل المجلس لجنة برئاسة وزير الشئون القانونية تتولى إعداد مقترحات بما يمكن ان تقدمه الحكومة من اسهامات بشان الدستور وقانون الانتخابات والسجل الانتخابي باعتبارها من المواضيع الاساسية التي سيناقشها مؤتمر الحوار الوطني الشامل، كما أكد مجلس الوزراء على اللجنة الوزارية المشكلة لمتابعة الافراج عن المعتقلين والمحتجزين بصورة غير قانونية وغير شرعية وتقديم تقرير الى المجلس بنتائج عملها وما انجزته في هذا الجانب والمعوقات التي تقف في طريقها.
جدير بالذكر أن هذه الزيارة هي ثاني زيارة لأمين عام للأمم المتحدة إلى اليمن، بعد الزيارة التي قام بها الأمين العام الأسبق السيد بطرس بطرس غالي لليمن عام 1996 للتوسط في النزاع اليمني الإريتري بعد احتلال إريتريا لجزيرة حنيش الكبرى في ديسمبر 1995.
وفي التحليل النهائي، فإن هذه المدخلات كلها، يجب على الجميع استيعابها، وأن الشعب اليمني، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ اليمن، لايقف بمفرده، تتقاذفه الأهواء، وأن المجتمع الدولي والإقليمي، بقضه وقضيضه، يقف مع اليمنين، وليس مع قادته الذين فشلوا في حكمه في السابق شمالاً وجنوباً وفي ظل الوحدة، يقف مع الشعب اليمني في بناء يمن جديد يليق بتاريخهم ودورهم الحضاري، يلقون خلفهم كل مآسي الماضي، وينطلقون نحو بناء يمن يتساوى فيه كل فرد في الوطن، في ظل سيادة القانون والمساواة والعدالة، وفق دستور يتيح لهم لأول مرة في التاريخ المعاصر أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، ويصيغون المستقبل لأجيال وطنية تتوارث وطن عظيم.
على الجميع أن يتذكر أن مجلس الأمن الدولي سينظر في الشأن اليمني مجدداً في 28 نوفمبر الجاري!!! علينا ألاّ نستهين بالمجتمع الدولي!!!
لأسباب كثيرة يجب أستقرار اليمن والحفاظ على أمنه وسيادته ووحدته، فلايظن أحدٌ أن بوسعه تغيير مسار التاريخ اليمني الذي يضع اليمنيون أنفسهم على أول عتباته !!! 
والله من وراء القصد.

Wednesday 14 November 2012

خطاب مفتوح إلى
فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية
ودولة رئيس الوزراء الاستاذ محمد سالم باسندوة

تحية طيبة،
في البيان الختامي للاجتماع الرابع لمجموعة أصدقاء اليمن في 27 سبتمبر 2012 الماضي في مدينة نيويورك الأمريكية الذي تم بمشاركة ما يزيد عن " 39" دولة ومنظمة إقليمية ودولية مانحة، أشاد البيان بالتقدم الذي تحقق منذ الاجتماع الوزاري الثالث للمجموعة في الرياض في 23 مايو 2012 الماضي، لاسيما تشكيل اللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، واتفاق المانحين والحكومة على إطار المسؤولية المشتركة للاستفادة من التعهدات التمويلية التي بلغت 4ر6 مليار دولار، وأضاف المانحون إعلان تعهدات إضافية لتصل مجمل تعهدات المانحين إلى 9ر7 مليار دولار. وقد ركز بيان نيويورك دعم الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الأعضاء في مجموعة أصدقاء اليمن على عدد من الأمور الهامة في عملية الانتقال السلمي في اليمن. وعدّد الأمور الهامة التالية:
·      قرارات رئيس الجمهورية المتعلقة بإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والأمن.
·      الترتيب لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني شامل في منتصف شهر نوفمبر الجاري، يقوده اليمنيون أنفسهم دون تدخل خارجي
·      تشجيع كل الأطراف اليمنية على المشاركة الكاملة والفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني.
·      جهود الحكومة اليمنية الهادفة إلى إعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية بنهاية العام 2012.
·      تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء وإعداد سجل للناخبين.
·      التزام الحكومة اليمنية بإقرار وتنفيذ قانون العدالة الانتقالية.
·      موافقة الحكومة على "إطار المسئولية المتبادلة مع المانحين" والذي يحدد التزامات كلا الجانبين بالسياسات والمؤشرات، وترتيب المراقبة لضمان أن تعمل التمويلات الإضافية على سرعة وواقعية تحقيق المنفعة للشعب اليمني، والعمل على دعم حكومة الوفاق الوطني في تنفيذها لسياسة الالتزامات المحددة في إطار المسؤولية المتبادلة.
لقد كان ذلك في نيويورك. وعلى الرغم من التعثرات في عدد من متطلبات، لاسيما تأخر اللجنة الفنية للحوار في تقديم تقريرها، وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، وتأخر أصدار قانون الأول للعدالة الانتقالية،  وهو أمور توحي بالبطء غير المرغوب في تقدم عملية الانتقال السلمي للسلطة نحو فبراير 2014، وتبعث على قلق مشروع لدى كل مكونات الشعب الذين ينتظرون انتصار أهداف التغيير، فإنني أعتقد أن ما يتم إنجازه بحذر سياسي حصيف وواعٍ، بمشاركة ورعاية ورقابة المجتمع الدولي ممثلاً بالدول الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتنفيذ قراري مجلس الأمن رقم 2014 (2011) ورقم 2051 (2012) وبمشاركة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد السفير جمال بنعمر، لن يؤخرنا عن موعد الاستحقاق في فبراير 2014.
غير أن هناك تعهدات أخرى على درجة عالية من الأهمية والخطورة، قدمتها الحكومة اليمنية في اجتماع الرياض الثالث الذي عقد يومي 4 و5 سبتمبر 2012. حسب ماقاله السيد وائل زقوت، مدير مكتب البنك الدولي في صنعاء، بعد مشاركته في ذلك الاجتماع، على مدونته الخاصة في 6 سبتمبر 2012، حيث كتب لليمنيين:
" أريد أن أتحدث إليكم عن الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة والمجتمع الدولي لضمان أن هذه الأموال ستصل إليكم –إلى كل واحد منكم - بسرعة وبشفافية وبكفاءة...... ففي مجال الحكم الرشيد، التزمت الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة للتحقيق مع كبار المسئولين المتورطين في قضايا الفساد. وكما يعلم الكثير منكم، فان الإجراءات القائمة تتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان أو رئيس الجمهورية للشروع في التحقيق عن أي شخص بدرجة نائب وزير فما فوق. وهذا هو السبب وراء عدم التحقيق مع أي مسئول رفيع المستوى في أي وقت مضى. أما الآن فقد التزمت الحكومة على إنشاء محكمة خاصة لتسريع محاكمة قضايا الفساد وضمان صدور أحكام بحق المدانين بقضايا الفساد. وهذه تعتبر رسالة واضحة للمسئولين الحاليين رفيعي المستوى أن عليهم أن يفكروا أكثر من مرة قبل التورط في الفساد."
