Friday 28 September 2012

U.S. Government Assistance to Yemen

U.S. Government Assistance to Yemen

اجتماع أصدقاء اليمن يمنح اليمن مليار ونصف إضافية للمرحلة الانتقالية


المجتمع الدولي يعيد تأكيد مساندة اليمن بمساعدات إضافية
نيويورك، 27 سبتمبر 2012 - أعلن اليوم في مؤتمر "أصدقاء اليمن" في مدينة نيويورك عن تقديم تعهدات إضافية لليمن قدرها 1.5 مليار دولار أمريكي، مما يرفع مجموع مبالغ المساندة الدولية لعملية التحوّل الجارية منذ سنتين في اليمن إلى 7.9 مليار دولار أمريكي.    
وقال محمد سعدي، وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني: "تبيّن التعهدات الإضافية التي جرت اليوم الالتزام القوي من جانب المجتمع الدولي باليمن في فترة التحوّل الجارية حالياً. والحكومة اليمنية ملتزمة بالعمل مع الشركاء في عملية التنمية بغية ضمان التنفيذ السريع والفعال والشفاف للمشروعات التي يمولها المجتمع الدولي. فالشعب اليمني يريد رؤية الفرق سريعاً".     
وقد تحدّث رئيس حكومة الوفاق الوطني في اليمن  الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مؤتمرأصدقاء اليمن الذي اشترك في رئاسته وليم هيغ، وزير خارجية المملكة المتحدة، والأمير عبد العزيز بن عبد الله، نائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية. وحضر ذلك الاجتماع كل من: بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ووزراء خارجية البلدان التي تشكّل مجموعة أصدقاء اليمن، فضلاً عن مندوبين عن مجموعة واسعة من منظمات التنمية الدولية.          
وجاء اجتماع مدينة نيويورك عقب مؤتمر ناجح عقدته البلدان المانحة في العاصمة السعودية الرياض في أوائل هذا الشهر. ووصل مؤتمر المانحين، الذي اشترك في رئاسته كل من البنك الدولي والمملكة العربية السعودية واليمن، إلى الهدف التمويلي الخاص به مع تعهد المانحين الدوليين بتقديم ما يزيد على 6.4 مليار دولار أمريكي. وسيكون هذا المبلغ كافياً لسد نقص الموازنة الخاصة بخطة الحكومة المؤقتة بشأن الإعمار الاقتصادي في فترة الأشهر الثمانية عشر القادمة، بينما يجري إنجاز المهام الحيوية المتمثلة في وضع دستور جديد وتنظيم انتخابات جديدة. كما سيكون كافياً لمساندة الحكومة الجديدة في الفترة التي تلي الانتخابات مباشرة.          
وتعتبر التعهدات الأخيرة تأكيداً إضافياً على التزام اللمجتمع الدولي بنجاح عملية التحوّل الجارية في اليمن.
وفي هذا السياق، قالت إنغر أندرسن، نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "هذه علامة واضحة على أن المجتمع الدولي على علم بما ينطوي عليه الوضع في اليمن. ومن المهم جداً الاعتراف بالتحديات الضخمة التي ينبغي على اليمنيين التغلب عليها في سبيل بناء مجتمع متسم بالعدل والاشتمال بغية تحقيق الاستقرار الذي هم بحاجة ماسة إليه. فالتعهدات التي تم تقديمها اليوم تعزز المساندة الدولية التي ستتيح لهم أفضل فرصة لتحقيق النجاح".                        
وقد تم تحقيق تقدم كبير منذ توقيع الاتفاق الذي رعاه مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر/تشرين الثاني من السنة الماضية الذي أنهى حوالي سنة من الاضطرابات السياسية. وجرى تشكيل حكومة وحدة والبدء بحوار وطني بشأن مستقبل اليمن. ولكن لأن أكثر من نصف سكان اليمن يعيشون في الفقر ويعاني مليون طفل من سوء التغذية، فإن اليمن يقف على حافة أزمة إنسانية. علماً بأن الوضع يزداد تفاقماً نتيجة استمرار الأعمال الحربية التي أدت إلى تشريد 150000 شخص منذ مايو/أيار 2011.          
جدير بالذكر أن اجتماع اليوم هو الرابع لأصدقاء اليمن، وهم مجموعة من البلدان والمنظمات المشتركة بين الحكومات تتصدّرها المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية، وجرى تشكيلها لمساعدة اليمن في تطوير اقتصادها ومواجهة التمرّد.            

تقرير هيومن رايتس ووتش بشأن تحقيقات الحكومة السابقة حول جمعة الكرامة


 (صنعاء) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن التحقيق الذي أجرته الحكومة اليمنية السابقة فيما يسمى بمذبحة جمعة الكرامة يوم 18 مارس/آذار 2011 تشوبه العيوب والتدخل السياسي من أوله إلى أخره.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات اليمنية أن تأمر بتحقيق جديد في الهجوم، الذي كان الأكثر دموية، وقد شنّه مسلحون مؤيدون للحكومة على المتظاهرين، في أثناء انتفاضة 2011. تسبب الهجوم الذي وقع في صنعاء في قتل 45 شخصاً وجرح ما يناهز 200 آخرين، وصار رمزاً لمقاومة الرئيس في ذلك الوقت على عبد الله صالح. تقرر بدء المحاكمة الجنائية لـ78 متهماً في القضية يوم 29 سبتمبر/أيلول 2012.

قالت ليتا تايلر، باحثة أولى في شؤون اليمن في هيومن رايتس ووتش: "شابت تحقيقات الحكومة السابقة في جرائم القتل بجمعة الكرامة عيوب جسيمة، وربما كان التحقيق محاولة سافرة لحماية مسؤولين حكوميين من الملاحقة الجنائية. على الحكومة اليمنية الجديدة أن تظهر التزامها بتحقيق العدالة في الانتهاكات الخطيرة للحقوق وذلك عن طريق إجراء تحقيق جديد".

من بين عيوب أخرى تشوب تحقيق جمعة الكرامة، إنه لم يتم اُستدعاء مسؤولين رفيعي المستوى للاستجواب وضعهم شهود العيان موضع الاشتباه، بمن فيهم محافظ كان سطح منزله بصنعاء يمثل منطقة التجمع الرئيسية للمسلحين وهم يطلقون النار على المتظاهرين. بعد الهجوم بستة أسابيع، أقال علي عبد الله صالح النائب العام بعد أن طالب باعتقال المشتبه فيهم الرئيسيين، ومنهم مسؤولين حكوميين.

من بين 78 مشتبهاً وردت أسماؤهم في لائحة الاتهام بالهجوم في يونيو/حزيران 2011، يظل 30 على الأقل مطلقي السراح، بمن فيهم المتهمان الرئيسيان ـ عقيد وشقيقه كانا يشغلان وقتها منصبين أمنيين رفيعين. يزعم محاميو المتهمين والضحايا على حد سواء أن السلطات لم تبذل جهدًا جدياً للعثور على المشتبه بهم. لم يُتهم بالقتل العمد إلا 2 من بين الـ14 متهماً الذين احتجزوا على ذمة التحقيق. أبدى محاميو الضحايا التخوف من أن يكون المتهمون المحتجزون مجرد متفرجين أبرياء أو شركاء ثانويين على الأكثر، وهم يسعون بدورهم إلى تحقيق جديد في الواقعة.

وقعت جرائم القتل بالطرف الجنوبي من ميدان التغيير، الذي كان وقتها معقلاً للمتظاهرين المعارضين لعلي عبد الله صالح. مع انتهاء عشرات الآلاف من المتظاهرين من صلاة الظهر، بدأ مسلحون ملثمون في إطلاق النار عليهم من الشارع، ومن فوق الأشجار، ومن أسطح المنازل، بما فيها منزل محافظ المحويت، وهي محافظة تقع إلى الشمال الغربي من العاصمة، حسب المقاطع المصورة وعشرات الشهود الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش ووسائل الإعلام أو شهدوا أمام السلطات.

في الأيام السابقة على إطلاق النار كان سكان المنطقة والموالون لصالح قد أقاموا جداراً حجرياً بارتفاع 2,5 متراً بين المتظاهرين والمسلحين، ثم أغرقوه بالبنزين وأضرموا فيه النيران مع بدء الهجوم، مما نشر سحب الدخان التي أخفت مطلقي النيران وحاصرت المتظاهرين. قام المتظاهرون بهدم الجدار وضربوا المسلحين المزعومين بوحشية، حسبما ورد في المقاطع المصورة وشهادات الشهود.

كان كل القتلى والجرحى تقريباً من المتظاهرين المصابين بالرصاص. وقد أصيب معظم القتلى في الصدر أو الرأس، وتتهم لائحة الاتهام 52 من المتهمين بإطلاق النار بنية القتل.

لم يستجوب المحققون كبار أفراد القوات الأمنية رغم توافر أدلة على إخفاقهم في حماية المتظاهرين، كما قالت هيومن رايتس ووتش. تم تحذير مختلف القوات الأمنية من هجوم محتمل، وتنبيههم فور بدايته، ومع ذلك فإن قوة الأمن المركزي، وهي وحدة شبه عسكرية كانت منتشرة حول نطاق ميدان التغيير، رحلت في الليلة السابقة ولم تعد لمدة 30 دقيقة على الأقل بعد بداية إطلاق النيران.

وقفت قوات الأمن المركزي، التي كانت مسلحة بالعصي ومدفع مائي فقط، وقفت تتفرج بينما كان بعض المسلحين الموالين للحكومة ظاهرين للعيان، حسب المقاطع المصورة وشهادة الشهود أمام السلطات، والمقابلات التي أجرتها هيومن رايتس ووتش. انسحب بعض المسلحين عبر طابور لقوات الأمن المركزي دون أن يستوقفهم أحد، كما قال اثنان من الشهود لـ هيومن رايتس ووتش.

قال يحيى صالح، قائد قوات الأمن المركزي وابن شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، قال لـ هيومن رايتس ووتش في مارس/آذار 2012 إنه "لم يكن هناك فشل" من جانب قواته. وقال إنه أرسل القوات على الفور لكنها لم تكن تملك سوى العصي وكان المسلحون يفوقونها تسليحاً.

قالت ليتا تايلر: "يوحي فشل قوات الأمن المركزي في منع إطلاق النار إما بالإهمال الجسيم أو بالتواطؤ مع المسلحين. ومع ذلك فإن النيابة العامة لم تستجوب قائد القوات قط، ولا حققت في مسؤوليتها".

أنكر النائب العام الجديد، علي أحمد ناصر الأعوش، والذي يحتفظ بمنصبه حتى الآن، أنكر أي تدخل من جانب مسؤولي الحكومة، وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن أي عيب يشوب القضية نتج عن رفض الشهود وأقارب الضحايا التعاون مع التحقيق. أقر الأعوش بأن المشتبه بهم يشملون أفراداً من قوات الأمن، لكنه قال إنه لا يعرف عددهم. يزعم محاميو الضحايا أن المتهمين الرئيسيين من أفراد قوات الأمن أو المسؤولين الحكوميين أو أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام التابع لعلي عبد الله صالح.

تستند استنتاجات هيومن رايتس ووتش بشأن التحقيقات، التي تقرر نشرها في تقرير مقبل، إلى مراجعة للائحة الاتهام، التي تضم ما يقرب من 1000 صفحة من أقوال الشهود، وفحص ما يزيد على 20 مقطع مصور للهجوم، ومقابلات مع أكثر من 30 شخصاً من ذوي العلم بمجريات القضية. ضمت تلك المقابلات شهوداً، ومحامين عن المتهمين وعن الضحايا، ومسؤولين حكوميين، وصحفيين يمنيين وأجانب كانوا في مسرح الواقعة.

يزداد تعقيد المحاسبة على الهجمات أيضاً بفعل قانون مرره البرلمان اليمني في يناير/كانون الثاني في مقابل استقالة علي عبد الله صالح، يمنح الرئيس السابق وكافة معاونيه حصانة شاملة من الملاحقة الجنائية على أية جرائم ارتكبت طوال حكمه الذي امتد 33 عاماً. تعهد محاميو الضحايا بالطعن على قانون الحصانة إذا تم تطبيقه على المتهمين الأعضاء في القوات الأمنية أو غيرهم من مسؤولي الحكومة.

في سبتمبر/أيلول قام الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي بالتوقيع على مرسوم بإنشاء لجنة مستقلة ومحايدة تلتزم بالمعايير الدولية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في أثناء انتفاضة 2011. لكن حتى لو طالبت اللجنة بإحالات جنائية فهناك خطر يتمثل في عدم انطباق التوصية على المسؤولين الحكوميين بسبب قانون الحصانة.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ورغم أن مرسوم هادي يعد خطوة مهمة، إلا أن ثمة حاجة إلى فتح تحقيق جنائي جديد في هجوم جمعة الكرامة بغض النظر عن جدول لجنة التحقيق. كررت هيومن رايتس ووتش نداءها للسلطات اليمنية بإلغاء قانون الحصانة، الذي يخالف التزامات اليمن القانونية الدولية بالملاحقة الجنائية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

قالت ليتا تايلر: "تتمتع تحركات الحكومة الجديدة لإنشاء لجنة تحقيق بأهمية حاسمة، لكنها يجب ألا تعتبر بديلاً عن الملاحقة الجنائية للمسؤولين عن جرائم خطيرة".


