Saturday 13 October 2012

قراءة في الرسائل السياسية الهامة
في خطاب الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية
بمناسبة الذكرى 49 لثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة
استعراض
السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

جاء خطاب فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى التاسعة والإربعين لثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة، في أعقاب عودته من جولته الأمريكية الأوربية الهامة، وفي مرحلة دقيقة من تاريخ ثورة الشباب السلمية التي اندلعت في فبراير 2012، التي أطاحت بالنظام السابق ودشنت المسار الجديد لتصحيح التاريخ اليمني ونفض غبار المآسي التي توارثها اليمن واليمنيون خلال الخمسين عاماً من سلسلة "القاتل والمقتول"!!! مرحلة تتسم بحالة من الانتظار والترقب الحذر للدخول في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني أحد، وعلى قدم المساواة، لرسم صورة واضحة لمستقبل اليمن الجديد.
(1)           "التسوية السياسية" علامة فاصلة في التاريخ اليمني
وهنا ذكر فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أن احتفالاتنا هذا العام تأتي "بعد أن تحققت العديد من النجاحات" على مسار "التسوية السياسية" التي "مثلت علامة فاصلة ومحطة وطنية تاريخية هامة" خرجت باليمن من "النفق المظلم إلى آفاق أكثر إشراقاً وأمناً واستقراراً"، وذلك بفضل الاتفاق الوطني، "والمدعوم إقليماً ودولياً" و"بالإرادة الشعبية الضاغطة التي انتصرت للحرية والتغيير."
(2)           مكاسب وطموحات "ثورة الشباب السلمية" المشروعة في التغيير هي الهدف
وكرر الاخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أنه مواجهة التحديات كان أمراً لامفر منه "حفاظاً على وطن موحد ديمقراطي يكفل لجميع المواطنين حقوق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وصوناً لمكاسب ثورة الشباب السلمية وطموحاتهم المشروعة في التغيير والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية"، مؤكداً أن "الشباب هم نواة التغيير، ونحن ننظر إلى مطالبهم وطموحاتهم باهتمام كبير بما يلبي توقهم إلى المستقبل المشرق ليمن جديد قائم على الدولة المدنية الحديثة وعلى المساواة والعدالة الاجتماعية. ولا شك بأننا جميعاً نؤمن بأن مسيرة التغيير التي فجرها شبابنا وانتصر لها، جاءت لتعيد للنظام الوطني أصالته وللدستور والقانون مكانته وقيمته وحرمته، كما نؤمن بأن التغيير بدأ يحقق ثماره، وبدأنا فعلاً ننتقل إلى ترسيخ سيادة الشعب وإقامة دولة النظام والقانون والمؤسسات التي تصون الوحدة الوطنية وتكرس قيم التآزر والتسامح وكل ما يبلور مضامين وأهداف ثورة التغيير بإبعادها الوطنية والإنسانية الحقيقية."
(3)           اليمن تجاوزت العثرات وماضية في استعادة هويتها الشرعية والدستورية
وجدد الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ما سبق أن أشر إليه في خطابه بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة سبتمبر، من أنه "ومهما حاول البعض أن يعرقل مسيرة الشعب وأن يمثل حجر عثرة في الطريق إلاّ أن اليمن قد أفلتت من مخالب الأمزجة الفردية والشخصية"، وأنها قد "تقدمت كثيراً في استعادة هويتها الشرعية والدستورية"، التي ستتوجها من خلال "الانتصار للوطن الموحد الديمقراطي الآمن والمستقر". وكرر الرئيس هادي أنه يتكل في عملية العبور بالوطن نحو المستقبل وتجاوز كل العقبات على "عظمة إرادة شعبنا وحكمة النخب السياسية والفكرية الاجتماعية والطاقة الخلاقة للشباب ودعم المجتمع الإقليمي والدولي."
(4)           جهود لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار جوهرية لإنهاء الانقسام والإعداد للحوار الوطني
وأشاد الرئيس هادي بجهود لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار، وما حققته من مهامها التي تستهدف إعادة "الثقة واللحمة في أوساط القوات المسلحة والأمن وصولاً إلى إعادة توحيد وهيكلة القوات المسلحة والأمن بصورة كاملة"، داعياً كل "الأطراف إلى التعاون الصادق مع هذه اللجنة حتى إنجاز كامل مهامها وأهدافها المرسومة." وفي هذا المقام شدد الرئيس هادي أيضاً على "إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا من أجل إنجاز المهام المرحلية المهمة" تستلزم من الجميع "رص الصفوف لكل القوى الوطنية السياسية والشعبية في جبهة واحدة" لتتواصل عملية التسوية السياسية إلى نهايتا المرسومة لها،" وذلك "من خلال الخطوات والقرارات التي نتخذها لإنهاء الانقسام الحاد في القوات المسلحة والأمن وإعادة هيكلة هذه المؤسسة الوطنية الدفاعية والأمنية ليكون ولاؤها لله والوطن والشعب."