وهذا هو مربط الفرس. بكل تواضع فإنني أرى أمرين:
الأمر الأول، أن ولاية الهيئة العليا لمكافحة الفساد قد انتهت، حسب قانونها الخاص، ويجب اختيار هيئة جديدة، وفقاً للألية التي ينص عليها قانونها، وإذا تعذر توافق مجلس النواب، يرفع الأمر إلى رئيس الجمهورية، وفقاً للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. وأية ممارسات تقوم بها الهيئة السابقة يعتبر بمثابة اغتصاب لسلطة حتى وأن صدرت أية توجيهات باستمرارها في ممارسة مهامها، وكل ما تقوم به في حق موظفين صغار لا حول لهم ولاقوة، تعتبر، دستورياً وقانونياُ، كأن لم تكن.
والأمر الثاني، أن الآلية التنفيذية في المادة 4 منها على أن "يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة."، كما تنص في المادة 13 فقرة (ت) منها بأن تقوم "حكومة الوفاق الوطني مباشرة بعد تشكيلها، .... (ت‌) إصدار تعليمات قانونية وإدارية ملائمة إلى جميع فروع القطاع الحكومي للإلتزام الفوري بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان؛" وفي الفقرة (ج) تلتزم حكومة الوفاق الوطني بكافة قرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة." وتنص أيضاً في الفقرة 15 الفقرة (ت) بشأن ممارسة نائب الرئيس، وبعد ذلك رئيس الجمهورية بعد الانتخابات، وحكومة الوفاق الوطني، السلطة التنفيذية، ويشمل ذلك تنفيذ كل ما يتعلق بهذا الاتفاق بما في ذلك النقاط التالية جنباً إلى جنب مع مجلس النواب حسب الاقتضاء: .... (ت‌) ضمان أداء المهام الحكومية على نحو منظم بما فيها الإدارة المحلية وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون وحقوق الإنسان والشفافية والمساءلة." ويعنى ذلك أن نصوص إجراءات محاسبة كبار المسئولين في الدستور والقانون، غير نافذة، عملاً بالمادى 4 من الآلية، وتنفيذاً لنص المادة 13 فقرة (ت) القاضية بالالتزام بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون، والفقرة (ج) منها والمادة 15 فقرة (ت) القاضية بممارسة المهام الحكومية وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون ... والشفافية والمساءلة.
وأرى، أذا لزم الأمر، فإن الآلية التنفيذية منحت رئيس الجمهورية الحق في أصدار أية مراسيم لازمة لتنفيذ الآلية. ومن هنا، فإننا لانرى أية مبررات للتلكؤ في تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد جديدة تقنع المواطن بجدية التوجهات لمكافحة الفساد، ومن ثم أحالة أي مسئول أي كانت درجته بتهم الفساد، عملاً بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون والشفافية والمساءلة، وقانون مكافحة الفساد المرتكز أصلاً على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.
وقبل أن اختتم هذا الخطاب المفتوح، أتمنى على فخامة الأخ رئيس الجمهورية التعجيل بتنفيذ العشرين نقطة المطروحة أمامه ووافق عليها، كي تدفع بمناخ من بناء الثقة في جدية التوجهات لتصحيح الكثير مما أصاب المواطن والوطن كم ظلم بيّن، وجدية التغيير المرتقب انجازه من خلال الحوار الوطني الشامل المرتقب الذي لايستثني أحد.
وأخيراُ، فإن القيام بهذه التوصيات لابد وأن تدفع الجميع إلى مراجعة الذات، وإدراك أن التاريخ لن يرحم من يختار لنفسه أن ينأى بها عن اغتنام الفرصة التاريخية التي بين يدي الشعب الذي من حقه تصحيح مسار اليمن على الطريق المستقيم.
والله من وراء القصد.
السفير (مقاعد) مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان
صنعاء في 15 نوفمبر 2012

Saturday 13 October 2012

قراءة في الرسائل السياسية الهامة
في خطاب الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية
بمناسبة الذكرى 49 لثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة
استعراض
السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

جاء خطاب فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى التاسعة والإربعين لثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة، في أعقاب عودته من جولته الأمريكية الأوربية الهامة، وفي مرحلة دقيقة من تاريخ ثورة الشباب السلمية التي اندلعت في فبراير 2012، التي أطاحت بالنظام السابق ودشنت المسار الجديد لتصحيح التاريخ اليمني ونفض غبار المآسي التي توارثها اليمن واليمنيون خلال الخمسين عاماً من سلسلة "القاتل والمقتول"!!! مرحلة تتسم بحالة من الانتظار والترقب الحذر للدخول في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني أحد، وعلى قدم المساواة، لرسم صورة واضحة لمستقبل اليمن الجديد.
(1)           "التسوية السياسية" علامة فاصلة في التاريخ اليمني
وهنا ذكر فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أن احتفالاتنا هذا العام تأتي "بعد أن تحققت العديد من النجاحات" على مسار "التسوية السياسية" التي "مثلت علامة فاصلة ومحطة وطنية تاريخية هامة" خرجت باليمن من "النفق المظلم إلى آفاق أكثر إشراقاً وأمناً واستقراراً"، وذلك بفضل الاتفاق الوطني، "والمدعوم إقليماً ودولياً" و"بالإرادة الشعبية الضاغطة التي انتصرت للحرية والتغيير."
(2)           مكاسب وطموحات "ثورة الشباب السلمية" المشروعة في التغيير هي الهدف
وكرر الاخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أنه مواجهة التحديات كان أمراً لامفر منه "حفاظاً على وطن موحد ديمقراطي يكفل لجميع المواطنين حقوق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وصوناً لمكاسب ثورة الشباب السلمية وطموحاتهم المشروعة في التغيير والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية"، مؤكداً أن "الشباب هم نواة التغيير، ونحن ننظر إلى مطالبهم وطموحاتهم باهتمام كبير بما يلبي توقهم إلى المستقبل المشرق ليمن جديد قائم على الدولة المدنية الحديثة وعلى المساواة والعدالة الاجتماعية. ولا شك بأننا جميعاً نؤمن بأن مسيرة التغيير التي فجرها شبابنا وانتصر لها، جاءت لتعيد للنظام الوطني أصالته وللدستور والقانون مكانته وقيمته وحرمته، كما نؤمن بأن التغيير بدأ يحقق ثماره، وبدأنا فعلاً ننتقل إلى ترسيخ سيادة الشعب وإقامة دولة النظام والقانون والمؤسسات التي تصون الوحدة الوطنية وتكرس قيم التآزر والتسامح وكل ما يبلور مضامين وأهداف ثورة التغيير بإبعادها الوطنية والإنسانية الحقيقية."