لمعرفة تسلسل الأحداث في أثناء الهجوم والتحقيق الأسبق، ومزيد من التفاصيل عن أوجه القصور في الإجراءات والشهادات المأخوذة من الضحايا، يرجى النظر أدناه.

هجوم مفصلي
تحولت مذبحة جمعة الكرامة إلى أحد الأحداث المفصلية في الانتفاضة المناهضة لعلي عبد الله صالح، حيث أثارت الاستنكار داخلياً ودولياً، وأدت إلى عشرات الانشقاقات في صفوف المسؤولين الحكوميين بمن فيهم أحد كبار القادة العسكريين، اللواء علي محسن الأحمر. بعد الهجوم بثلاثة أيام، انضم الأحمر إلى المعارضة ونشر قواته، الفرقة الأولى مدرع، لحراسة متظاهري ميدان التغيير. وافق صالح على ترك الحكم في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وبعد ثلاثة أشهر تنازل عن السلطة رسمياً لنائبه، عبد ربه منصور هادي.

رد المتظاهرون على رصاصات جمعة الكرامة بإلقاء الحجارة والطوب على المسلحين، وهدم الجدار الذي كان يفصل بينهم، واقتحام المباني، بما فيها مسكن محافظ المحويت الذي كان يؤوي الكثير من المسلحين، حسب المقاطع المصورة والعديد من الشهود. أشعل المتظاهرون النيران في منزل المحافظ وأسروا ما لا يقل عن 14 من المسلحين المزعومين وغيرهم من المشتبه بهم، وضربوهم بوحشية، كما قال عدد من الشهود. قامت لجنة أمنية في ميدان التغيير باستجواب المشتبه بهم ـ بقسوة، حسب محامي المشتبه بهم ـ وسلمتهم إلى الفرقة الأولى مدرع للجيش اليمني، على بعد نحو كيلومتر. ورد اسم أربعة من الـ14 مشتبه به الأصليين في لائحة الاتهام، وتم الإفراج عن الباقين.


الإقالة والفشل في الاستجواب

أعلن الرئيس علي عبد الله صالح حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً عقب الهجوم مباشرة، وأقال النائب العام عبد الله العُلفي من منصبه في 28 أبريل/نيسان 2011. في الأسابيع السابقة كان العلفي قد طالب القوات الأمنية بحماية المتظاهرين، وانتقد حالة الطوارئ، وأمر باستمرار حبس المشتبه بهم الـ14 جميعاً على ذمة التحقيق، وحسبما ورد في مقابلة أجراها مع صحيفة إقليمية، هدد بالاستقالة إذا لم يتم اعتقال أهم المشتبه بهم، ومنهم مسؤولين حكوميين.

بعد الهجوم بثلاثة أشهر، في 29 يونيو/حزيران، قام القاضي علي سعيد الصامت، كبير ممثلي الادعاء في القضية، بتقديم لائحة الاتهام التي تضم 78 متهماً إلى محكمة الجنايات الابتدائية بمنطقة غرب العاصمة. ورد في اللائحة أن ثلاثين متهماً ـ بمن فيهم كافة المتهمين الرئيسيين تقريباً ـ مطلقو السراح.

زعم محاميو المتهمين والضحايا أن النيابة وجهت الاتهام إلى المشتبه بهم بشكل تعسفي تقريباً، للتعمية على غياب المتهمين الرئيسيين. أفرجت المحكمة فوراُ عن 34 من المشتبه بهم لنقص الأدلة. ويبدو أن الكثيرين من هؤلاء المتهمين الـ34 قد لجأوا للاختباء، حيث لم يمثل أمام المحكمة في إحدى الجلسات في سبتمبر/أيلول سوى سبعة متهمين.

أسقطت لائحة الاتهام التهمة عن 59 من المشتبه بهم، بمن فيهم محافظ محويت أحمد علي محسن الأحول. يعد نجلي الأحول من المشتبه بهم الرئيسيين مطلقي السراح. كانت أسطح منزل المحافظ في صنعاء، الواقع على مسافة نحو 30 متراُ جنوبي الجدار، من المواقع الأساسية التي أطلق المسلحون منها نيرانهم. شهد أحد حراس بناية قريبة من [موقع] الهجوم أمام السلطات بأنه ألقى الحجارة على المتظاهرين لأن المحافظ أمره بمهاجمة المتظاهرين. وشهد شاهد آخر بأن المحافظ أمر بإقامة الجدار. لم يتم استجواب المحافظ قط.

يُزعم أن علي أحمد على محسن الأحول، ابن المحافظ، والعقيد الذي كان وقتها مدير التحريات بالإدارة العامة للمباحث الجنائية واسعة النفوذ في اليمن، كان يطلق النار من بندقية من سطح منزل المحافظ، كما تقول لائحة الاتهام، بناءً على شهادة شهود عيان. وهو وأخوه غازي أحمد علي محسن الأحول من بين المتهمين بالقتل العمد.

توحي شهادة أحد المتهمين بأن عليّ الأحول كان من بين الذين اعتقلتهم السلطات في البداية، رغم عدم وجود سجل يفيد باستجوابه أو احتجازه. شهد المتهم بأنه رأى عليّ الأحول وسط جماعة من المسلحين المزعومين كان قد تم نقلهم إلى سجن عسكري بالفرقة الأولى مدرع في عصر يوم الهجوم.

في 26 مارس/آذار 2011، نشر الموقع الإلكتروني المعارض "عين الإخبارية" ما زعم أنه مذكرة تحمل الختم الرئاسي وتوقيع صالح، تُبلغ وزارة الداخلية بـ"تجميد" أية محاولة من جانب النائب العام لاستجواب محافظ المحويت وابنه ومرافقيهما. لم تصدر حكومة صالح أي تكذيب لإصدار المذكرة. قال متحدث باسم الحكومة اليمنية الحالية لـ هيومن رايتس ووتش إنه لا يستطيع نفي صحة المذكرة أو إثباتها، وأن لجنة التحقيق الوطنية "ضرورية لفرز الحقائق من الأكاذيب" في مثل تلك المسائل.


جوانب أخرى أخرى في التحقيق تثير الشبهات

أبدى المحامون وغيرهم مخاوفاً إضافية لدى هيومن رايتس ووتش تتعلق بتعامل السلطات مع القضية:

  • تم استجواب عدد من المتهمين في البداية كشهود، وتلقوا إشعار ورود أسمائهم في لائحة الاتهام يوم صدورها، كما قال محاميوهم. يتطلب النظام القانوني اليمني أن توفر النيابة للمشتبه بهم فرصة الطعن على الاتهامات قبل توجيه الاتهام إليهم رسمياً، لكن المهلة القصيرة منعت هذا.

  • قالت إلهام أشرف أبو طالب، والدة أحد المشتبه بهم، لـ هيومن رايتس ووتش إنها حين ذهبت إلى مكتب النيابة للاستعلام عن ابنها، طلب منها أحد المسؤولين هناك وضع بصمتها على ورقة للمساعدة في الإفراج عنه. امتثلت السيدة إلهام أبو طالب للطلب لكنها قالت إنها لا تعرف القراءة ولا تعرف ما تقوله الورقة. وقالت إنها علمت بعد ذلك أن الورقة كانت شهادة زائفة تقرر أنها رأت مشتبهاً به آخر، ينحدر من عائلة بارزة من مؤيدي صالح، يتجه نحو الجدار في يوم الهجوم ومعه بندقية. قالت إلهام أبو طالب لـ هيومن رايتس ووتش إنها لم تر الرجل إلا وهو يقف مع ابنها وآخرين في أحد الأسواق.

  • يؤكد محاميو الضحايا والمتهمين على السواء أن أغلبية المتهمين الـ14 الذين احتجزوا على ذمة التحقيق أبرياء، ولم يبقهم في الحبس إلا افتقارهم للنفوذ. رغم اتهام 8 من الـ14 بإطلاق سلاح ناري بنية القتل، إلا أن اثنين منهم فقط من المشتبه بهم الرئيسيين، والباقون متهمون باعتبارهم شركاء. أحد المسجونين هو خالد سعيد أحمد باطرفي، وهو جامع قمامة عمره 65 عاماً اعتقله الجنود على بعد نحو كيلومتر من موقع الهجوم لأنه كان يحمل خرقة مبللة بمادة مشتعلة كالتي استخدمت في إشعال الجدار. في مقابلة مع باطرفي داخل السجن، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان يستخدم المادة للتنظيف.

  • من المشتبه بهم المسجونين الآخرين رجل مشرد محتجز منذ يوليو/تموز 2011 يدعي أن حالته هي حالة خطأ في تحديد الهوية، فهو ككثير من اليمنيين لا يملك هوية شخصية. في أثناء مقابلة داخل السجن مع هيومن رايتس ووتش، قال الرجل إن اسمه هو معمر علي حسين الحوت وليس معمر ناجي علي الحوت، وهو اسم أحد المتهمين في قضية جمعة الكرامة. اعترف الحوت بإرادته الحرة بأنه كان يعيش في مخيم لمؤيدي صالح وقال إنه مسجون بتهمة تعاطي الخمر وطعن رجل حاول أن يسرق نقوده وهاتفه الخلوي. عند اقتياد الحوت إلى المحكمة بعد أسابيع للنطق بالحكم الذي كان يتوقع أن يكون 80 جلدة في تلك الواقعة، أعاده القاضي على غير توقع منه إلى السجن بصفته أحد مطلقي النار، كما قال هو ومحاميه.

  • تتضمن مذكرة النيابة العامة لتلخيص القضية مزاعماً من بعض الشهود بأن أحد ضباط الفرقة الأولى المدرعة، الرائد عبد الله المخلافي، كان يقود جماعة من المسلحين أطلقت النار على المتظاهرين من فوق متجر للعسل قريب من الجدار. قالت لائحة الاتهام إن المحققين عجزوا عن التحقق من كون المخلافي هو مطلق النيران رغم أنه شخصية معروفة، ولم تستدعه النيابة العامة بغرض التعرف عليه ضمن طابور من المشتبه بهم أو للاستجواب.

  • أطلع المحامون هيومن رايتس ووتش على أخطاء عديدة في ملف لائحة الاتهام، بعضها جوهري. كثير من أسماء الشهود أو المشتبه بهم ناقصة أو غير صحيحة، بما فيها اسم واحد من المتهمين الرئيسيين، وهو ابن المحافظ غازي أحمد علي محسن الأحول. بدلاً من هذا تسرد لائحة الاتهام اسماً مشابهاً يقول محاميو المتهمين إنه اسم ابن غازي الأحول البالغ من العمر 10 سنوات. وتضم قائمة الجرحى الـ127 أربعة أشخاص على الأقل شهدوا بأنهم لم يجرحوا في ذلك اليوم بل في أثناء هجمات أخرى على المتظاهرين. ويبدو أن أسماء خمسة جرحى آخرين أدرجت مرتين على الأقل ولكن بتعديل طفيف فيها. تقدم محاميو المتهمين بمذكرة تزعم أن الصفحة الأخيرة من الشهادة مدسوسة، وهي الآن منظورة أمام محكمة الاستئناف بصنعاء.

مقتطفات من أقوال الشهود وغيرهم في قضية جمعة الكرامة
"قتل صديق شديد القرب مني، هو علي الصلاحي. كان يقف قرب الجدار. في الطريق إلى الجدار رأيته حياً. وفي طريق عودتي إلى الجدار رأيته ميتاً. كان يبدو وكأن مدفعاً آلياً كبيراً قد قتله. فيما بعد رأيت مقطعاً مصوراً على قناة سهيل التلفزيونية لبركة الدماء التي سالت من جسمه، ولمتظاهر آخر يغمس يديه في تلك الدماء ويدهن صدره بها. كان علي الصلاحي عريساً حديث الزواج. كان قد فرش لتوه شقة لأسرته الجديدة، لكنه لم يعش ليسكنها".
- خالد قائد محمد المليكي، 25 سنة، متظاهر ونائب ناظر مدرسة خاصة
 " طلب مني وكيل النيابة أن أضع بصمتي على ورقة وقال إنها ستساعد في الإفراج عن ابني، ففعلت. ما زلت لا أعرف ماذا كان بتلك الورقة لأنني لا أقرأ ولا أكتب. علمت فيما بعد أن وكيل النيابة قال إنني أخبرته بأنني رأيت باسم [المشتبه به باسم محمد حمود الحارثي، من أفراد عائلة يمنية بارزة] يحمل سلاحاً ويتجه نحو المكان الذي حدث فيه كل شيء. لم أره قط يحمل سلاحاً. كان يقف على الناصية مع أبنائي وغيرهم بالقرب من سوق القات، وهذا كل شيء".
- إلهام شرف أبو طالب، والدة المشتبه به أيمن يحيى بدر، 19 سنة
 "في ذلك الصباح استحممت ووضعت العطر وذهبت إلى الميدان. طهوت له الغداء لكنه لم يعد... نحن نريد محاكمة عادلة، لا تعويضاً".
- زينب أحمد معاد صلاح، والدة أحد ضحايا إطلاق النيران، صلاح عبد الله الشرماني، 22 سنة
http://www.hrw.org/ar/news/2012/09/27-0