(5)           مؤتمر الحوار الوطني الشامل "أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر"
وأكد الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية على أن تلك الخطوات هي المدخل العملي الذي يمكن أن يقود اليمن إلى "فضاء الحوار الوطني الشامل وإنجاحه، والذي نريد له أن يضع أسس بناء اليمن الجديد من خلال مشاركة الجميع ودون أن نستثني أحداً من اليمنيين في الداخل أو الخارج، ولا أن نحجر التعبير عن أي رأي أو موقف في بحث ومناقشة صياغة الدستور الجديد للبلاد، ومعالجة هيكل الدولة والاتفاق على شكل النظام السياسي للبلد، وبحث القضية الجنوبية وإيجاد حل وطني حقيقي وعادل لها، والوقوف أمام القضايا الوطنية الأخرى ومنها أسباب التوتر في صعدة، فضلاً عن إصلاح القضاء والخدمة المدنية وتحقيق المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية، وإرساء خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والمضي خطوات متقدمة نحو البناء الديمقراطي المتكامل." مؤكداً أن مؤتمر الحوار الوطني سيكون تعبيراً "لتحقيق أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر."
(6)           دور الحكومة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية
ووجّهَ الرئيس هادي حكومة الوفاق بمهام واضحة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية، وعلى وجه التحديد:
·      مواصلة تحقيق استقرار وتقدم الاقتصاد والتنمية،
·      التركيز على تلبية الاحتياجات الفورية للمواطنين،
·      حشد كل الطاقات والإمكانات المتاحة لتحسين مستوى الإنتاج،
·      إتباع سياسة مبادئ الحكم الرشيد وترشيد الانفاق والشفافية والمساءلة،
·      الحد من الاستهلاك الترفي،
·      وتثبيت الأسعار ومراقبتها،
·      تنمية الموارد والاستفادة القصوى من الثروات النفطية والمعدنية والسمكية والزراعية والحيوانية والصناعية،
·      ضمان أداء الحكومة والسلطة المحلية بشكل منظم وفاعل، يحقق تفاعل جميع القطاعات العام والخاص والمختلط في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنموي،
·      زيادة الاهتمام بالمغتربين في المهجر وتقديم الرعاية المطلوبة لهم والتسهيلات الكافية.
(7)           الشعب اليمني شب عن الطوق والتكاتف المطلوب
وبعد أن أكد الرئيس هادي بأن الشعب اليمني قد شبَّ عن الطوق وتعلم الكثير من أزماته، شدد على ثقته بالشعب، مناشداً الجميع "إخلاص النوايا ومراجعة الذات والكف عن العبث والنزول عند مشيئة وإرادة الشعب في التغيير وصدق التوجه نحو المستقبل"، لتجاوز "الأوضاع الاقتصادية الصعبة" الناجمة عن "انهيار البنية التحتية وارتفاع كلفة مواجهة الإرهاب وتخريب أنابيب النفط والغاز ومضاعفة أعداد النازحين بين المحافظات،" و"تجميد معظم مشاريع البرنامج الاستثماري العام للدولة، وتعليق كثير من المانحين للقروض والمساعدات الخارجية."
(8)           الدبلوماسية الرئاسية الناجحة وجهود إعادة الاستقرار الاقتصادي والتنموي
وتطرق الرئيس هادي إلى الجهود التي قام بها والحكومة من أجل بعض الاستقرار المنشود للبلاد وأن يوقف النزيف في الموارد الاقتصادية ويضع اليمن على بوابة التنمية الحقيقية ويعيد الثقة في مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن مشاكل البلاد الاقتصادية قد حظيت خلال جولته الخارجية الأخيرة بقسط وافر من المباحثات التي "أثمرت نتائج طيبة ستنعكس إيجابا على تحسين الوضع الاقتصادي في الفترة القادمة، ومنها حشد موارد مالية تصل إلى 1,5 مليار دولار في مؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك تضاف إلى 6,4 مليار دولار تعهد بها المانحون في مؤتمر الرياض، كما تم الاتفاق على تعديل أسعار بيع الغاز اليمني لتتضاعف موارده العام القادم إلى حوالي 500 مليون دولار،" وكل ذلك من أجل دعم البرنامج الانتقالي للتنمية والاستقرار 2012-2014، وبرنامج الإنعاش الاقتصادي متوسط المدى، من خلال الدخول في "مرحلة جديدة من الشراكة المثمرة والعمل المشترك بين اليمن والمجتمع الدولي قائمة على الشفافية والإصلاحات ومحاربة الفساد والوفاء بالالتزامات المتبادلة،"، واعتماد "مسار سريع لاستيعاب المساعدات الخارجية يقوم على آليات عمل أكثر كفاءة وسرعة لتنفيذ وتمويل المشروعات الممولة خارجياً،"وذلك "بهدف تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وخلق فرص التشغيل، وتعزيز الحكم الرشيد وفرض سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان."