(3)           اليمن تجاوزت العثرات وماضية في استعادة هويتها الشرعية والدستورية
وجدد الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ما سبق أن أشر إليه في خطابه بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة سبتمبر، من أنه "ومهما حاول البعض أن يعرقل مسيرة الشعب وأن يمثل حجر عثرة في الطريق إلاّ أن اليمن قد أفلتت من مخالب الأمزجة الفردية والشخصية"، وأنها قد "تقدمت كثيراً في استعادة هويتها الشرعية والدستورية"، التي ستتوجها من خلال "الانتصار للوطن الموحد الديمقراطي الآمن والمستقر". وكرر الرئيس هادي أنه يتكل في عملية العبور بالوطن نحو المستقبل وتجاوز كل العقبات على "عظمة إرادة شعبنا وحكمة النخب السياسية والفكرية الاجتماعية والطاقة الخلاقة للشباب ودعم المجتمع الإقليمي والدولي."
(4)           جهود لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار جوهرية لإنهاء الانقسام والإعداد للحوار الوطني
وأشاد الرئيس هادي بجهود لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار، وما حققته من مهامها التي تستهدف إعادة "الثقة واللحمة في أوساط القوات المسلحة والأمن وصولاً إلى إعادة توحيد وهيكلة القوات المسلحة والأمن بصورة كاملة"، داعياً كل "الأطراف إلى التعاون الصادق مع هذه اللجنة حتى إنجاز كامل مهامها وأهدافها المرسومة." وفي هذا المقام شدد الرئيس هادي أيضاً على "إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا من أجل إنجاز المهام المرحلية المهمة" تستلزم من الجميع "رص الصفوف لكل القوى الوطنية السياسية والشعبية في جبهة واحدة" لتتواصل عملية التسوية السياسية إلى نهايتا المرسومة لها،" وذلك "من خلال الخطوات والقرارات التي نتخذها لإنهاء الانقسام الحاد في القوات المسلحة والأمن وإعادة هيكلة هذه المؤسسة الوطنية الدفاعية والأمنية ليكون ولاؤها لله والوطن والشعب."
(5)           مؤتمر الحوار الوطني الشامل "أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر"
وأكد الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية على أن تلك الخطوات هي المدخل العملي الذي يمكن أن يقود اليمن إلى "فضاء الحوار الوطني الشامل وإنجاحه، والذي نريد له أن يضع أسس بناء اليمن الجديد من خلال مشاركة الجميع ودون أن نستثني أحداً من اليمنيين في الداخل أو الخارج، ولا أن نحجر التعبير عن أي رأي أو موقف في بحث ومناقشة صياغة الدستور الجديد للبلاد، ومعالجة هيكل الدولة والاتفاق على شكل النظام السياسي للبلد، وبحث القضية الجنوبية وإيجاد حل وطني حقيقي وعادل لها، والوقوف أمام القضايا الوطنية الأخرى ومنها أسباب التوتر في صعدة، فضلاً عن إصلاح القضاء والخدمة المدنية وتحقيق المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية، وإرساء خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والمضي خطوات متقدمة نحو البناء الديمقراطي المتكامل." مؤكداً أن مؤتمر الحوار الوطني سيكون تعبيراً "لتحقيق أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر."
(6)           دور الحكومة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية
ووجّهَ الرئيس هادي حكومة الوفاق بمهام واضحة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية، وعلى وجه التحديد:
·      مواصلة تحقيق استقرار وتقدم الاقتصاد والتنمية،
·      التركيز على تلبية الاحتياجات الفورية للمواطنين،
·      حشد كل الطاقات والإمكانات المتاحة لتحسين مستوى الإنتاج،
·      إتباع سياسة مبادئ الحكم الرشيد وترشيد الانفاق والشفافية والمساءلة،
·      الحد من الاستهلاك الترفي،
·      وتثبيت الأسعار ومراقبتها،
·      تنمية الموارد والاستفادة القصوى من الثروات النفطية والمعدنية والسمكية والزراعية والحيوانية والصناعية،
·      ضمان أداء الحكومة والسلطة المحلية بشكل منظم وفاعل، يحقق تفاعل جميع القطاعات العام والخاص والمختلط في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنموي،
·      زيادة الاهتمام بالمغتربين في المهجر وتقديم الرعاية المطلوبة لهم والتسهيلات الكافية.
(7)           الشعب اليمني شب عن الطوق والتكاتف المطلوب
وبعد أن أكد الرئيس هادي بأن الشعب اليمني قد شبَّ عن الطوق وتعلم الكثير من أزماته، شدد على ثقته بالشعب، مناشداً الجميع "إخلاص النوايا ومراجعة الذات والكف عن العبث والنزول عند مشيئة وإرادة الشعب في التغيير وصدق التوجه نحو المستقبل"، لتجاوز "الأوضاع الاقتصادية الصعبة" الناجمة عن "انهيار البنية التحتية وارتفاع كلفة مواجهة الإرهاب وتخريب أنابيب النفط والغاز ومضاعفة أعداد النازحين بين المحافظات،" و"تجميد معظم مشاريع البرنامج الاستثماري العام للدولة، وتعليق كثير من المانحين للقروض والمساعدات الخارجية."
(8)           الدبلوماسية الرئاسية الناجحة وجهود إعادة الاستقرار الاقتصادي والتنموي
وتطرق الرئيس هادي إلى الجهود التي قام بها والحكومة من أجل بعض الاستقرار المنشود للبلاد وأن يوقف النزيف في الموارد الاقتصادية ويضع اليمن على بوابة التنمية الحقيقية ويعيد الثقة في مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن مشاكل البلاد الاقتصادية قد حظيت خلال جولته الخارجية الأخيرة بقسط وافر من المباحثات التي "أثمرت نتائج طيبة ستنعكس إيجابا على تحسين الوضع الاقتصادي في الفترة القادمة، ومنها حشد موارد مالية تصل إلى 1,5 مليار دولار في مؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك تضاف إلى 6,4 مليار دولار تعهد بها المانحون في مؤتمر الرياض، كما تم الاتفاق على تعديل أسعار بيع الغاز اليمني لتتضاعف موارده العام القادم إلى حوالي 500 مليون دولار،" وكل ذلك من أجل دعم البرنامج الانتقالي للتنمية والاستقرار 2012-2014، وبرنامج الإنعاش الاقتصادي متوسط المدى، من خلال الدخول في "مرحلة جديدة من الشراكة المثمرة والعمل المشترك بين اليمن والمجتمع الدولي قائمة على الشفافية والإصلاحات ومحاربة الفساد والوفاء بالالتزامات المتبادلة،"، واعتماد "مسار سريع لاستيعاب المساعدات الخارجية يقوم على آليات عمل أكثر كفاءة وسرعة لتنفيذ وتمويل المشروعات الممولة خارجياً،"وذلك "بهدف تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وخلق فرص التشغيل، وتعزيز الحكم الرشيد وفرض سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان."