Thursday 27 September 2012

نص البيان الختامي للاجتماع الرابع لمجموعة أصدقاء اليمن، نيويورك 27 سبتمبر 2012

نص البيان الختامي
اختتم الاجتماع الرابع لمجموعة أصدقاء اليمن اليوم [27 سبتمبر 2012] في مدينة نيويورك الأمريكية جلسات أعماله التي استمرت يوما واحدا بمشاركة ما يزيد عن " 39" دولة ومنظمة إقليمية ودولية مانحة.
واعتبر البيان الختامي الصادر عن الإجتماع، أن انعقاد هذا الإجتماع يمثل تجسيدا لاستمرار إظهار الدعم الدولي لعملية التحول الديمقراطي القائمة في اليمن التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة.
وأشار البيان إلى أنه تم الاتفاق بين الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المشاركة في الاجتماع على ضرورة دعم جهود القيادة والحكومة اليمنية الهادفة إلى التسريع بإحراز تقدم في الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية والأمنية من أجل مواصلة عملية التغيير في اليمن، مؤكداً دعم الدول والمنظمات المنضوية في إطار مجموعة أصدقاء اليمن الكامل لوحدة وسيادة واستقلال وسلامة الأراضي اليمنية والالتزام بمبدأ عدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وأشاد البيان بالتقدم المحرز منذ الاجتماع الوزاري الثالث للمجموعة في الرياض في 23 مايو والمتمثل في تشكيل اللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني والنتائج التي خلص إليها مؤتمر المانحين الذي انعقد في الرياض خلال الفترة 4- 5 سبتمبر 2012م، وأسفر عن تقديم سقف نوعي من التعهدات التمويلية يبلغ ستة مليارات وأربعمائة مليون دولار، وبدعم واتفاق المانحين والحكومة على إطار المسؤولية المشتركة.
كما أكد البيان دعم الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الأعضاء في مجموعة أصدقاء اليمن للقرارات الرئاسية المتعلقة بإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والأمن والترتيبات الحثيثة التي تجريها القيادة والحكومة اليمنية لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني في منتصف شهر نوفمبر القادم، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق بين كافة أعضاء المجموعة على ضرورة أن يقود اليمنيين أنفسهم عملية الحوار بدون تدخل خارجي وأن تضطلع منظمة الأمم المتحدة بمهمة تقديم الخبرات الفنية واللوجستية والمالية اللازمة لدعم مساعي عقد المؤتمر وتشجيع كل الأطراف اليمنية على المشاركة الكاملة والفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني.
ونوه البيان بجهود الحكومة اليمنية الهادفة إلى إعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية بنهاية العام 2012م بالتزامن مع مواجهة التحديات القائمة المتمثلة في تصاعد تهديدات تنظيم القاعدة، مشيدا بالخطوات الجادة التي أنجزت على صعيد إعادة هيكلة وزارة الداخلية وبالدعم المقدم من برنامج الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد وكذا الدعم المقدم من الولايات المتحدة لوزارة الدفاع اليمنية لانجاز ذات الغاية.

 الاستفتاء على الدستور الجديد
وأشار إلى الإجراءات التي تتخذها حكومة الوفاق الوطني لتسهيل عملية الاستفتاء على الدستور المخطط له في النصف الثاني من العام 2013 من خلال تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء وإعداد سجل للناخبين، كما ثمن الدور الهام الذي يضطلع به المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن جمال بن عمر في الإشراف على تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، ومبادرة الأمم المتحدة بافتتاح مكتب لإدارة الشؤون السياسية التابع للأمم المتحدة بصنعاء، وكذا مبادرة دول مجلس التعاون في افتتاح مكتب للأمانة العامة للمجلس في اليمن وافتتاح مكتب للمفوض السامي لحقوق الإنسان بصنعاء.
وأكد البيان إقرار الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الأعضاء في مجموعة أصدقاء اليمن بأهمية العدالة الانتقالية لدعم عملية التحول السياسي القائمة في اليمن، مبدياً ترحيب أعضاء المجموعة بالتزام الحكومة اليمنية بإقرار وتنفيذ قانون العدالة الانتقالية.
ونوه البيان بالتعهدات التي قدمتها الحكومة اليمنية وشركائها في التنمية في مؤتمر المانحين لليمن لإعادة تأكيد شراكتهما في عملية التحول الذي تشهده اليمن، وبالتعهدات التمويلية الإضافية التي تم إعلانها اليوم في إجتماع نيويورك، مشدداً على ضرورة سرعة تخصيص وتنفيذ الحكومة والمانحين لتعهداتهما المعلنة.
كما ثمن موافقة الحكومة اليمنية على إطار المسؤولية المتبادلة مع المانحين والذي يحدد التزامات كلا الجانبين بالسياسات والمؤشرات وترتيب المراقبة لضمان أن تعمل التمويلات الإضافية على سرعة وواقعية تحقيق المنفعة للشعب اليمني، لافتا إلى أنه تم الإتفاق على دعم حكومة الوفاق الوطني في تنفيذها لسياسة الالتزامات المحددة في إطار المسؤولية المتبادلة.
وحث البيان الختامي، صندوق النقد الدولي على الاستمرار في تقديم المزيد من الدعم اللازم لاستقرار الاقتصاد الكلي اليمني بما في ذلك النظر في برنامج للدعم الموسع، مرحباً بالتقدم المحرز في مجال التسهيلات الائتمانية السريعة في اليمن.
وحول الأوضاع الإنسانية المتردية في اليمن ناشد البيان المجتمع الدولي سرعه الإسهام في توفير التمويلات الإضافية لتنفيذ خطة النداء الموحد الهادف إلى تقديم مساعدات غذائية عاجلة لليمن.
كما أكد اتفاق مجموعة أصدقاء اليمن على أن تقوم الأمم المتحدة بتحضير وإعلان خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2013م لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الشديدة في اليمن، وتطوير التنسيق القائم مع الحكومة اليمنية والهادف إلى بناء القدرات في إيصال المساعدات الإنسانية ووسائل تنسيق الجهود في المجال الإنساني.
كما رحب البيان بقرب انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية، مشيراً إلى أن مجموعة أصدقاء اليمن اتفقت على الاستمرار في دعم اليمن لتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر الهادف إلى خلق الفرص الوظيفية للشباب.
كما أشادت مجموعة أصدقاء اليمن بالالتزامات المحددة في إطار المسؤولية المشتركة وبخاصة ما يتعلق بدعم مشاريع الأشغال العامة كثيفة العمالة وتنمية المشاريع الأصغر والصغرى والمتوسطة.
وثمن البيان مبادرة الأمم المتحدة بتأسيس برنامج الأمم المتحدة لسيادة القانون بكلفة تصل إلى 12 مليون دولار، مشدداً على أهمية التزام كافة الدول والمنظمات المانحة لليمن بالإيفاء بتعهداتها بشكل سريع وكامل، مبيناً أنه تم الاتفاق على عقد الاجتماع الخامس لمجموعة أصدقاء اليمن في شهر مارس القادم بهدف مراجعة التقدم المحرز في تنفيذ نتائج مؤتمر الرياض للمانحين والاجتماع الرابع للدول والمنظمات الأعضاء في المجموعة.
التعهدات المعلنة
أعلنت عدد من الدول والمنظمات الدولية المانحة لليمن تقديم مساعدات لدعم تنفيذ البرنامج الانتقالي المرحلي للاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد للعامين 2012- 2014. جاء ذلك خلال مشاركتها في الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء اليمن الذي حضره عدد من وزراء الخارجية العرب والأجانب في نيويورك بحضور الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وأعلن وزير الخارجية الكويتي مساهمة بلاده بمبلغ نصف مليار دولار لدعم اليمن خلال ثلاث سنوات مقبلة على شكل منح وقروض ميسرة لتمويل المشاريع الإنمائية الواردة في البرنامج المرحلي للأعوام 2012 -2013 -2014. وقال الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ان «دولة الكويت تعلن مساهمتها بمبلغ 500 مليون دولار خلال الثلاث سنوات المقبلة مخصصة لتمويل المشاريع الإنمائية الواردة في البرنامج المرحلي». بحسبما نقلته وكالة الأنباء الكويتية. وسرد الوزير الكويتي مساهمة بلاده في بناء مشاريع خدمية في اليمن منذ عام 1964. وجدد دعم الكويت لخطوات الانتقال السلمي للسلطة في اليمن وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مشيراً إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها اليمن والتي وصفها بالكبيرة والمتداخلة، مع ارتفاع معدلات «الفقر والبطالة بين الشباب»، إضافة إلى التحديات الأمنية التي قال إنها تمثل «عائقا كبيرا» أمام تحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.
من جانبها، أعلنت قطر بتقديم مساعدات قيمتها نصف مليار دولار تكرس لدعم الجوانب الإنسانية في اليمن، بحسبما نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).
وتعهدت إيطاليا بتقديم مساعدات إضافية إلى جانب مبلغ التعهد المعلن في مؤتمر الرياض للمانحين والبالغ 45 مليون دولار يكرس لدعم برامج اليونيسيف الهادفة إلى التخفيف من حدة تردي الأوضاع الإنسانية في اليمن ودعم الأمن الغذائي في اليمن.
كما أعلنت هولندا التزامها بتقديم مساعدات إضافية إلى جانب مبلغ التعهد المقدم منها خلال مؤتمر الرياض للمانحين والبالغ 100 مليون دولار.
وأعلن صندوق النقد الدولي تخصيص مبلغ 120 مليون دولار لدعم عملية الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن عبر برنامج استقرار اقتصادي تم إعداده بالتعاون مع الحكومة اليمنية.
فيما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها بتقديم مبلغ 150 مليون دولار كمساعدات إضافية لليمن إلى جانب مواصلة تقديم كافة أوجه الدعم اللازم لتنفيذ مشاريع إنمائية في اليمن في إطار المخصصات المالية المحددة لتنفيذ هذه المشاريع والبالغ كلفتها 304 ملايين دولار.
وتعهدت فرنسا بتقديم مبلغ 80 مليون دولار لدعم اليمن خلال المرحلة الانتقالية، إلى جانب مليون ونصف المليون دولار لدعم الاستقرار السياسي في اليمن وتعزيز قدرات اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء.
كما أعلنت استراليا تقديم مبلغ خمسة ملايين دولار لدعم مشاريع الأمن الغذائي، وتعهدت مملكة الدنمارك بتقديم عشرة ملايين دولار سنوياً لدعم إطار المحاسبة والمساءلة المتبادلة بين اليمن ومجتمع المانحين.

Wednesday 26 September 2012

هل نحن قادرون على صياغة المستقبل الذي نريد؟ (1)

هل نحن قادرون على صياغة المستقبل الذي نريد؟(1)
بقلم/ السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان
الأربعاء 26 سبتمبر-أيلول 2012 09:49 م