(9)           دور شركاء التنمية والاستثمارات الوطنية في تحفيز الاستثمارات الأجنبية والاقتصاد الوطني
وبعد أن شكر الرئيس هادي الأشقاء والأصدقاء وكل شركاء التنمية من الدول والمنظمات على مساندتهم للشعب اليمني في الجوانب السياسية والتنموية والإنسانية، أعرب عن أمله وتطلعه التعجيل بتخصيص تعهداتها المالية خلال الأشهر القادمة،" معرباً عن أمله في "أن تتدفق الاستثمارات الوطنية والخارجية على اليمن في الفترة القادمة باعتبارها عاملاً أساسياً لتحقيق الاستقرار من خلال توفير فرص عمل للعاطلين ورفع مستوى معيشة المواطنين وتنشيط قنوات التنمية في مختلف المجالات، وستجد كل الشركات الرعاية والاهتمام وتذليل كافة العقبات وسنقدم كافة التسهيلات اللازمة لإقامة المشاريع، فاليمن بلد استثماري واعد ويمتلك ثروات كبيرة تتطلب استغلالها بما يعود بالفائدة المشتركة على الشعب اليمني والمستثمرين."
وأعرب الرئيس هادي عن أمله الكبير في "أن يبدأ الرأسمال الوطني في زيادة وتوسيع استثماراته حتى يكون قدوة ونموذجا للرأسمال العربي والأجنبي." منوهاً إلى أهمية ودور "منظمات المجتمع المدني في دفع عجلة التنمية وإقامة شراكة حقيقية مع الدولة والحكومة في مختلف المجالات."
(10)     اليمن شريكاً استراتيجياً للمجتمع الدولي وأمن اليمن شأن أستراتيجي دولي
وفي ختام خطابه الهام، أعرب الرئيس هادي عن شكره للأشقاء والاصدقاء على "مواقفهم المشرفة والداعمة لليمن والمساندة للشعب اليمني للخروج من أزمته،" ولرعايتهم "للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية سيراً نحو كامل أهداف التسوية السياسية التي تلتقي مع أهداف مطالب الشباب السلمية ومصالح وأهداف الشعب اليمني بصورة عامة،" معرباً عن ارتياحه "للتنامي الحاصل والمستمر في علاقات بلادنا مع محيطها الإقليمي والدولي،" وعن أن اليمن سيظل يقدر "الدور العظيم لدول مجلس التعاون الخليجي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول الاتحاد الأوروبي في معالجة الأزمة وتجنيب اليمن ويلات الحرب والاقتتال" ويقدر أيضاً "حرصهم المستمر على مساعدتنا والتزامهم الكامل نحو عملية الانتقال السياسي السلمي،" وبعد أن أكد الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية على أن " أمن واستقرار اليمن يعد شأناً إستراتيجيا لدول المنطقة والعالم"،  أعرب عن حاجة اليمن إلى المزيد من الجهد "لدعم خطوات وقرارات التغيير التي يعبر باليمن بعيداً عن أية احتمالات للانتكاس أو الارتكاس"، مؤكداً على ثقته  التامة من أن "التعاون الأهم بين اليمن والدول الشقيقة والصديقة سيكون عنواناً بارزاً للعملية الانتقالية في مرحلتها الثانية."
الخلاصة
في التحليل النهائي لخطاب فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، بهذه المناسبة، فإنني أرى أنه قد توفق في وضع خطوط واضحة لما تبقى من المرحلة الثانية للتسوية السياسية اليمنية، بل خارطة الطريق نحو فبراير 2014، بعد أن أقر لأول مرة وفي إشارات واضحة إلى "ثورة الشباب السلمية" و"طموحاتهم المشروعة في التغيير والمساواة والعدالة الاجتماعية" وإقرار صريح أن الشباب هو من فجّرَ مسيرة التغيير وانتصر لها، وأن التغيير "بدأ يحقق ثماره"، وأن اليمن الجديد سيقوم بشكل جوهري على بلورة "مضامين وأهداف ثورة التغيير بأبعادها الوطنية والإنسانية الحقيقية".
وكان الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في خطابه السابق بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر الخالدة، قد أوصل مجموعة من الرسائل الواضحة أكدت أن مسيرة التغيير ماضية نحو هدفها، وأن على اليمنيين أن يعتبروا من ماضي التمزق والتشرذم والتقزم، لبناء يمن المستقبل.