(9)           دور شركاء التنمية والاستثمارات الوطنية في تحفيز الاستثمارات الأجنبية والاقتصاد الوطني
وبعد أن شكر الرئيس هادي الأشقاء والأصدقاء وكل شركاء التنمية من الدول والمنظمات على مساندتهم للشعب اليمني في الجوانب السياسية والتنموية والإنسانية، أعرب عن أمله وتطلعه التعجيل بتخصيص تعهداتها المالية خلال الأشهر القادمة،" معرباً عن أمله في "أن تتدفق الاستثمارات الوطنية والخارجية على اليمن في الفترة القادمة باعتبارها عاملاً أساسياً لتحقيق الاستقرار من خلال توفير فرص عمل للعاطلين ورفع مستوى معيشة المواطنين وتنشيط قنوات التنمية في مختلف المجالات، وستجد كل الشركات الرعاية والاهتمام وتذليل كافة العقبات وسنقدم كافة التسهيلات اللازمة لإقامة المشاريع، فاليمن بلد استثماري واعد ويمتلك ثروات كبيرة تتطلب استغلالها بما يعود بالفائدة المشتركة على الشعب اليمني والمستثمرين."
وأعرب الرئيس هادي عن أمله الكبير في "أن يبدأ الرأسمال الوطني في زيادة وتوسيع استثماراته حتى يكون قدوة ونموذجا للرأسمال العربي والأجنبي." منوهاً إلى أهمية ودور "منظمات المجتمع المدني في دفع عجلة التنمية وإقامة شراكة حقيقية مع الدولة والحكومة في مختلف المجالات."
(10)     اليمن شريكاً استراتيجياً للمجتمع الدولي وأمن اليمن شأن أستراتيجي دولي
وفي ختام خطابه الهام، أعرب الرئيس هادي عن شكره للأشقاء والاصدقاء على "مواقفهم المشرفة والداعمة لليمن والمساندة للشعب اليمني للخروج من أزمته،" ولرعايتهم "للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية سيراً نحو كامل أهداف التسوية السياسية التي تلتقي مع أهداف مطالب الشباب السلمية ومصالح وأهداف الشعب اليمني بصورة عامة،" معرباً عن ارتياحه "للتنامي الحاصل والمستمر في علاقات بلادنا مع محيطها الإقليمي والدولي،" وعن أن اليمن سيظل يقدر "الدور العظيم لدول مجلس التعاون الخليجي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول الاتحاد الأوروبي في معالجة الأزمة وتجنيب اليمن ويلات الحرب والاقتتال" ويقدر أيضاً "حرصهم المستمر على مساعدتنا والتزامهم الكامل نحو عملية الانتقال السياسي السلمي،" وبعد أن أكد الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية على أن " أمن واستقرار اليمن يعد شأناً إستراتيجيا لدول المنطقة والعالم"،  أعرب عن حاجة اليمن إلى المزيد من الجهد "لدعم خطوات وقرارات التغيير التي يعبر باليمن بعيداً عن أية احتمالات للانتكاس أو الارتكاس"، مؤكداً على ثقته  التامة من أن "التعاون الأهم بين اليمن والدول الشقيقة والصديقة سيكون عنواناً بارزاً للعملية الانتقالية في مرحلتها الثانية."
الخلاصة
في التحليل النهائي لخطاب فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، بهذه المناسبة، فإنني أرى أنه قد توفق في وضع خطوط واضحة لما تبقى من المرحلة الثانية للتسوية السياسية اليمنية، بل خارطة الطريق نحو فبراير 2014، بعد أن أقر لأول مرة وفي إشارات واضحة إلى "ثورة الشباب السلمية" و"طموحاتهم المشروعة في التغيير والمساواة والعدالة الاجتماعية" وإقرار صريح أن الشباب هو من فجّرَ مسيرة التغيير وانتصر لها، وأن التغيير "بدأ يحقق ثماره"، وأن اليمن الجديد سيقوم بشكل جوهري على بلورة "مضامين وأهداف ثورة التغيير بأبعادها الوطنية والإنسانية الحقيقية".
وكان الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في خطابه السابق بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر الخالدة، قد أوصل مجموعة من الرسائل الواضحة أكدت أن مسيرة التغيير ماضية نحو هدفها، وأن على اليمنيين أن يعتبروا من ماضي التمزق والتشرذم والتقزم، لبناء يمن المستقبل.
أما في خطابه الأخيرة، أوضح الرئيس هادي، بشكل قاطع عجلة التغيير ماضية دون تراجع، في ظل محددات "التسوية السياسية" التي تشكل علامة فاصلة في التاريخ اليمني، ارتكزت على تكاتف القوى السياسية والمجتمع الاقليمي والدولي، وأطرتها تلك الجهود في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي أقرتها كل أطياف وأطراف العمل السياسي، والتي أكد عليها المجتمع الدولي من خلال قراري مجلس الأمن الدولي رقمي 2014 (2011) و2015 (2012)، والتي ساندها ويقف إلى جانبها كل أًصدقاء اليمن والمجتمع الدولي بأكمله.
إنها التسوية السياسية التي يجب أن تصل إلى نهايتها المرسومة، والمستهدفة في الأساس تحقيق مكاسب وطموحات "ثورة الشباب السلمية" المشروعة في التغيير. إنها التسوية السياسية التي فوضت مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي يجب أن يكون "أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر"، لوضع دستور جديد للبلاد وفقاً لمخرجاته التي يجب أن تستوعب كل ما يراه اليمنيون للمستقبل المأمول به.