مهام الحوار الوطني الشامل القادم
نشر الكاتب الامريكي الشهير توماس فريدمان مقال بعنوان "عامل الخوف" في صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 26يونيو 2012، بعد انتخاب الرئيس المصري محمد مرسي، تطرق فيها الى مخرجات الربيع في مصر، وما آلت اليه ثورات الربيع العربي وحالة المراوحة التي وصلت اليها.
ويأتي استعراضنا هنا لهذه المقالة بعد قيام رئيس الجمهورية الاخ عبدربه منصور هادي مؤخراً باتخاذ عدد من القرارات والخطوات الهامة دفعت بعجلة العملية السياسية في البلاد، مرتبطة بتنفيذ المرحلة الثانية من المرحلة الانتقالية ومتطلباتها التي نصت عليها الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وهي القرارات التي سنأتي على ذكرها لاحقاً، وأهميتها بالنسبة للحوار الوطني الشامل الذي يخرج بالبلاد إلى بر الأمان، وذلك بعد ان كانت البلاد قد دخلت بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 (2012) حالة شبه جمود في مسيرة الانتقال السلمي للسلطة، واستشراء حالة من اليأس التي يعيشها المواطنين الذين يرون وكأن دماء الشهداء وتضحياتهم ومعاناة الضحايا وأهلهم وأسرهم تذهب إدراج الرياح وان هناك من يخطط لقطف ثمار انتصار الثورة والتضحيات.
يشير الكاتب الكبير الى ان قوة ثورات الربيع العربي تتلخص في انها حدثت لأن الشعوب العربية لم تعد تخاف من قادتها، وان ضعفها يكمن في انها تعيش حالة من الجمود لأن الشعوب العربية في دول الربيع العربي لاتزال تخاف من بعضهم البعض. ويرى الكاتب ان ثقافة الخوف هي بالضبط ما عمل الطغاة على تغذيتها ورعايتها. وان معظم القادة الذي سقطوا أداروا بلادهم مثل أدارة زعماء المافيا لعصاباتهم، انهم أرادوا من الناس أن يخشى بعضهم البعض أكثر من خشيتهم زعمائهم، بحيث يتمكن كل دكتاتور من يتربع على قمة المجتمع كله، يخلق الولاءات ويؤمن الحماية، ويحكم بقبضة حديدية على الجميع.
ويذكر فريدمان ان نجاح ثورات الربيع العربي في تحقيق أهدافها في أنظمة يسودها حكم القانون والمواطنة المتساوية لايتحقق بمجرد التخلص هذه الأنظمة الديكتاتورية لتجاوز ميراث الماضي، وانما من خلال خلق ثقافة التنوع والمواطنة المتساوية محل ثقافة الخوف . وحتى تنجح ثورات الربيع العربي في تحقيق ذلك، "ستظل القبائل تخاف من القبائل الأخرى في كل من ليبيا واليمن، وستظل الطوائف تخشى من الطوائف الأخرى في كل من سوريا والبحرين، وسيظل العلمانيون والمسيحيون يخشون من الإسلاميين في مصر وتونس."
ويستطرد فريدمان الى القول بأنه يخطئ من يعتقد أن الانتقال ببلدان ثورات الربيع العربي الى ثقافة وهوية "المواطنة المتساوية" سيكون أمراً سهلاً. فقد "استغرق أمريكا قرنين من النضال والتوافق لتصل الى اللحظة التي تمكنت فيها من انتخاب رجل أسود اسم والده حسين كرئيس للبلاد، والتفكير بعد ذلك في استبداله برئيس كم طائفة المورمون. وهذا في بلد كل أهله من المهاجرين."
ورغم التشاؤم الذي يمكن ان يوحي به مثل هذا الطرح حول صعوبة الوصول الى ثقافة المواطنة المتساوية، ينطلق الكاتب لينبه الى اهمية عدم إغفال "الأصوات الحقيقية والتطلعات الراسخة التي أدت إلى إطلاق شرارة تلك الثورات العربية"، وعدم إغفال طموحات الشباب العربي، في كل هذه البلدان، في "الوصول الى المواطنة الحقيقية ووجود حكومات يشارك فيها الجميع وتخضع للمساءلة."، ونبّه الى ان الزخم لدى الشباب لايزال موجوداً. واي حاكم سيكون مضطراً الى الاستجابة لهذه الطموحات!!
وعن التجربة المصرية، وكان المقال قبل أداء الرئيس محمد مرسي لليمين الدستورية، نوه فريدمان الى نجاح الرئيس المصري محمد مرسي يتوقف في انه في نهاية المطاف على مقدرته في "أن يتعلم العمل مع مكونات المجتمع المصري الاخرى من العلمانيين والليبراليين والسلفيين والمسيحيين"، حيث "سيكون لهذه التجربة تأثيرٌ كبيرٌ على جميع ثورات الربيع العربي الأخرى. فإذا تمكن المصريون من صياغة عقد اجتماعي قابل للتطبيق لحكم أنفسهم بأنفسهم، ستكون تجربتهم قدوة للمنطقة بأكمله." وهنا علينا أن نتذكر كيف ظللنا في اليمن نتابع تطورات الانتخابات المصرية وكأنها في عقر دارنا، ونتذكر الفرحة التي عمت في اليمن بنجاح الرئيس محمد مرسي، لأن نجاحه كان المقدمة الأولى لنجاح الثورة المصرية.
واستطرد المقال الى القول بانه يتعين "على الاخوان المسلمون الآن يمدوا أياديهم بصدق إلى 50٪ الأخرى من مصر – من مكونات العلمانيين، والليبراليين، والسلفيين والمسيحيين – وأن يؤكدوا لهم ليس بانهم لن يتعرضوا للأذى فحسب، وإنما أن وجهات نظرهم وتطلعاتهم سوف تكون متوازنة إلى جانب وجهات نظر وتطلعات جماعة الاخوان المسلمين. وسيتطلب هذا الأمر، مع مرور الوقت، ثورة في التفكير من قبل قيادة الاخوان المسلمين واعضائه ومنتسبيه الاقتناع فعلا بالتنوع الديني والسياسي وهم ينتقلون من المعارضة إلى الحكم. وهذا لن يحدث بين عشية وضحاها، ولكن إذا لم يحدث ذلك على الإطلاق، فإن التجربة الديمقراطية المصرية سوف تفشل، وسوف تشكل سابقة مخيفة للمنطقة."
وفي النهاية أشار الكاتب الى ان ما تحتاجه ثورات الربيع العربي هو اعتماد "المبادئ التي حددتها الأمم المتحدة في تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2002، الذي كتبه عربٌ ووجهوه للعرب. وهو التقرير الذي أن العالم العربي لكي يحقق ازدهاره فإنه بحاجة إلى التغلب على الوصول إلى الحرية المفقودة، وتجاوز العجز في المعرفة والعجز في تمكين المرأة، وأضاف فريدمان إلى ذلك تجاوز العالم العربي لعجزه عن القبول بالتنوع الديني والسياسي. ووجه الكاتب تصيحته إلى حكومة بلاده بأنه ينبغي عليها مساعدة أي بلد تعمل حكومته على أن تنفيذ تلك الأجندة - بما في ذلك مصر بقيادة رئيس من الإخوان المسلمين - ووقف دعمها لأي حكومة لاتلتزم بذلك."
ماذا تحقق حتى الآن من أهداف لثورات الربيع العربي
استبعاداً لنظرية المؤامرة، التي تتسيد الفكر السياسي العربي والأنظمة العربية منذ نشأتها، يمكن الجزم بأن ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، شكلت زلزالاً كبيراً في العالم العربي كله دون استثناء، لاتزال إرتداداته تهز كل الأنظمة العربية قاطبة، في تلك الأقطار وفي غيرها. وللتذكير، فإن علينا ألاّ ننسى أن هذه الثورات، من حيث الفعل الثوري للشباب العربي، لم تقتصر على هذه الأنظمة الجمهورية التي تحولت إلى أبشع أنظمة ديكتاتورية في التاريخ، وإنما تزامنت مع ثورات في دولتين عربيتين ملكيتين هما الأردن والمغرب، تحمل نفس المطالب في الخصول على الحريات المفقودة، في كل البلاد. وتعيش هذه البلدان التحرك الفعلي لتحقيق التغيير المطلوب لتأسيس أنظمة تمثل شعوبها تقوم على حرية الإنسان العربي وكرامته.
وهنا، أنجز المغرب تحولاً كبيراً في الوصول إلى أقامة ملكية دستورية تحكمها حكومة منتخبة ينتخبها ويحاسبها الشعب لا الملك، ووصل الإسلاميون إلى سدة الحكم، ووضع المغاربة دستوراً اعترف بالأماريغ ولغتهم واليهود وغيرهم من الأديان. والمغرب بلدٌ يحكمه ملك هاشمي.
ولاتزال الأردن ماضية في سعي شعبها في التحول نحو تحقيق نفس الهدف الذي أنجزته المغرب. ونجد الإسلاميون هنا في مقدمة صفوف الحراك السياسي. والأردن بلدٌ يحكمه ملك هاشمي.
ووصل الإسلاميون في تونس، ويقودون تجربة رائدة في التحول تشكل نموذجاً لتأسيس ثقافة التنوع والمواطنة المتساوية. وفي ليبيا، لم يفز الإسلاميون وإنما الليبراليون، مايسقط نظرية المؤامرة التي كانت قائمة بأن الإسلاميون هم الذي سينقضون على السلطة في ليبيا على أنقاض اللادولة التي صنعها القذافي، واليوم فقط تسلم المؤتمر الوطني العام الجديد في ليبيا الذي تشكل عقب الانتخابات الأخيرة في البلاد السلطة من الحكومة المؤقتة، الإسلامية، في خطوة هامة في مرحلة الانتقال السياسي السلمي الذي يحدث لأول مرة في تاريخ ليبيا.
أما مصر، على الرغم من فوز الدكتور محمد مرسي، من تيار الإخوان المسلمين، وعلى الرغم من التعثرات التي اعتورت مسيرة تأسيس الدولة المدنية، فإنها ماضية في طريق الوصل إلى تحقيق أهداف ثورة 25 يناير 2011 التي قادها الشباب المصري.
وفي سوريا، لاتزال الثورة متقدة في مواجهة نظام الأسد المتهاوي، والذي سيصل إلى مصيره المحتوم البشع حتماً، والذي أضحى قاب قوسين أو أدنى، وسينتصر الشعب السوري الصامد في الوصول إلى الحرية والانعتاق رغم التآمر الروسي والصيني ووقوفهما ضد إرادة الشعب السوري في إسقاط نظام الأسد البشع.
وفي المقابل، ليست لبنان استثناءاً رغم الديمقراطية الطائفية التي تنظمها، فقد بدأت أصوات تطالب بإعادة النظر في أوضاع البلاد، ومنها المطالبة بتحقيق العدالة الانتقالية والتحقيق في طل انتهاكات حقوق الإنسان منذ الحرب الأهلية في عام 1975.
ولايغيب عن أذهاننا من بدايات لثورة شعبية في طريقها لإسقاط نظام البشير الذي أحرق النسل والحرث في جنوب السودان وفي دارفور وفي شرق البلاد، ولايزال ممسكاً بسلطة آيلة للسقوط القريب. كما أن الجزائز شهدت متغيرات تتجه نحو الإصلاح بعد أن فشل الرئيس بوتفليقة في ترتيبات توريث أخيه. ويتحرك الشعب في موريتانيا في ذات الاتجاهات لإسقاط النظام الموريتاني الذي أسسه العسكر. وفي العراق يطالب العراقيون بالتغيير أيضاً.
ولايجب أن نفغل أيضاً ثورة الربيع العربي في البحرين، وما يتعرض له أبناء الشعب البحريني من الغالبية الشيعية من ظلم وقهر وإنكار لتطلعاتهم في إنجاز نظام حكم ملكي دستوري بحكومة تمثل حقيقة الشعب البحريني بكل أطيافه ومكوناته. وإن بدا أن بلدان أخرى في الجزيرة العربية في منأى عن التغيير في الظاهر، فإن الثروات، حتى الآن على الأقل، استطاعت أن تحقق ما يبدو وكأنه مطالب شعوبها، إلى جانب أنها تقوم بأدوار مركزية في محاولات التحكم بمخرجات ثورات الربيع العربي.
ولعل من الجدير بنا الإشارة إلى ما نشرته مجلة الايكونوميست البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 23 يونيو 2012 بعنوان "المملكة العربية السعودية: حان الوقت ان يفسح المسنون الطريق، يجب على اكبر مملكة عربية محافظة ان تقوم بالتغير السريع او الموت"، وقد جاء المقال، وليس الوحيد من نوعه، في أعقاب وفاة ولي العهد نايف بن عبدالعزيز، الذي وصفته المجلة بأنه هو الذي "يتصدر الجناح المتشدد في الاسرة الحاكمة المناهض للتغيير. وكانت وزارة الداخلية، التي أدارها على مدى 37 عاماً، لعنة للإصلاحيين. وحتى الآن لاتوجد أية إشارة الى أن وفاته ستطلق قوى التغيير." وأنه "والأمراء الآخرون الموالين له، يرون ان المملكة هي واحة للاستقرار والعقلانية في بحر من الفوضى والمد الثوري." "ويعتبر الربيع العربي لعنة بالنسبة لهم، وهم يكرهون ويخافون كل من الثوريين العلمانيين والإخوان المسلمين. وعلى الرغم من انهم ساندوا سقوط معمر القذافي في ليبيا لأنهم رأوا أن نظامه أكثر خطورة من البديل، الا انهم اعتبروا سقوط مبارك بمثابة كارثة. وذكرت المجلة خطوات الإصلاح التي يقودها الملك عبدالله بحذر، غير أن المسيرة تمضي ببطء شديد بسبب السلطات الدينية الرجعية، وأن النظام مستمر "في الاعتماد على رشوة وقمع سكان البلاد الثلاثين مليون لاسكاتهم. وعندما بلغت الثورة الديمقراطية ذروتها منذ عام، صرف الملك 130 بليون دولار كترضية ذات بعد اجتماعي." وتطرق المقال إلى أن مساعي المملكة في مواجهة وهزيمة المتطرفين الدينين الموالين لاسامة بن لادن، السعودي الذي سعى "للإطاحة بالملكية بسبب فسادها وتعاونها مع الكفار، وتحديدا الأمريكيون. وأبقت الاسرة الحاكمة عينيها مفتوحتان تراقب عُشر سكانها السعوديين من الشيعة المسلمين، والذين يعتبرهم الحكام السنيون زنادقة مرتبطين بإيران. كما ان الاسرة تتعامل بقسوة مع جماعة صغيرة الا انها متنامية من الإصلاحيين، من العلمانيين والاسلاميين، والذين يسعون لمشاركة سياسية أوسع للمواطنين العاديين بما فيهم المرأة."
وحذرت المجلة من أن البلاد وإن كانت هادئة "الا انها ليست مستقرة. وبالرغم من الثراء الفاحش للطبقة الحاكمة، فإن عدد الفقراء كبير بشكل غريب. فهناك ثلث الشباب السعودي عاطلون. وهناك 140000 سعودي يدرسون في الخارج سيطالبون بان تكون لهم كلمة عندما يعودون. وتجد وسائل التواصل الاجتماعي غير المرحب بها، بما فيها الفيسبوك واليوتيوب، منتشرة عبر الاثير. والطبقة الوسطى المتنامية لن تسترخي على مسند الرشوات والعطايا في مقابل التخلي عن ان يكون لها دور حقيقي في المشهد."
وحذرت المجلة من أن "الزمن لم يعُد في صف اسرة آل سعود. واذا ارادت الاسرة البقاء، فإن كبار السن بحاجة لأن يتركوا." وأن يتم اختيار ملكاً صغير في السن في الخمسين من عمره أو يزيد "فقد يستطيع حينها ان يبدأ إصلاحاً حقيقياً بمنح المزيد من السلطات لمجلس الشورى التابع للملك، وان يدفع بانتخاب الممثلين، ربما في المستويات الأدنى من الادارة كبداية." وكان هذا قبل إزاحة الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وتولية الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز المخابرات السعودية؟
وفي خلاصة القول حذرت المجلة أيضاً إلى أنه إذا "استمرت الاسرة السعودية في تقديم الرشوات والقهر، فمن المؤكد انه سيتم الإطاحة بها في نهاية الامر- ربما ليس خلال هذه الجولة من الثورة العربية، ولكن من المؤكد خلال ثورة اخرى."
وهناك أوضاع أخرى مرشحة للانفجار في سلطنة عمان وغيرها وقد بدت بعض المؤشرات في الطفو إلى السطح مطالبة بالمزيد من الحريات.
أما إلى أين وصلنا في اليمن في مسار تحقيق الانتقال السلمي للسلطة وأهداف ثورة الشباب السلمية والتحضيرات الجارية للدخول قي الحوار الوطني الشامل، فسوف نتناول ذلك في حلقات لاحقة.

Tuesday 25 September 2012

قراءة إيضاحية في خطاب الرئيس هادي بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر 1962

قراءة إيضاحية في خطاب الرئيس هادي
بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر 1962


استعراض
السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

القى الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة 26 من سبتمبر والرابعة والتسعين لقورة 14 اكتوبر. ويعتبر هذا الخطاب رسالة سياسية هامة لكل يمني بمختلف الانتماءات والمناطق والتفكير والمأرب والمصالح والآهداف، تضع النقاط على الحروف بشأن المرحلة التاريخية السياسية الحرجة من تاريخ اليمن السياسي، التي ستقود إلى بناء اليمن الجديد.

وفي بداية الحديث أشار الرئيس هادي إلى أن اضطراره للتواجد خارج الوطن يهدف إلى البحث عن "دعم يدير عجلة اقتصاد منهار ومتلمسا لعون يساعدنا جميعا على استكمال السير في إنجاز مهمة التغيير بسلام ودون خسائر."

وبهذه المناسبة، ذكَّر الرئيس هادي بنضالات شهداء الثورة اليمنية في شطري الوطن، مشدداً على "إن قيمة الثورات تتجسد بقدر ما تحمله من مشاريع بناء واهداف سامية تخدم الاوطان والبشرية." مؤكداً أن هدف تصحيات الشعب اليمني كان هدف واحداً في التخلص من ظلم الإمامة والاستعمار.

وقد استعرض الرئيس هادي أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لمستقبل اليمن الجديد، وهو الإشارة إلى وحدة اليمن التي لا يجب المساس بها قال الرئيس هادي، وأن تلك النضالات تؤكد "على ان اليمن وفي مختلف مراحل تاريخها القديم والوسيط وحتى الحديث والمعاصر ظلت الاسم الجامع لليمنيين على رغم التقسيم الذي طالها وصارت فيه دويلات وكيانات صغيرة،" وأن أي حديث عن عهود ما قبل الثورة إنما هو "حديث له علاقة بالماضي يهتم بتتبع تفاصيله واحداثه المؤرخون والباحثون والمحققون والعودة اليه في مناسبات كهذه يعد ضرورة فقط لاستخلاص العبر والاستفادة من الدروس،" وذلك في إشارة واضحة إلى رفض المساس بالوحدة اليمنية التي أسهم في تحقيقها كل اليمنيين، وأن التشرذم الذي عاشه اليمن يجب الاهتداء به في بناء اليمن الجديد الذي يجب أن يتسع لكل أبنائه.

وأول الدروس التي علينا ان نتعلمه هو "أن أي حكم يقوم على اساس عصبوي او سلالي او قبلي او بواسطة الاحتلال الاجنبي غصبا عن رغبات الشعب فان استمراره يعد ضد سنن الحياة، ومهما طال استمراره فلا بد ان تسقطه ارادة الجماهير." وأن أي تناول لسلبيات الماضي يجب أن يأتي من "قبيل التأمل والتحفز لعدم عودة ما يمكن ان يكون اجترارا لمرارة ماض نحتفل سنويا بالقضاء عليه."

وعند الحديث عن الخمسة العقود الماضية منذ قيام ثورة 26 سبتمبر، ذكَّر الرئيس هادي بالإخفاقات التي اعتورت مسارات الثورة اليمنية، وإن كل حكام اليمن شمالاً وجنوباً لايمكن لهم الادعاء بالنجاح في تحقيق "كل ما ثار ضده شعبنا وحلم به."

وعن المرحلة التي يمر بها اليمن، قال الرئيس هادي بأن نضال اليمنيين قد بلغ "لحظة حاسمة" بعد أن نجحوا "مجتمعين بانقاذ البلد من دمار كان وشيكاً، وهو ما يحتم علي دعوة العلماء والسياسيين والمثقفين والمشائخ والوجاهات الاجتماعية وقادة الرأي لاغتنام هذه اللحظة والعمل على خلق الارضية الصالحة للتوافق حتى تتسارع عملية التحول الشامل." مشدداً على أن "يعد بوسع أحد التسويف أو المماطلة لأن الجهود إذا توانت أو ضعفت الآن فسيكون ذلك بمثابة تفريط بفرصة توافرت الظروف لإنجاحها حتى اليوم على الطريق ينبغي أن يشجعنا على مضاعفة جهودنا للوصول إلى غايتنا لأن مسيرتنا نحو التغيير لا رجعة فيها وعلينا ألا نسمح للتردد أو المخاوف أن تثنينا عنه لأن عودتنا إلى الوراء ستكون بمثابة هزيمة لن تسامحنا الأجيال القادمة عليها لأنه سيعد تفريطا بحقها بالعيش في وطن آمن ومستقر."

وأكد الرئيس هادي، وهو يركز في حديثه عن الحاضر أن على الجميع توجيه الجهود من أجل "إصلاح ما أعوج فيه ليكون محطة انطلاق إلى مستقبل أفضل نريد تحقيقه"، ناصحاً الجميع بعدم تفسير التغييرات الجارية من خلال "سوء النوايا" لأن من غير الممكن "إعادة إنتاج" الماضي بسلطاته وشخوصه." مشدداً على "أن أيه عملية انتقال وبالذات حينما تكون بحجم ما نحن مقدمون عليه فإننا يجب أن لانتوقع أن تكون الأرض معبدة ومفروشة بالورد وبالذات حين يكون الهدف الذي نريد تحقيقه هو الانتقال من الشرعية التقليدية إلى مرحلة الشرعية الدستورية والقانونية وهو ما نواصل السير لتحقيقه." ومؤكداً على أن "المصالحة الوطنية وبناء الدولة" لن يكتب لها النجاج دون "اجتثاث الجذور الحقيقية لماضي الصراع والظلم" ذلك أن المستقبل يتوقف على تماسك اليمنيين الاجتماعي لتأمين الوطن وبقاء الديمقراطية، وقبل كل شي آخر على قدرة الدولة على "تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب وضمان تحقيق العدل والمساواة في الحقوق السياسية والمدنية واحترام حقوق الانسان،" معرباً عن ثقته في أن "من الممكن والعملي بلوغ هدفنا المتمثل في تهيئة حياة افضل للجميع" انطلاقاً من ثقته وإدراكه "ان هذه رؤية مشتركة لدى الاغلبية الساحقة من مواطنينا على اختلاف مستوياتهم وانتماءاتهم السياسية."

وفي سبيل ذلك، اكد الرئيس هادي أنه يعول كثيراً على أن يكون "الحوار الوطني الشامل هو الحامل لكل ما يريد شعبنا تحقيقه باعتبار ان الحوار يجب ان لايفسر بكونه ليس اكثر من تبادل افكار يقضي في النهاية الى ان كل طرف يحاول فرض مشروعه على الاخر، بل ان الغرض الاساس يتمثل بالوصول الى قناعات مشتركة حول ماهو البديل الافضل للبلد،" من خلال التوصل إلى "افكارٍ تقود لبناء وطن ودولة، لا سلطة وحكومة او حزبا." وأكد الرئيس بأن اليمنيين لا يملكون خياراً غيره على الرغم من المعوقات، رغم استمرار تخوف البعض من "الديمقراطية ولكن هذه الخشية لا يمكن السماح لها بان تقف في وجه الحل الوحيد الذي يضمن الخروج بالبلد من مرحلة التوافق الى مرحلة الاستقرار لانه وبدون تحقيق ذلك ستكون اعاقتنا دائمة."

ووعد الرئيس هادي في كلمته الشعب اليمني، بعد أن أكد اصراره على المضي في قيادة التغيير رغم المخاطر والمشاث، بالقول "وكل ما أعد به" إزاء كل "ما يمكن ان يؤدي الى تعطيل مسار التغيير"، أنه لن يلتزم إزاءه "امامه الصمت والحياد وبالذات في مسألة هي بالنسبة للبلد مسألة مصير،" مؤكداً على ماسبق أن عاهد الله والشعب بالمضي قدماً، وعدم الاستسلام وأنه سيستمر وسيواصل العمل "حتى يصل البلد الى الضفة الامنة، متحرراً من حمولات الماضي واثقاله وتبعاته وتأثيره شخوصا وافكارا، واعتبر نفسي ملزما اخلاقيا ودستوريا بالمضي فيما بدأت لان ما اقوم به هو تنفيذ لارادة الشعب الذي استمد منه القوة والعزم لاستكمال المقاصد التي ارتضاها الجميع فيما حوته بنود المبادرة الخليجية لإخراج اليمن من أزمته." معرباً عن التقدير لدور "المجتمع الإقليمي والدولي حق قدره في تحقيق هذا القدر مما تحقق من استقرار."

وبعد أن تعرض للإرهاب والتطرف والضربات الناجحة التي وجهت إلى القاعدة وأنصار الشريعة، أشار إلى أن هناك دعوات من بعض الدوائر لفتح حوار مع عناصر هذه الجماعات، أكد الرئيس هادي على أنه لا يمكن فتح أي حوار قبل أن "تعلن القاعدة عن موافقتها علي تسليم أسلحتها وإعلان توبتها من أفكارها المتطرفة البعيدة عن الإسلام وتخليها عن حماية العناصر المسلحة من خارج اليمن وبحيث يكون ذلك بمثابة فتح باب للحوار." ونوه إلى رفض هذه الشروط.

وعن مهمته في الفترة الانتقالية أكد الرئيس هادي أن "مهمتنا في الأساس سياسية تقتضي تهيئة الظروف التي من شأنها ان تتيح إنتقال آمن للسلطة ومن ثم التهيئة والتحضير لانتخابات برلمانية ورئاسية إلا ان غاية مثل هذه ما كانت لتتم في ظل اقتصاد منهار وأمن منفلت ومجتمع مفكك ولذلك مشينا في المسارين السياسي والاقتصادي واعتبرنا أن كل منهما مكملا للأخر وبحيث يؤدي اختلال أي منهما إلي اختلال الأخر." وهو الأمر الذي "تحقق من خلال اجتماع مؤتمر المانحين وأصدقاء اليمن في الرياض ونيويورك " مشدداً على أهمية وضرورة استيعاب ابتعاد الوزراء "مربع السياسة وتفرغوا لأعمال وزاراتهم بعيدا عن مساندة أحزابهم بالمناكفات التي لا تساعد علي البناء بقدر ما تؤدي الي الهدم."

وهدد الرئيس هادي بأن "الشعب بعد كل ما عانى لا يحتاج الي حكومة حزبية وإنما لحكومة مهنية تعمل لأجله وتلبي احتياجاته في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية والذي لا يمكن العثور على حلول لها إلا عندما يلتزم الجميع بأن يكون الوطن والشعب مقدما على المصلحة الحزبية الشخصية،" وأنه من أجل ذلك "سيتم مراقبة اداء الحكومة وتقييم كل وزير ومسؤول وسيكون الحكم على الاداء والانجاز الذي حققه وليس بما اهدر به الوقت من تصريحات سياسية تضر اكثر مما تنفع ."

وحول التحديات الماثلة والمحاولات الهادفة "لاستعادة الصراع بطريقة او باخرى" أشار الرئيس بأنها ستظل باقية مادام من يقوم بذلك يرفض التخلص من "وَهمِ أن كل واحد منهم هو مركز الكون الذي لا تستقيم الحياة إلا بوجوده،" ناصحاً الجميع بأن يتركوا ورائهم الذكر الحسن وأن الخلود سيكون من حق "اولئك الذي يشمرون عن سواعدهم للبناء ويصنعون السلام ويقدمون مصلحة شعبهم ووطنهم على كل طموح ذاتي او سلطة فانية."

ودعى الرئيس هادي "كل من اضطرته الظروف للخروج من وطنه ان يعود للمشاركة في بنائه، اذا ليس هناك خط احمر ضد أي مواطن يمني مادام يحترم دستور البلد وقانونه." في إشارة واضحة إلى ضرورة وأهمية عودة كل القيادات اليمنية في الخارج!!!  

وفي الختام قال الرئيس هادي للشعب اليمني "لا يمكنني ان اكون الا بك ومعك حتى نثبت للعالم اجمع من اننا قادرون على تجاوز التحدي ومن اننا نستحق حياة افضل."