لقد أوضح الرئيس هادي في خطابه أهمية جهود لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار جوهرية لإنهاء الانقسام والإعداد للحوار الوطني، وأوضح أيضاً دور الحكومة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية من مهام ترتبط بحياة المواطن بالدرجة الأولى، منوهاُ إلى أن الشعب اليمني شب عن الطوق وأنه يناشد الشعب وكل الأطراف على التكاتف اللازم لإنجاز المهام الانتقالية. كما أبرز الرئيس هادي الجهود الدبلوماسية الناجحة وجهود إعادة الاستقرار الاقتصادي والتنموي الذي تقوم به الحكومة، منوهاً بالدور الهام الذي يقوم به شركاء التنمية وعلى الدور الرائد الملقي على عاتق الاستثمارات الوطنية في تحفيز الاستثمارات الأجنبية والاقتصاد الوطني عموماً. وقد أكد الرئيس هادي في ختام رسالته أن اليمن لابد أن شريكاً استراتيجياً للمجتمع الدولي، إدراكاً منه أمن اليمن شأن أستراتيجي دولي يجب عليه الإسهام الفاعل والحقيقي في تأمينه وحمايته، بالتعاون الشامل والكامل والمتكافئ مع الإقليم والمجتمع الدولي.

Tuesday 9 October 2012


هل نحن قادرون على صياغة المستقبل الذي نريد؟
(3)
قراءة في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن وبياناته
وتحليل لقرارات رئيس الجمهورية

بقلم السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

(1)              في خطاب لفخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، مع الحكومة قبل مغادرته في زيارته الأخيرة إلى خارج البلاد، نبّهَ الأخ الرئيس إلى أن على الجميع إعادة قراءة الآلية التنيفذية إذا لم يكن قد استوعب بعد ما جاءت به، للإنتهاء من العملية الانتقالية في اليمن في موعده بداية ينبغي إعادة قراءة وتأكيد فهم واحد للتقدم الذي يجب إحرازه في المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية بموجب ما تنص عليه الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية.
(2)              ولهذا الغرض ينبغي التأكيد أن الآلية التفيذية نصت في الجزء الأول، في المقدمة، انها جاءت إدراكاً من الطرفين الموقعين عليها "(أ‌) أن المأزق الذي وصلت إليه عملية الانتقال السياسي قد زاد من تفاقم الاوضاع السياسية والاقتصادية والانسانية والأمنية التي لا تزال تتدهور بسرعة فيما يعاني الشعب اليمني مصاعب جمة." و"(ب‌) أن لشعبنا، بما فيه الشباب، تطلعات مشروعة إلى التغيير." و "(ج‌) أن هذا الوضع يتطلب وفاء جميع الأطراف السياسية بمسؤولياتها تجاه الشعب، عبر التنفيذ الفوري لمسار واضح للانتقال إلى حكم ديمقراطي رشيد في اليمن." وأنهما، أي الطرفين الموقعين، "ويعتمدان هذه الآلية على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي بما يتفق كلياً مع قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة 2014 (2011)." كما يجب التأكيد على ما جاء في المادة 4 التي تنص على أن " يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها  محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة."
(3)              ولسنا بحاجة إلى التعرض للمرحلة الأولى من الفترة الانتقالية، غير أن من المهم توضيح أمران مهمان، الأول، أن المرحلة الثانية مدتها عامان تبدأ "مع تنصيب الرئيس بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة وتنتهي بإجراء الانتخابات العامة وفقاً للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد." والأمر الثاني يتعلق بمجلس النواب، حيث أن استمرار مجلس النواب السابق في إداء مهامه خلال المرحلتين جاء يستند على الألية التنفيذية، التي سبق أن أشرنا إلى أن قراري مجلس الأمن الدولي والمبادرة الخليجية والآلية التنفيذية لها، تشكل في مجموعها إعلاناً دستورياً. ومن هنا جاءت المادتان 8 و9 من الآلية إلى مايلي:
"8) يكون اتخاذ القرارات في مجلس النواب خلال المرحلتين الأولى والثانية بالتوافق وفي حال تعذر التوصل إلى توافق حول أي موضوع يقوم رئيس مجلس النواب برفع الأمر إلى نائب الرئيس في المرحلة الأولى وإلى الرئيس في المرحلة الثانية الذي يفصل في الأمر ويكون ما يقرره ملزماً للطرفين.
9) سيتخذ الطرفان الخطوات اللازمة لضمان اعتماد مجلس النواب للتشريعات والقوانين الأخرى اللازمة للتنفيذ الكامل للالتزامات المتعلقة بالضمانات المتعهد بها في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وفي هذه الآلية."
(4) وهنا، نرى أن تفويض مجلس النواب بالاستمرار قائم على أساس الآلية التنفيذية، وأن مهامه مرتبطة بتمرير ما يلزم من تشريعات وقوانين تستلزمها "التنفيذ الكامل للإلتزامات المتعلقة بالضمانات المتعهد بها في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وفي الآلية."
(5) ويفهم ذلك من أن الآلية ألغت، بموجب المادة 4 منها، الآلية التي كانت قائمة قبل الآلية التنفيذية وتعتمد تمرير القوانين بالأغلبية التي يمتلكها الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام في الوضع السابق، حيث أن الآلية ساوت بين الأغلبية والأقلية في مجلس النواب، واعتمدت آلية "التوافق"، التي، إذا تعذر التوصل إليها، يقر رئيس الجمهورية أي قانون أو تشريع على النحو الذي يراه.
(6) وهنا، نجد أن الآلية التنفيذية منحت رئيس الجمهورية صلاحيات تشريعية، إذا تعذر "توافق" البرلمان، المستند في وجوده الاستثنائي على الآلية التنفيذية، لأداء دور محدد في تمرير ما يلزم من تشريعات لازمة لتنفيذ الآلية حتى نهاية فترة العامين، بانتخاب مجلس نواب جديد وفقاً لقانون انتخابات جديد ودستور جديد في فبراير 2014.
(7) وهناك صلاحية استثنائية أخرى منحتها الآلية التنفيذية لرئيس الجمهورية فيما يتعلق بسير أعمال حكومة الوفاق الوطني، التي نصت المادة 12 منها على أنه يجب تتخذ قراراتها "بتوافق الآراء وإذا لم يكن التوافق الكامل موجوداً بشأن أي قضية يتشاور رئيس الوزراء ونائب الرئيس أو الرئيس عقب الانتخابات الرئاسية المبكرة للتوصل إلى توافق، وفي حال تعذر التوافق بينهما يتخذ نائب الرئيس أو الرئيس عقب الانتخابات الرئاسية المبكرة القرار النهائي." وهكذا، فإن رئيس الجمهورية هو الفيصل في أي عمل تعجز الحكومة عن "التوافق" بشأنه.