وفي التحليل النهائي أرى بأن فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، قد أوصل الرسائل الواضحة إلى الرئيس السابق وأعوانه بأن مسيرة التغيير ماضية نحو هدفها، وأن أية محاولات لعرقلتها مآلها الفشل، وإلى كل أطراف العمل السياسي بأن المسئولية جسيمة وتقتضي تضافر جهود الجميع لبناء اليمن الجديد الذي عجز كل الحكام السابقين في إنجاز بنائه، وتحقيق أهداف الثورة اليمنية في شمال الوطن وجنوبه، منوهاً إلى أن المشاريع القاصرة وأحلام الإرتداد إلى ما قبل الثورة هي مشاريع ستؤول إلى الفشل، وانه يجب على اليمنيين أن يعتبروا من ماضي التمزق والتشرذم والتقزم، لبناء يمن المستقبل الذي يجب أن يساهم فيه كل اليمنيين من خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي ننتظره، والذي يشكل فرصة تاريخية يجب على كل أطراف العمل السياسي اقتناصها، والاسهام الفاعل من خلال استيعاب مآسي الماضي التي لم تستثن أحد، ليتمكن اليمنيين من تحقيق مصالحة وطنية حقيقية تؤسس لوطن جديد يقوم على حكم القانون وسيادة الدستور وتساوي اليمنيين جميعاً أمام القانون، من خلال وضع دستور راسخ لا يمكن المساس به يضع أسس جديدة لتجاوز كل سلبيات الاستحواذ والاقصاء، ويوزع السلطات السياسية والإدارية، والثروة، كثرت أوقلت، توزيعاً عادلاً يقوم على أسس واضحة لا لبس فيها ولا تجعلها عرضة للالتباس والتأويل.

وفي سبيل الوصول إلى ذلك حذر الرئيس هادي الوزراء في الحكومة، بما لايدع مجال للشك، أنه لن يتردد في استبعاد وتغيير كل من لم يستوعب دوره في هذه المرحلة الحرجة الضرورية لاستكمال الانتقال السلمي للسلطة، ولايزال لم يرتقي بولائه ليكون للوطن.

وهنا، فإنني أذكر بما سبق أن قاله الرئيس فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية  في آخر لقاء له مع الحكومة ومجلس النواب والشورى، بأن على الجميع إعادة قراءة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرارات مجلس الأمن الدولي، لاستيعاب أن رئيس الجمهورية يمتلك قدراً كبيراً من الصلاحيات المنصوص عليها في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية.

وفي هذا الصدد، نذكر أن الآلية التنفيذية في المادة 14- في الفقرة 6 أن من صلاحيات نائب الرئيس، ومن ثم الرئيس بعد الانتخابات، ومن أجل تنفيذ الآلية، يمارس نائب الرئيس، ومن ثم الرئيس المنتخب، إضافة إلى الصلاحيات التي تخص منصبه، الصلاحيات الدستورية التالية:
.....
 6) إصدار المراسيم اللازمة لتنفيذ هذه الآلية.

وفي هذه الفقرة، لمن يريد ان يفهم، تفويضٌ مفتوحٌ بيد الرئيس استخدامه لإصدار أية مراسيم لازمة لتنفيذ الآلية، ومن ذلك، على سبيل المثال لا الحصر مما يغفل عنه المعرقلون، أن من حق الرئيس، مثلاً تغيير وزراء، مثلما حدث في وزارتي النفط والتعليم العالي، أو إبقاء وزارات دون وزراء كما حدث عندما أراد تخلف وزير السياحة عن أداء اليمين الدستورية. بل أن بيده إعادة تشكيل حكومة، وهو ما أشار إليه في خطابه بشأن الحكومة التي يحتاجها الشعب. وأضيفُ لكم من الشعر بيتاً بأن أذكّر الجميع أن قرار مجلس الأمن 2015 (2012) أطلق استخدم تعبير "حكومة الوحدة الوطنية" بدلاً عن "حكومة الوفاق الوطني"، في إشارة إلى إمكانية تغيير الحكومة برمتها. كما أن بيد الرئيس إصدار أية قوانين أو إلغاء أية تتعارض أو تعيق الآلية التنفيذية، والحليم بالإشارة يفهم.

فهل يحتاج أحد إلى المزيد من الإيضاحات التي جاءت في هذا الخطاب الخطير للرئيس عبدربه منصور هادي!!!

Monday 24 September 2012

هل نحن قادرون على صياغة المستقبل الذي نريد؟ (2)


هل نحن قادرون على صياغة المستقبل الذي نريد؟
(2)
مهام الحوار الوطني الشامل القادم: المدخل لبناء الدولة اليمنية المدنية
بقلم السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