(8) ومن هذا المنطلق نستطيع فهم أسباب عدم قبول نائب رئيس الجمهورية، حينها، تعيين وزير بدلاً عن وزير السياحة عندما تخلف عن القبول بالمنصب وإداء اليمين الدستورية، وأسباب تعيين رئيس الجمهورية وزير جديد للتعليم العالي، بدلاً عن الوزير السابق المستقيل، وتعيين وزير جديد للنفط والثروة المعدنية بدلاً عن سلفه الذي تم تعيينه وزيراً للتعليم العالي.
(9) وإذا كان هذا التفسير صحيحاً، فإنه يتماشى مع ما هدد به رئيس الجمهورية لأعضاء الحكومة بالالتزام بمهامهم دون الإلتفات إلى انتماءتهم إلى الحزبية، وهو الأمر الذي يحمل في معناه أن رئيس الجمهورية يمكن أن يعيد تشكيل "حكومة الوفاق الوطني" وإحلال محلها بتشكيل جديد تكون "حكومة وحدة وطنية"، وهي التسمية التي استخدمها قرار مجلس الأمن رقم 2015 (2012)!!!
(10) وقد جاءت تحذيرات رئيس الجمهورية للحكومة وأعضائها، لأن الرأي العام السائد هو أن الحكومة وأعضائها تتصرف في أداء اعمالها من منطلقات انتمائاتهم الحزبية، على خلاف ما نصت عليه الآلية التنفيذية، لاسيما ما يتعلق منها بالفقرات الثلاث الأخيرة من المادة 13 من الآلية، واللاتي تقضي بأن تقوم الحكومة بما يلي:
 "(ج)    إصدار تعليمات قانونية وإدارية ملائمة إلى جميع فروع القطاع الحكومي للإلتزام الفوري بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان؛
(د)    إصدار تعليمات قانونية وإدارية محددة إلى النيابة العامة ودوائر الشرطة والسجون والأمن للتصرف وفقاً للقانون والمعايير الدولية، وإطلاق سراح الذين احتجزوا بصفة غير قانونية.
(ه)    تلتزم حكومة الوفاق الوطني بكافة قرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والاعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة."

(11) هذا فضلاً عن أن المادة 15 وضعت منذ المرحلة الأولى، على حكومة الوفاق الوطني "مهام وضع وتنفيذ برنامج أولي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية الاقتصادية وتلبية الاحتياجات الفورية للسكان في جميع مناطق اليمن"، و"تنسيق العلاقات مع الجهات المانحة في المجال الإنمائي"، و"ضمان أداء المهام الحكومية على نحو منظم بما فيها الإدارة المحلية وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون وحقوق الإنسان والشفافية والمساءلة"
(12) فلاتزال الحكومة لاتعمل بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، ولم يطلق المحتجزون بصفة غير قانونية ولاتعمل النيابة ودوائر الشرطة والسجون والأمن وفقاً للمعايير الدولية، وتتعمد بعض الوزارات عدم الالتزام بكافة قرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والاعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة.
(13) أما ما نصت عليه المادة 15 فقد تخلفت الحكومة عن إنجازه في المرحلة الأولى من حتى الآن، على الرغم من الزخم الدولي الكبير الذي سبق ولحق زيارة فخامة الأخ رئيس الجمهورية إلى الولايات المتحدة، وترأسه وفد بلادنا إلى اجتماع المانحين الرابع في نيويورك.
(14) ومن هنا نفهم قيام رئيس الجمهورية بإصدار قراره رقم (140) لسنة 2012م بإنشاء وتشكيل لجنة للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان لعام 2011، قبل مغادرته إلى نيويورك، وهو القرار الذي تلكأت الحكومة السابقة إصداره منذ سبتمبر 2011، بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان رقم (19/18/ res/hrc/a) لسنة 2011، الذي أكد على إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة وفقاً للمعايير الدولية، بعد تعهد وزير الخارجية في حكومة النظام السابق بتشكيلها بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وقيام وزير الخارجية، في نيويورك في 26 سبتمبر 2011 بتوقيع الاتفاق الخاص بفتح مكتب لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بعد تلكأ زاد عن ستة أشهر. وكان مجلس حقوق الإنسان يعقد جلسة في نفس وقت زيارة رئيس الجمهورية للنظر في اتخاذ قرار جديد بحق اليمن نتيجة تخلف اليمن بتشكيل اللجنة وافتتاح مكتب المفوضية. ويؤكد صحة هذا ما جاء في بيان الرئاسة المشتركة للاجتماع الوزاري لأصدقاء اليمن في نيويورك بتاريخ 27 سبتمبر 2012 ،
 "...... والمناقشة الجارية في مجلس حقوق الإنسان  (HRC) في 27 سبتمبر 2012 من أجل تقييم التقدم المحرز لمتطلبات قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 19/29 الصادر في 23 مارس 2012 ومن أجل اعتماد قرار آخر بشأن اليمن، مرحبين بالقرار الجمهوري الأخيرة لاجراء تحقيقات شفافة، ومستقلة في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في عام 2011. كما رحب الأصدقاء بافتتاح مكتب المفوض السامي لمكتب حقوق الإنسان في صنعاء."
(15) ومن الأمور الواجب إعادة قراءتها في الآلية التنفيذية، أن رئيس الجمهورية، يمتلك جملة من الصلاحيات تفوق تلك المبينة في الدستور، فقد نصت المادة 14 من الآلية التنفيذية، من بين صلاحيات أخرى، يمارس رئيس الجمهورية " ....
2-      ممارسة جميع مهام الرئيس المتصلة بمجلس النواب.
.....
4-      جميع المسائل المتصلة بمهام لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار.
5-      ادارة العلاقات الخارجية إلى المدى الضروري لتنفيذ هذه الآلية.
6-      اصدار المراسيم اللازمة لتنفيذ هذه الآلية."
(16) ومما تعنيه الفقرة 14/2 إمكانية حل مجلس النواب، اذا ما كان استمراره يشكل عائقاً أمام إنجاز الآلية التنفيذية، وعرقلة تقدم العملية السلمية. وتعني الفقرة 14/5 تولي رئيس الجمهورية إدارة العلاقات الخارجية إلأى المدى الضروري لتنفيذ الآلية التنفيذية، وهو الأمر الذي يفسر فشل وزير الخارجية من تمرير ترشيحات السفراء من وزارء المؤتمر السابقين الذين خرجوا من الحكومة السابقة. أما الفقرة 14/6 لعلها من أخطر ما جاء في الآلية التنفيذية، حيث تمنح رئيس الجمهورية صلاحيات مفتوحة لإصدار أية مراسيم لازمة لتنفيذ الآلية التنفيذية إذا ما قدر أن هناك ما يلزم، منها، على سبيل المثال لا الحصر، إلغاء قانون الحصانة ، أو إعلان حالة الطوارئ، أو حل الأحزاب، أذا ما كان ذلك لازماً وضرورياً للمضي قدماً في تنفيذ العملية الانتقالية!!!