يعيش اليمن منذ اندلاع ثورة الشباب السلمية مطلع العام الماضي 2011، حالة انتقال حقيقي من تاريخ إلى تاريخ. ونعتقد أن من المهم إدراك أن التدخلات الاقليمية والدولية لعبت دوراً حاسماً  في تجنيب اليمن محاذير الإنزلاق نحو حرب أهلية لايستطيع أحد أن يتخيل عواقبها. وقد استطاعت كل أطراف العمل السياسي وكل القوى الاجتماعية والاقتصادية وفي المقدمة منها شباب الثورة السلمية الشبابية في كل الساحات في كل أنحاء البلاد، منذ جمعة الكرامة في 18 مارس 2011 التي كانت اللحظة التاريخية لسقوط نظام حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، التنازل والقبول بالتسوية السياسية التي دخلت فيها اليمن رغم معارضة شرائح عديدة في المجتمع اليمني لها.
ومنذ بدايات تدخل المجتمع الدولي كان واضحاً أنه قد أوكل للجوار الإقليمي، عبر مجلس التعاون الخليجي، بقيادة المملكة العربية السعودية، التدخل المباشر في إيجاد حل للثورة الشبابية التي خرجت للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح. فكانت المبادرة الخليجية المدخل، وتبعها الآلية التنفيذية المزمنة لها. وعاشت اليمن ما عاشته، دون حاجة للدخول في التفاصيل، حالة كادت تودي بها إلى الحرب الأهلية. ولم يتم التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، إلا بعد أن وصلت الأمور درجة عالية من الخطورة التي استدعت تدخل المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن الدولي عبر قراره رقم 2014 (2011) الصادر في 21 أكتوبر 2011، وهو القرار الفريد من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة.
وفي 21 نوفمبر 2011، وبرعاية دولية وأقليمية، تم في الرياض، على ضوء ذلك القرار، قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح التوقيع على المبادرة الخليجية التي كان أهم ما فيها خروجه من الحكم، كما وقعت كافة الأطراف السياسية على آليتها التنفيذية المزمنة، التي نظمت الانتقال السلمي للسلطة في موعد ينتهي في فبراير 2014.
اليمن منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2014 أكتوبر 2011، في وضع فريد يشبه وضع الوصاية الدولية، وهو يؤسس لقاعدة جديدة في تاريخ الأمم المتحدة والقانون الدولي قضت بأن شرعية الدول وسياداتها تنتهي بانتهاكات حكوماتها لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، وتطلب من رئيس البلاد أن يستقيل من منصبه بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ولتهديد الأمن والسلم الدوليين. الآلية التنفيذية جاءت أيضا إعلانا دستوريا يستند إلى قرار مجلس الأمن، وعلق الدستور وعلق القوانين النافذة وحدد خارطة طريق لليمن حتى انتخابات 2014.
وأهم ما يتصف الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، أنها ترتكز على "التسوية السياسية" التي جاءت بها مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي الموقعة في الرياض في 23 نوفمبر 2011 والألية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية الموقعة في الرياض في نفس اليوم، [1] وبيانات[2] مجلس الأمن الدولي وتحديداً قرار المجلس رقم 2014 (2011) الصادر في 21 أكتوبر [3]2011، وقراره رقم 2051 (2012) الصادر في 12 يونيو [4]2012، وبيانات الأمين العام للأمم المتحدة[5]،
وقد وضع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 (2011)، خارطة طريق للفترة الانتقالية في اليمن. وجاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 (2012)، ليؤكد تلك الخارطة، ويحذر باستخدام عقوبات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حق أي طرف يعترض التسوية السلمية واستكمال عملية انتقال السلطة سلمياً ويعيق قرارات رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني.
إن قراري مجلس الأمن الدولي والمبادرة الخليجية والآلية التنفيذية لها، تشكل في مجموعها إعلاناً دستورياً ينظم، وبالتفصيل، مستلزمات الفترة الانتقالية في اليمن لتأسيس نظام سياسي ديمقراطي جديد في اليمن، يقوم على مبادئ دولية تقرها عهود واتفاقيات دولية، وتحديداً الاعلان العالمي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني والقانون الجنائي الدولي. بل ان الآلية التنفيذية في الجزء الأول – المقدمة - في البند ٤ ان يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها نصت صراحةً انها تحل محل الدستور والقوانين فيما يتعلق بتنفيذها خلال مرحلتي فترة العامين الانتقالية التي تنتهي بالانتخابات البرلمانية والرئاسية في 25 فبراير 2014 وهي الفترة التي ستظل اليمن خلالها تحت إشراف مجلس الأمن الدولي وكل المجتمع الدولي.
وتشير الباحثة جيني هيل مديرة منتدى اليمن Yemen Forum في تشاتام هاوس Chatham House المؤسسة الفكرية الكبرى، في ورقة قدمتها بعنوان "دور الأمم المتحدة في العملية الانتقالية السياسية في اليمن" قدمتها إلى منتدى السلام ومنع النزاعات في مايو 2011، تشير إلى أن "التسوية السياسية" في نظرية التنمية المعاصرة، تعني "اتفاقيات متجددة" بين الفاعلين الأقوياء الذين يسيطرون على بلدان، مثل اليمن، حيث ينظر إلى مؤسسات الدولة على أنها ليّنة، بل أكثر من لينة"، وتعرّف وزارة التنمية الدولية البريطانية التسوية السياسية بأنها العلاقة بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وتوزيع السلطة في المجتمع". وتقول الباحثة المتخصصة في الشئون اليمنية "وفي مثل هذه المجتمعات، تنطوي الصراعات بين التخب السياسية والاقتصادية المتنافسةأو فصائل النخب "على عمليات غير رسمية من النزاع والتفاوض والتسوية"، وأن نتائج هذه الصراعات هي التي تقرر التوجه العام ووتيرة التنمية والتغيير. وترى الباحثة أن الشباب الذي ثار ضد الأوضاع في اليمن، رغم ما يبدو وكأنه تبادل أدوار أو لعية كراسي موسيقية بين فصائل النخب المتنافسة، يرى الشباب أن الثورة تمثل فرصة ثمينة لإنشاء "دولة مدنية حديثة" عن طريق إعادة تعريف العلاقة بين بين النظام والدولة وأعادة توزيع السلطة بين الدولة والمجتمع
وهكذا، ومنذ توقيع المبادرة والآلية التنفيذية، قطعت اليمن شوطاً كبيراً، من خلال انتقال السلطة إلى نائب الرئيس حينها، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وتشكيلى اللجنة العسكرية والأمنية، وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 فبراير 2012، ويمكن القول بأن البلاد قد أنجزت مهام المرحلة الأولى بنجاح حسب مايراه المراقبون الدوليون.
وتشهد اليمن حالياً المرحلة الثانية من العملية الانتقالية للسلطة التي يجب، كما يشدد على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2015 (2012)، ان تنتهي في فبراير 2014 بانتخابات رئاسية وبرلمانية بموجب دستور جديد وقانون انتخابات جديد يؤسسان على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني أي طرف في اليمن.
أن الحوار الوطني الشامل هو الذي سيمكن اليمنيين، لأول مرة في تاريخ اليمن الحديث، من تحقيق طلعاتهم التي عبرت عنها الثورة الشبابية السلمية، من خلال عملية انتقال سياسية شاملة يقودها اليمنيون وتستجيب لمطالب الشعب اليمني وتطلعاته المشروعة إلى التغيير، والمتمثلة في بناء دولة مدنية يمنية جديدة تقوم على سيادة الدستور والقانون والمواطنة المتساوية، وتقسيم حقيقي للسلطة والثروة، والتخلص من الموروثات التي سادت على مايزيد عن خمسين عاماً من التفرد بالسلطى والاستئثار بموارد ومقدرات الشعب والوطن وكل ممارسات الاقصاء والحرمان والانتقاص في كافة مؤسسات الحكم والدولة.
الحوار الوطني الشامل
تم تناول الحوار الوطني الشامل، في الجزء الرابع من الآلية التنفيذية الخاص بالمرحلة الثانية من نقل السلطة، بشأن مهام وصلاحيات الرئيس وحكومة الوفاق الوطني، جاء في المادة 21 أنه "بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، يقوم الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني بممارسة جميع المهام الاعتيادية المنوطة بهما على النحو المنصوص عليه في الدستور، وإضافة إلى ذلك يمارسان الصلاحيات اللازمة لمواصلة مهام التنفيذ المحددة للمرحلة الاولى، والمهام الاضافية المحددة في المرحلة الثانية من نقل السلطة، وتشمل هذه المهام ما يلي:
(أ‌) ضمان انعقاد مؤتمر الحوار الوطني وتشكيل لجنة إعداد وتحضير للمؤتمر ولجنة التفسير والهيئات الاخرى المنشأة بموجب هذه الآلية.[6]
(ب‌) تأسيس عملية للاصلاح الدستوري تعالج هيكل الدولة والنظام السياسي وعرض الدستور بعد تعديلة على الشعب اليمني في استفتاء.
(ج‌) اصلاح النظام الانتخابي.
(د) إجراء انتخابات مجلس النواب ورئيس الجمهورية وفقاً للدستور الجديد."
وبشأن مؤتمر الحوار الوطني والمشاركين فيه، نصت الآلية التنفيذية في المادة 18 بأن يدعو رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني مع بداية المرحلة الانتقالية الثانية إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل، يشارك فيه كل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي، والحوثيون وسائر الاحزاب وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع النسائي، وينبغي تمثيل المرأة ضمن جميع الاطراف المشاركة.
ولمزيد من التأكيد على أهمية مؤتمر الحوار، نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 في 11 من ديباجته على أن عملية الانتقال تتطلب مشاركة وتعاون جميع الأطراف في اليمن، بما في ذلك الجماعات التي لم تكن طرفا في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، حتى لا يتم استثناء أحد، وأكد أيضاً في فقرته العاملة رقم 5  على"أهمية عقد مؤتمر للحوار الوطني يضمُّ جميع الأطراف ويكون تشاركيا وشفافا وذا مغزى وتكون الجماعات الشبابية والنسائية من بين المشاركين فيه، ويهيب بجميع الأطراف المعنية في اليمن أن تشارك في هذه العملية بصورة نشطة وبنّاءة."
وانطلاقاً بالحوار الوطني الشامل أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 30 لسنة 2012 بتاريخ 14 يوليو 2012 بإنشاء "اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل"، وتحديد مهامها واختصاصاتها. وتشكلت من 25 شخصية. واعتمد القرار في ديباجته على تلك المؤشرات في قرار مجلس الأمن الأخير حيث نص إلى أنه يهدف إلى "ضمان إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني بمشاركة كل الاطراف وبصورة تتسم بالمشاركة الكاملة وبالشفافية وتجعل نتائجه جادة وحقيقية من أجل الإسهام فى إرساء السلام والديمقراطية التعددية[7] وحقوق الإنسان[8] والحكم الرشيد[9]"، وأنه يستهدف توفير المناخ المناسب لإنعقاد مؤتمر الحوار الوطني مع كل الأطراف المعنية، سعياً لبناء الثقة فيما بين المشاركين في عملية الحوار الوطني الشامل، وأكد القرار بأن صلاحيات اللجنة الفنية هي صلاحية فنية تتعلق بالتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، ولن تستبق أو تتحكم مسبقا بأي شكل من الأشكال بمضمون اعمال مؤتمر الحوار أو نتائجه. وطالب القرار اللجنة الفنية القيام بتنفيذ المهام  المناطة به[10] وإصدار تقرير نهائى بحلول 30 سبتمبر 2012.[11]
وسيصدر رئيس الجمهورية باصدار قرارات بالاجراءات التي اتخذتها اللجنة الفنية بشأن القضايا المكلفة بها بعد ستة اسابيع من صدور التقرير النهائي للجنة بحلول 15 نوفمبر2012.
مهام مؤتمر الحوار الوطني الشامل واختصاصاته
فوضت الآلية التنفيذية في المادة 19 المؤتمر بالبحث في ما يلي:
(أ‌) عملية صياغة الدستور، بما في ذلك انشاء لجنة لصياغة الدستور وتحديد عدد أعضائها.
(ب‌) الاصلاح الدستوري ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي واقتراح التعديلات الدستورية إلى الشعب اليمني للاستفتاء عليها.
(ت‌) يقف الحوار امام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وآمنه.
(ث‌) النظر في القضايا المختلفة ذات البعد الوطني ومن ضمنها أسباب التوتر في صعدة.
(ج‌) اتخاذ خطوات للمضي قدماً نحو بناء نظام ديمقراطي كامل[12]، بما في ذلك اصلاح الخدمة المدنية والقضاء والادارة المحلية.
(ح‌) اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالح الوطنية والعدالة الانتقالية، والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الانسان والقانون الانساني مستقبلاً.
(خ‌) اتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها، بما في ذلك الاطفال والنهوض بالمرأة.
(د‌) الاسهام في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع.[13]
ووضع القرار الجمهوري المبادئ الحوهرية التي تعتمد في إدارة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وهي:
‌أ. التمثيل الشامل لكل الأطراف، بحيث يوفّر مؤتمر الحوار الوطنى التمثيل الملائم للمجموعات المشاركة التى حددتها الآلية التنفيذية لمبادرة مجلس التعاون الخليجي، ويجب تمثيل النساء بالكامل فى كل وفود المجموعات المشاركة، كما يتعين توفير التمثيل الكافى لكل المناطق والمجموعات المعنية الأخرى فى وفود كل المجموعات المشاركة.
‌ب. المشاركة الفعلية، بحيث تشارك كل المجموعات المشاركة بشكل كامل في الاعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطنى الشامل.
د. النتائج الحقيقية، على الحكومة وكل الأطراف تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطنى الشامل. وتتمتع بالحق فى المشاركة الكاملة فى مؤتمر الحوار الوطنى الشامل بدون شروط مسبقة كما هو محدد في هذا القرار.
‌ج. الشفافية، بحيث تكون كل وثائق مداولات مؤتمر الحوار الوطني علنية و تتوفر لكل الأطراف فور صدورها، ويتم تشجيع وتيسير المشاركة العامة طوال عملية الحوار.
ومن المهم التنويه إلى أن القرار الجمهوري نظم مساراً آخراً ومهماً في المشاركة في أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، من خلال تشجيع مبادرات منظمات المجتمع المدنى والمواطنين على ترتيب وإجراء مشاوراتها الخاصة أو إجتماعاتها التحضيرية فى كل محافظات الجمهورية حول القضايا التى سيتناولها مؤتمر الحوار الوطني الشامل قبل المؤتمر أو أثنائه، ولا يحق للجنة الفنية التدخل فى التحضير لهذه النشاطات أو فى عقدها، وسيتقبل مؤتمر الحوار الوطني الشامل ما يقدم له من نتائج هذه المشاورات والنظر فيها.
ونحن نرى أن مشاركة كافة أطراف العمل السياسي، وكل المكونات التي نصت عليها الآلية التنفيذية وقراري مجلس الامن الدولي رقم 2014 (2011) ورقم 2051 (2012)، في الحوار الوطني عملية بالغة الأهمية من واقع الدور المرتقب أن تقوم به كافة الأطراف في تحديد وتعريف الحريات السياسية والاقتصادية وأهميتها في بناء النظام الديمقراطي في الدولة المدنية التي سينظمها الدستور الجديد، استناداً على التزامات اليمن بالمواثيق والعهود الدولية بالحريات المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والبروتوكول الإضافي للحقوق السياسية والاقتصادية، والدور الذي يعول المجتمع الدولي، من خلال منظومة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، على رأس المال اليمني الوطني في البناء الاقتصادي وتطوير عمليات الاستثمار وبرامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع. وهذه المشاركة الفاعلة، في رأينا، تساعد في استيعاب الإصلاحات الجوهرية لتأسيس عملية الإصلاح الدستوري ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي، الذي سيتطلب اصلاح النظام الانتخابي، وهو دور لايمكن تصوره بغياب أي المكونات التي أِير إليها.
إن الإسهام الفاعل في رسم مستقبل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القادم، سيكون من خلال استيعاب الجميع لكل سلبيات التجارب التي عانى منها الوطن من خلال الفلسفات السياسية والاقتصادية التي تبنتها النخب السياسية التي حكمت اليمن خلال خمسين عاماً مضت، والانتكاسات التي رافقت مسيرة الاقتصاد الوطني من خلال السياسات الاقتصادية والمالية، والفساد الذي استشرى في كل مفاصل الحياة، والاختلالات الجوهرية في كل قطاعات الاقتصاد الوطني، ومن خلال التطور والتقدم الذي يشهده العالم في كافة المجالات، لاسيما تقدم تقنيات المعلومات والاتصالات والتواصل بين كل اقتصادات العالم، ونشوء نظام العولمة وتطور المعاملات الاقتصادية والمالية بين الدول، وتطور نظريات جديدة في الاقتصاد والمال والتنمية البشرية تعتمد على كل هذه المدخلات وتقوم على الاعتماد المتبادل بين اقتصادات كل دول العالم،
وهنا ينبغي الفصل بين ما يراه هذا القطاع من دور له في تشكيل الاستراتيجيات والمبادئ الاقتصادية المحركة للاقتصاد الوطني ودوره المرتقب في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبين المعالجات اللازمة لتجاوز وحل سلبيات النظام السابق بكل أبعادها. ذلك أن الأخيرة سيمكن الوصول لها من خلال المبادئ الدستورية والقوانين الجديدة التي ستؤسس لليمن الجديد، وذلك دون التقليل من أهمية قيام حكومة الوفاق الوطني، خلال ما تبقى لها من الفترة الانتقالية، بما يمكنها من المعالجات بعض السلبيات بموجب القوانين القائمة لطمأنة الرأي العام بجدية التوجهات نحو المستقبل الأفضل.
ولعل من المقدمات الضرورية لاصلاح الاقتصاد اليمني إعادة صياغة النظام السياسي الجديد، إعادة صياغة مفهوم دور الفرد في مقابل دور الدولة في الحياة الاقتصادية وفي المجتمع ككل. لقد تأسست الفلسفة الاقتصادية في دستور الجمهورية اليمنية، بشكل جوهري، على دور الدولة المحور في تنظيم وتقنين وممارسة الحياة الاقتصادية، والحد من دور حرية الافراد الاقتصادية، بكل الوسائل، من أن تكون الحرية الاقتصادية هي المحرك الأساسي للاقتصاد، مما راكم من سلبيات متوارثة من الدساتير التي حكمت شطري اليمن قبل الوحدة.
وفي استقراء تصورات صياغة المستقبل ينبغي لنا إدراك أهمية وضرورة تجنب القفز على الترتيب المنهجي الذي وردت به مهام مؤتمر الحوار الوطني الشامل كما جاء في الآلية التنفيذية، ذلك أن التمسك بذلك سيمكن المشاركين من خلال إنجاز الاصلاح الدستوري ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي تحديد دور الدولة في كافة مناحي الحياة داخل المجتمع؛ من خلال هيكلة سلطات الدولة والفصل بينها في ظل شكل الدولة السياسي، وتقاسم السلطات والموارد والثروة بشكل عادل بين الحكومة المركزية أو الاتحادية ومكوناتها؛ ومن خلال اختيار النظام البرلماني؛ ومن خلال اختيار النظام الانتخابي العادل؛ سيتمكن المشاركون من خلال ذلك كله من وضع المداخل للقضايا الأخرى وأهمها الحل الوطني العادل للقضية الجنوبية، ومعالجة كافة القضايا الوطنية الأخرى، ومنها مشكلة صعدة، وبنفس التراتبية التي جاءت في الآلية.
أن الحوار الوطني مفوض في بناء نظام ديمقراطي كامل[14]، والنظام الديمقراطي المطلوب هو الذي نتجاوز فيه موروثات الماضي السلبية، وهو الدولة المدنية الذي يكون ستمتع فيها الانسان فيها بكامل حقوق المواطنة المتساوية في ظل سيادة القانون كما نصت عليها كافة المواثيق والعهود الدولية المرتبط بحقوق الإنسان، الحرية السياسية والحرية الاقتصادية بكافة مكوناتها وأبعادها، وتحديد دور الدولة في احترام تلك الحريات وحمايتها، وحماية سلامة الوطن وأمن المواطن وتقديم الرعاية له، في مقابل أداء المواطن لدوره داخل المجتمع والدولة وأداء ما عليه من واجبات للحكومة المركزية والكيانات اللامركزية تمكنهما من اداء الأدوار المناطة بالدولة.
أن الدولة المدنية هي تلك التي يتمكن المواطن فيها من اختيار من يمثله في كافة سلطات الدولة وتكويناتها اختياراً حراً، في ظل دستور يحترم تنوع الثقافات لكل مكونات الشعب، ويمّكن من انتخاب مجالس نيابية تمثل أصوات كل المواطنين، وفق القانون الانتخابي الذي يعكس حقيقة مجمل أصوات الشعب، مجالس نيابية قادرة بالفعل أن تشكل حكومة مركزية وحكومات إقليمية أو محلية تخضع للمساءلة والمحاسبة الكاملة وتعمل وفق معايير ومبادئ الحكم الرشيد، والمساواة الكاملة بين المواطنين في تولي كل وظائف الخدمة المدنية أو الخدمة العسكرية.
أن انتقال أي مجتمع إلى الديمقراطية الحقيقية تقتضي بالضرورة بناء المجتمع الجديد على ثقافة التسامح إزاء مظالم الماضي، دون ترسيخ لثقافة الإفلات من العقاب، ومن هنا جاء الآلية التنفيذية بمبادئ العدالة الانتقالية للوصول إلى المصالحة الوطنية الشاملة، وهي المبادئ التي تستلزم أقرار التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الانسان والقانون الانساني مستقبلاً. وتقوم العدالة الانتقالية على أساس إصلاح كافة الأجهزة التي ساهمت في كل الانتهاكات وإقصاء المنتهكين والمدانين، دون مساس بكرامتهم وبما يحفظ لهم حياة كريمة في المجتمع الجديد يحول دون تحولهم إلى أعداء لمجتمعهم. ومن هنا، نصت المبادرة على أعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة بمهنية عالية ومساواة بين منتسبيها من كل أبناء الوطن في كل مراتبها، بما يضمن عدم تكرار ما قامت به من انتهاكات لحقوق المواطن اليمن، ويعيدها لأداء الأدوار الدستورية المحددة لها في حماية أمن المواطن وحماية الوطن من الاعتداء الخارجي وتأمين حدود البلاد البرية والبحرية والجوية، وخضوعها لقيادات مدنية كما هو الحال في كل الديمقراطيات في العالم.
وتقتضي العدالة الانتقالية بالتالي أصلاح  الخدمة المدنية والقضاء والادارة المحلية، بما يؤدي إلى مساواة المواطنين أمام القانون في تولي وظائف الخدمة العامة، ومساواتهم في الوقوف أمام القضاء العادل المستقل عن كل السلطات، الذي لايخضع لأي سلطة غير الطستور والقانون، ويجعله قادراً على إنفاذ القانون والعدالة، ويتجنب كل الممارسات التي انتقصت من حقوق المواطن وأساءت للقضاء، وجعلت القضاء والقضاة أساس في تسيد الفساد والظلم وإنكار العدالة، بسبب خضوعه للسلطة التنفيذية. وكل ذلك في ظل نظام سياسي ينظم إدارة البلاد وفقاً للمبادئ الديمقراطية العادلة في أن يحكم المواطنين أنفسهم ويضمن لهم المشاركة في السلطة والثروة، ويساوي بينهم في الحقوق والواجبات، دون تفرقة بين مواطن وآخر.
والعدالة الانتقالية لاتُعنى فقط في معالجة تعويض الشهداء والجرحي والمصابين وجبر الضرر ما أصابهم من انتهاكات لحقوقهم جماعات وفرادى، وإنما تعنى أيضاً بتعويض كل المواطنين الذين نهب الفساد ممتلكاتهم واستولى عليها مخالفة للقوانين من عقارات وأراضي وأموال بدون وجه حق.
وعندئذ ستحقق العدالة الانتقالية أهم أهدافها وهو تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وإغلاق ملفات الماضي وتجاوز كل مأسيه. وسيستلزم ذلك بالضرورة أصدار عدد من القوانين لتحقيق تلك الأهداف، بما في ذلك اتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها، بما في ذلك الاطفال والنهوض بالمرأة.
وتقتضي الآلية التنفيذية أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني بنتائج تسهم في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع. وهنا يأتي دور القطاع الخاص ورجال المال والأعمال الجوهري في تحديد مهامهة في بناء المجتمع ونماء ثروته وتحقيق رفاهه.
وفي هذا المقام، فإن المجتمع الدولي يعول كثيراً على القطاع الخاص اليمني في أن يكون الحرك الأساسي في عمليات البناء والتنمية وتحفيز الاستثمار المحلي والخارجي وبناء الإنسان لخلق الطبقة المتوسطة القادرة على الإسهام في توسيع قواعد الانتاج وتوفير العمالة المدربة التي تخدم أهداف ومتطلبات الاقتصاد الوطني. وفي مناسبات عديدة، خلال العام والنصف، ومن قبل ذلك، أشار المجتمع الدولي إلى أن إخفاقات الحكومات اليمنية المتعاقبة في تحقيق الإصلاح المالي والاقتصادي والإداري ترجع بالدرجة الأولى إلى تفشي وتجذر الفساد في المجتمع اليمني، وانعدام قدرات إدارة الموارد، وعدم توافر الإرادة السياسية للإصلاح السياسي وأعادة التوزان داخل المجتمع اليمني نتيجة المحسوبية والولاءات الضيقة واتساع دوائر الفساد.
من هذه المنطلقات جميعاً يجب على الحوار الوطني استيعاب القطاع الخاص وتحديد دوره بدقة كاملة وتحديد دور الدولة وواجباتها في الوفاء باحتياجات المجتمع من الخدمات المجتمعية الإساسية، من تعليم أساسي ورعاية صحية للأمومة والطفولة وتوفير الخدمات، ومن خلال وضع أسس صحيحة لدور الدولة والاقاليم في استغلال الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومعادن وموارد أخرى ودور القطاع الخاص في الاستثمار في هذه المجالات والمجالات الصناعية والزراعية والسمكية، في ظل قانون موحد في البلاد لتنظيم الملكية الفردية للعقارات، وقوانين واضحة لجباية الموارد وتوزيعها بين الحكومة المركزية والمحليات أو الأقاليم، وفقاً لمعايير واضحة تقوم على الاحتياجات الفعلية لكل اقليم، وقوانين تبين حقوق الأقاليم في الموارد الطبيعية في أقليمها من النفط والغاز والمعادن والثروات السمكية. كما ينبغي أن ترفع الدولة يدها عن ممارسة التجارة ولعب الأدوار الاحتكارية من خلال استخدام موارد الدولة بحجج لا تستند إلى مبررات واقعية أضرت بقطاعات كبيرة من النشاطات الاقتصادية والتجارية للمواطن الفرد، دون انتقاص من أهمية القطاع العام وإمكانيات خلق مساهمات حقيقية بينه وبين القطاع والأفراد، في ظل قوانين عادلة وسوق لتداول الأوراق المالية بصورة شفافة تسمح للمواطن من الإسهام في كافة النشاطات التجارية والاقتصادية، مما يساعد المواطنين في نماء مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي رفع مستويات الانفاق الفردي وما يترتب عليه من زيادة في موارد الحكومة المركزية والمحلية أو الأقاليمية من الضرائب والعوائد بكافة أشكالها.