(17) ومن المهم ونحن نقرأ المبادرة الخليجية قرأى تحليلة، أن نقول "التسوية السياسية" في اليمن، فصلت مهام التحول في توزيع راعى طبيعة الأوضاع اليمنية المعقدة، حيث أوكلت للحكومة مهام خاصة مقيدة في إنجاز مهام انتقالية على النحو الذي استعرضناه، بينما أوكلت الشئون العسكرية والأمنية إلى "لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار"، برئاسة رئيس الجمهورية تتولى المهام التالية:
 "(أ‌) إنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه.
(ب‌) إنهاء جميع النزاعات المسلحة.
(ج‌)  عودة القوات المسلحة وغيرها من التشكيلات العسكرية إلى معسكراتها وإنهاء المظاهر المسلحة في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن، وإخلاء العاصمة وباقي المدن من المليشيات والمجموعات المسلحة وغير النظامية.
(ح‌) إزالة حواجز الطرق ونقاط التفتيش والتحصينات المستحدثه في كافة المحافظات.
(خ‌) إعادة تأهيل من لا تنطبق عليهم شروط الخدمة في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
(د‌)  أية إجراءات أخرى من شأنها أن تمنع حدوث مواجهة مسلحة في اليمن.
17- تقوم لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار خلال مرحلتي الانتقال بتهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة مهنية ووطنية موحدة في إطار سيادة القانون."
(18) وقد أثارت هذه الاختصاصات لغطاً كثيراً أثر سلباً على تقدم العملية الانتقالية، ولم ينهيها إلا التدخل المباشر من سفراء الدول الراعية للعملية الانتقالية في اليمن والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر، وبصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2015 (2012) الذي نص على ضرورة التنفيذ الكامل وبموجب الأزمنة المحددة في المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، للانتهاء من الفترة الانتقالية في اليمن في فبراير 2014، من خلال تأكيد وجوب ان تركز الفترة الثانية من العملية الانتقالية "على:
·      عقد مؤتمر حوار وطني شامل للكل،
·      اعادة هيكلة القوات الأمنية والمسلحة تحت قيادة مهنية وطنية موحدة، وإنهاء كل الصراعات المسلحة،
·       خطوات لمعالجة العدالة الانتقالية وحشد الدعم للوفاق الوطني
·      الاصلاح الدستوري والانتخابي وعقد الانتخابات العامة في فبراير 2014"
(19) وقد كان هذا النص بمثابة اعادة صياغة وتوضيح لمهام الفترة الثانية للفترة الانتقالية كما جاءت في الآلية التنفيذية، في ظل رفض تنفيذ عدد من القيادات العسكرية والمدنية الموالية للرئيس السابق قرارات رئيس الجمهورية.
(20) كما أقر القرار "تواجد بسيط في اليمن يضم فريق خبراء لدعم تنفيذ خطوات العملية الانتقالية، ولتقديم النصح للأطراف وبالتنسيق مع الحكومة اليمنية، خاصةً في دعم عملية الحوار الوطني"، ما يعني ضمناً ان تقديم النصح هذا سيكون بمثابة استغناء عن لجنة التفسير التي كان من المفروض إنشائها في الاسبوع الاول بعد التوقيع على الآلية التنفيذية في الرياض. وقد تم إنشاء هذا المكتب مؤخراً.
(21) وهذا في حد ذاته تعديل لنص مهمل في الآلية، فضلاً عن تأسيس لآلية لم تكن موجودة من قبل تعكس اهتمام المجتمع الدولي بالحالة في اليمن بشكل استثنائي للتقيد بالسقف الزمني للانتهاء من الانتقال. 
(22) ومن اهم ماجاء في ذلك القرار أن المجلس هدد بأنه سيقوم باستخدام المادة 41 من الميثاق الواقعة تحت الفصل السابع المعنون "فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان"، مايعني ان المجلس أضحى يرى ان ممارسات القيادات السياسية والمدنية وتصديها لقرارات الرئيس والحكومة تمثل إعاقة تنفيذ القرار 2014 (2011) وأنها ترقى حالة تهديد للسلم.
(23) وتقع هذه المادة 41 في جملتين الأهم منهما فيما يخص الحالة اليمنية، هي الجملة الأولي التي تقول "مجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى الدول الأعضاء تطبيق هذه التدابير." ولعل مجلس الامن يشير هنا الى عقوبات من قبيل ما جاء في قرار الرئيس الامريكي من تجميد للأموال والأصول، اضافة الى عقوبات اخرى مثل منع السفر أو أى قرارات اخرى يراها مثل الإحالة المحكمة الجنائية الدولية، لاسيما بعد عرقلة اصدار قانون العدالة الانتقالية من قبل اطرافٍ في حكومة الوفاق الوطني.
(24) وقد سبق قرار مجلس الأمن الدولي هذا قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أصدره في 16 مايو 2012، هو الأول من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، لعله جاء ليبرهن جدية الولايات المتحدة التي تقود المجتمع الدولي في رعاية التحول السياسي في اليمن، وجاء فيه أن الرئيس الأمريكي يري "ان تصرفات وسياسات بعض اعضاء الحكومة اليمنية واخرين تهدد السلام والامن والاستقرار في اليمن، بالإضافة إلى عرقلة تلك التصرفات لعملية تنفيذ اتفاقية 23 نوفمبر 2011م بين الحكومة اليمنية والاطراف المعارضة لها، حيث توفر (الاتفاقية) إنتقال سلمي للسلطة تلبي المطالب المشروعة وتطلعات الشعب اليمني للتغيير، وكذا إعاقة العملية السياسية في اليمن." بل أن القرار أقر "أيضاً ان تلك الخطوات تشكل تهديداً غير اعتيادي وفريد من نوعه للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. بناءاً عليه، أعلن حالة طوارئ وطنية للتعامل مع هذا التهديد." وهو القرار الذي فوض وزارتي الخارجية والمالية الأمريكيتين، باتخاذ جملة من الاجراءات في حق كل من يعيق الانتقال السلمي في اليمن.[1] وقد شكل القراران الأممي والأمريكي، ردعاً حقيقاً لمعيقي العملية السلمية في اليمن، ولايزالا.
وللحديث بقية.