[1]   صدر عن مجلس الأمن الدولي حتى الأن القراران الوارد ذكرهما أعلاه.
[2]   صدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن منذ بداية الثورة في مطلع 2011 حتى الآن بياناته الصحفية المؤرخة ٢٤ سبتمبر ٢٠١١ ، و ٩ أغسطس، ٢٠١١ ، و ٢٤ يونيه ٢٠١١.
[3]    الرابط التالي http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N11/559/59/PDF/N1155959.pdf?OpenElement
[4]   الرابط التالي http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N12/370/80/PDF/N1237080.pdf?OpenElement
[5]   صدر بيان الأمين العام المؤرخ ٢٣ سبتمبر ٢٠١١ الذي يحث فيه جميع الأطراف على التعاون البناء للتوصل إلى حل سلمي في اليمن. وصدر للأمين العام بياناً أخر بتاريخ ٢١ مايو ٢٠١٢ الذي شجّع فيه جميع الأطراف على القيام بدور كامل وبناء في تنفيذ اتفاق الانتقال السياسي في اليمن وفقا لقرار مجلس الأمن رقم ٢٠١٤
    [6] إزاء التعثرات التي واجهت الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني في إنجاز استحقاقات استكمال عملية التسوية السياسية في اتجاه الانتقال السلمي للسلطة، جاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 في فقرته العاملة 3 مشدداً أنه ينبغي أن ينصبّ تركيز المرحلة الثانية من عملية الانتقال على: (أ) عقد مؤتمر للحوار الوطني يضمُّ جميع الأطراف، (ب)  إعادة هيكلة قوات الأمن والقوات المسلحة في إطار هيكل قيادة وطني موحّد وذي طابع مهني وإﻧﻬاء جميع النزاعات المسلحة، و(ج) اتخاذ خطوات على صعيد العدالة الانتقالية ودعم المصالحة الوطنية، و(د) إجراء إصلاح دستوري وانتخابي وإجراء انتخابات عامة بحلول فبراير ٢٠١٤.
[7]    التعددية الديمقراطية تقوم على التنوع pluralistic democracy في داخل الوطن الواحد، حتى داخل الشعوب ذات الأصول الواحدة مثل ألمانيا، تؤسس لبرلمانات تمثيلية حقيقية من خلال الانتخابات النسبية، مقابل التعددية الحزبية multiparty system التي تؤسس للأغلبية العددية التي تمكن من هيمنة حزب واحد على الحياة السياسية.
[8]    تنظم حقوق الإنسان المواثيق التالية: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمير 1948)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (النفاذ 3 يناير 1976)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( النفاذ 23 مارس 1976)، المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الانسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي (قرار الجمعية العامة 60/147 بتاريخ 21 مارس 2006)، الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (قرار الجمعية العامة 61/177 بتاريخ 13 ديسمبر 2006)، وعدد كبير آخر من المواثيق والعهود والمقررات الدولية، ويمكن الرجوع إليها في مكتبة حقوق الإنسان بجامعة مينيسوتا.
[9]    هناك معايير ومحددات دولية معترف بها في الحكم الرشيد أهمها المساءلة والشفافية.
[10]   والمهام هي: أ. تحديد حجم وفود المجموعات المشاركة فى مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ب. تحديد آلية إختيار أعضاء مؤتمر الحوار الوطنى ومعايير أهليتهم. وعند الإمكان، يُترك ترشيح الممثلين لكل مجموعة من المجموعات المشاركة، ج. تحديد شكل مؤتمر الحوار الوطني الشامل وفرق العمل وأساليبه، بما فى ذلك ترتيبات عقد الجلسات العامة، د. إعداد مشروع جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وموضوعاته، ه. إعداد مشروع النظام الداخلى لمؤتمر الحوار الوطني الشامل (ضوابط الحوار)، و. تحديد مكان إنعقاد مؤتمر الحوار الوطنى الشامل والترتيبات الأمنية وسكرتارية المؤتمر والخبراء اللازمين. ز.إعداد خطة للإعلام والمشاركة العامة فى الحوار الوطنى الشامل وفقاً للآلية التنفيذية، ح. إعداد ميزانية لعملية الحوار الوطنى الشامل، ط. تحديد سبل إدارة دعم المجتمع الدولى لعملية الحوار الوطنى، ي. إطلاع الرأى العام على التقدم المحرز فى أعمالها وعلى القرارات الخاصة بأساليب عمل مؤتمر الحوار الوطنى الشامل طوال العملية التحضيرية.
[11]    نص القرار على أنه سيكون للجنة الفنية سكرتارية مستقلة يتم إنشاؤها بمساعدة الأمم المتحدة التى ستقدم الدعم طوال عمليتي التحضير والحوار. كما نص أيضاً على اللجنة الفنية إبلاغ الرأى العام بأعمالها وبالنتائج التى تتوصل إليها طوال العملية التحضيرية بإستخدام كافة الوسائل بما في ذلك وسائل الاعلام الحكومية.
[12]    في عام 2000، أوصت اللجنة بمجموعة من التدابير التشريعية والمؤسسية والعملية الهامة من أجل دعم الديمقراطية (القرار 2000/47)، وفي عام 2002، أعلنت اللجنة المبادئ التالية بوصفها من العناصر الأساسية للديمقراطية: (1) احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، (2) حرية الانضمام للجمعيات، (3) حرية التعبير والرأي، (4) إمكانية الوصول إلى السلطة وممارستها في إطار سيادة القانون، (5) تنظيم انتخابات دورية حرة نزيهة على أساس الاقتراع العام والتصويت السري تعبيراً عن إرادة الشعب، (6) إيجاد نظام لتعددية الأحزاب السياسية والمنظمات، (7) الفصل بين السلطات، (8) استقلال القضاء، (9) توفير الشفافية والمساءلة في الإدارة العامة، (10) تهيئة وسائط للإعلام تتسم بالحرية والاستقلال والتعددية.
[13]   وكرر قرار رئيس الجمهورية المشار إليه أعلاه، الخاص باللجنة الفنية، التأكيد على خطوات عملية الانتقال السلمي للسلطة، منوهاً بأن عمل اللجنة الفنية هو أول خطوة من الخطوات الأربع للعملية الإنتقالية التى أقرّتها مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، وسيليها عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذى تتمكن فيه كل قطاعات المجتمع اليمنى من المساهمة فى وضع رؤية جديدة لمستقبل البلاد، اعقبها الخطوة الثالثة المتمثلة في صياغة الدستور بواسطة اللجنة الدستورية من أجل تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومايلي ذلك من مشاورات عامة حول مشروع الدستور وإستفتاء شعبى ينتهى بإعتماد الدستور الجديد، وستتبعها الخطوة الرابعة وهي التحضير لإجراء إنتخابات عامة فى نهاية العملية الإنتقالية، بما فى ذلك إنشاء لجنة جديدة للإنتخابات وإعداد سجل إنتخابى جديد وإعتماد قانون جديد للإنتخابات وإجراؤها وفقاً للدستور الجديد.
  [14]      في عام 2000، أوصت اللجنة بمجموعة من التدابير التشريعية والمؤسسية والعملية الهامة من أجل دعم الديمقراطية (قرار الجمعية العامة 2000/47)، وفي عام 2002، أعلنت اللجنة المبادئ التالية بوصفها من العناصر الأساسية للديمقراطية: (1) احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، (2) حرية الانضمام للجمعيات، (3) حرية التعبير والرأي، (4) إمكانية الوصول إلى السلطة وممارستها في إطار سيادة القانون، (5) تنظيم انتخابات دورية حرة نزيهة على أساس الاقتراع العام والتصويت السري تعبيراً عن إرادة الشعب، (6) إيجاد نظام لتعددية الأحزاب السياسية والمنظمات، (7) الفصل بين السلطات، (8) استقلال القضاء، (9) توفير الشفافية والمساءلة في الإدارة العامة، (10) تهيئة وسائط للإعلام تتسم بالحرية والاستقلال والتعددية.