[1]  "مادة 1:
كافة الممتلكات والاصول والمصالح داخل الاراضي الامريكية، او تلك التي تدخل في وقت لاحقاً في إطار الولايات المتحدة، أو تأتي في إطار ملكية أو سيطرة الولايات المتحدة أو سيطرة اي مواطن امريكي، بما في ذلك الفروع الخارجية، يتم تجميدها ولا تحول او تنتقل ملكيتها أو تباع أو تسحب أو تصدر أو تدفع أو يتم التعامل بها: للأشخاص الذي يصنفهم وزير الخزانة بالتشاور مع وزير الخارجية لقيامهم بالأعمال التالية:-
أ‌)    الانخراط في الاعمال التي تهدد بشكل مباشر او غير مباشر السلام والامن والاستقرار في اليمن بما في ذلك عرقلة تنفيذ اتفاقية 23 نوفمبر 2011م بين الحكومة اليمنية والاطراف المعارضة لها، حيث توفر الاتفاقية إنتقال سلمي للسلطة في اليمن، وكذا عرقلة العملية السياسية في اليمن؛
ب‌)   تتضمن الشخصيات العسكرية أو السياسية لأي كيان أو طرف شارك في الاعمال المدرجة في المادة (أ)؛
ج‌)  من قام بتوفير المواد أو دعم او ساهم مالياً ومادياً أو قدم دعم تكنولوجي أو خدمات أو بضائع تدعم الاعمال المدرجة في المادة (أ) و عليه يتم تجميد أصول ومصالح اي شخص وفقاً لهذا القرار؛
د) تجمد مصالح وأصول اي شخص بحسب هذا القرار  وهي الاصول التي يملكها أو يسيطر عليها، أو  لمن يقوم بالتصرف بها أو لمن زعم التصرف نيابة عن الاشخاص أو بشكل مباشر أو غير مباشر؛
مادة 2:
قررنا بأن القيام بتبرعات المحظورة على ضوء القرارات المنصوصة في المادة 203(b)(2) of IEEPA (50 U.S.C. 1702(b)(2)) من أجل أو من قبل أو لمصلحة أي شخص جمدت ممتلكاته ومصالحه وفقاً للمادة (1) لهذا القرار، فأنه سيعيق بشكل ملموس القدرة على تطبيق حالة الطوارئ الوطنية التي أعلناها ضمن هذا القرار وأنا هنا أمنع هذ التبرعات كما نصت المادة (1) لهذا القرار.
مادة 3:
المحظورات في المادة (1) لهذا القرار تشمل ولكنها لا تقتصر على:-
أ‌) القيام باي تبرعات أو توفير اموال أو بضائع أو خدمات من أجل أو من قبل أو لمصلحة أي شخص جمدت ممتلكاته ومصالحه في الاصول وفقاً لهذا القرار – وكذا (تابع ادناه)؛
ب‌)  أستلام أي اموال او مساهمات أو بضائع أو خدمات من أي شخص محظور.
مادة 4:
المحظورات المدرجة في البند (1) من هذا القرار تطبق فقط في إطار اللوائح والقرارات والاوامر والتوجيهات والتراخيص التي قد تصدر على ضوء هذا القرار  بالإضافة إلى الاتفاقيات والعقود المبرمة او التراخيص المستخرجة قبيل تاريخ اصدار هذا القرار.
مادة 5:
لا تتضمن بنود الفقرة الاولى لهذا القرار  معوقات تحظر إكمال المعاملات الرسمية لحكومة الولايات المتحدة وممثليها وموظفيها ومقاوليها.
مادة 6:
أ‌) اي إجراءات تؤدي إلى التهرب او التجنب أو حتى لغرض التهرب أو التجنب تعتبر إنتهاكاً أو محاولة لإنتهاك النصوص المضمونة لهذا القرار.
ب‌)  اي مؤامرة تهدف إلى إنتهاك بنود ونصوص المحظورات وفقاً لهذا القرار.
مادة 7:
في عناية هذا القرار:-                               
أ‌)  المصطلح "شخص" يعني فرد او كيان؛
ب‌)  المصطلح "كيان" يعني شراكة، جمعية، صندوق، مساهمة، مؤسسة، جماعة، مجموعة، جماعة فرعية أو اي تنظيم؛
ج) المصطلح "شخص امريكي" يعني مواطن امريكي، مقيم دائم، مقيم أجنبي، منظمة اسست بحسب القوانين الامريكية او تقع في إطار صلاحيات الولايات المتحدة (بالإضافة إلى الفروع الخارجية) أو اي شخص داخل الاراضي الامريكية.
مادة 8:
للأشخاص وأولئك الذين جمدت اصولهم ومصالحهم وفقاً لهذا القرار وقد يكون لهم وجود وحقوق دستورية في الولايات المتحدة، ارى أنه بسبب القدرة على نقل وتحويل الاصول والاموال بشكل فوري، فأن اشعار سابق  لمثل هذا الشخص أو توضيح الخطوات والاجراءات التي قد تتخذ على ضوء هذا القرار  قد يؤثر في فعالية القرار. وبناءاً عليه، قررنا انه في سبيل تمرير هذه التدابير بشكل فعال ومواكبة مع إعلاننا بحالة الطوارئ الوطنية وفقاً لهذا القرار، لن يكون هنالك إشعار سابق بإضافة شخص او كيان بحسب مواد الجزء الاول.
مادة 9:
وزير الخزانة و بعد التشاور مع وزير الخارجية مخولين الآن باتخاذ الاجراءات اللازمة بما في ذلك إصدار القوانين واللوائح والاستفادة من الصلاحيات الرئاسية المضمونة في قانون  IEEPA بحسب الضرورة لتنفيذ أهداف هذا القرار. يحق لوزير الخزانة توزيع المهام وتخصيص الادوار لأياً من هذه المهام إلى مسؤولين ووكالات حكومة الولايات المتحدة بحسب النظام والقانون. على كافة مؤسسات ووكالات حكومة الولايات المتحدة الامريكية اتخاذ كافة التدابير والاجراءات  بسحب سلطاتها لتنفيذ بنود هذا القانون.
مادة 10:
وزير الخزانة وبعد التشاور مع وزير الخارجية مخولين الآن برفع التقارير الدورية والنهائية للكونجرس بخصوص اعلان حالة الطوارئ الوطنية المضمون في هذا القرار والذي يتفق مع المادة 401c  لقانون NEA (50 U.S.C. 1641(c) و قانون 204(c) of IEEPA
(50 U.S.C. 1703(c))
مادة 11:
لا يهدف هذا القرار ولا يقصد به خلق مصلحة أو حقوق أو خطوات إجرائية قانونية مسبقة أو موضوعية ضد الولايات المتحدة ووزارتها ووكالاتها ومؤسساتها وكياناتها وضباطها وموظفيها ومسؤوليها ووكلائها أو اي شخص ذات صلة."