أما في خطابه الأخيرة، أوضح الرئيس هادي، بشكل قاطع عجلة التغيير ماضية دون تراجع، في ظل محددات "التسوية السياسية" التي تشكل علامة فاصلة في التاريخ اليمني، ارتكزت على تكاتف القوى السياسية والمجتمع الاقليمي والدولي، وأطرتها تلك الجهود في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي أقرتها كل أطياف وأطراف العمل السياسي، والتي أكد عليها المجتمع الدولي من خلال قراري مجلس الأمن الدولي رقمي 2014 (2011) و2015 (2012)، والتي ساندها ويقف إلى جانبها كل أًصدقاء اليمن والمجتمع الدولي بأكمله.
إنها التسوية السياسية التي يجب أن تصل إلى نهايتها المرسومة، والمستهدفة في الأساس تحقيق مكاسب وطموحات "ثورة الشباب السلمية" المشروعة في التغيير. إنها التسوية السياسية التي فوضت مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي يجب أن يكون "أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر"، لوضع دستور جديد للبلاد وفقاً لمخرجاته التي يجب أن تستوعب كل ما يراه اليمنيون للمستقبل المأمول به.
لقد أوضح الرئيس هادي في خطابه أهمية جهود لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار جوهرية لإنهاء الانقسام والإعداد للحوار الوطني، وأوضح أيضاً دور الحكومة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية من مهام ترتبط بحياة المواطن بالدرجة الأولى، منوهاُ إلى أن الشعب اليمني شب عن الطوق وأنه يناشد الشعب وكل الأطراف على التكاتف اللازم لإنجاز المهام الانتقالية. كما أبرز الرئيس هادي الجهود الدبلوماسية الناجحة وجهود إعادة الاستقرار الاقتصادي والتنموي الذي تقوم به الحكومة، منوهاً بالدور الهام الذي يقوم به شركاء التنمية وعلى الدور الرائد الملقي على عاتق الاستثمارات الوطنية في تحفيز الاستثمارات الأجنبية والاقتصاد الوطني عموماً. وقد أكد الرئيس هادي في ختام رسالته أن اليمن لابد أن شريكاً استراتيجياً للمجتمع الدولي، إدراكاً منه أمن اليمن شأن أستراتيجي دولي يجب عليه الإسهام الفاعل والحقيقي في تأمينه وحمايته، بالتعاون الشامل والكامل والمتكافئ مع الإقليم والمجتمع الدولي.

Tuesday 9 October 2012


هل نحن قادرون على صياغة المستقبل الذي نريد؟
(3)
قراءة في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن وبياناته
وتحليل لقرارات رئيس الجمهورية

بقلم السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

(1)              في خطاب لفخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، مع الحكومة قبل مغادرته في زيارته الأخيرة إلى خارج البلاد، نبّهَ الأخ الرئيس إلى أن على الجميع إعادة قراءة الآلية التنيفذية إذا لم يكن قد استوعب بعد ما جاءت به، للإنتهاء من العملية الانتقالية في اليمن في موعده بداية ينبغي إعادة قراءة وتأكيد فهم واحد للتقدم الذي يجب إحرازه في المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية بموجب ما تنص عليه الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية.
(2)              ولهذا الغرض ينبغي التأكيد أن الآلية التفيذية نصت في الجزء الأول، في المقدمة، انها جاءت إدراكاً من الطرفين الموقعين عليها "(أ‌) أن المأزق الذي وصلت إليه عملية الانتقال السياسي قد زاد من تفاقم الاوضاع السياسية والاقتصادية والانسانية والأمنية التي لا تزال تتدهور بسرعة فيما يعاني الشعب اليمني مصاعب جمة." و"(ب‌) أن لشعبنا، بما فيه الشباب، تطلعات مشروعة إلى التغيير." و "(ج‌) أن هذا الوضع يتطلب وفاء جميع الأطراف السياسية بمسؤولياتها تجاه الشعب، عبر التنفيذ الفوري لمسار واضح للانتقال إلى حكم ديمقراطي رشيد في اليمن." وأنهما، أي الطرفين الموقعين، "ويعتمدان هذه الآلية على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي بما يتفق كلياً مع قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة 2014 (2011)." كما يجب التأكيد على ما جاء في المادة 4 التي تنص على أن " يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها  محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة."
(3)              ولسنا بحاجة إلى التعرض للمرحلة الأولى من الفترة الانتقالية، غير أن من المهم توضيح أمران مهمان، الأول، أن المرحلة الثانية مدتها عامان تبدأ "مع تنصيب الرئيس بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة وتنتهي بإجراء الانتخابات العامة وفقاً للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد." والأمر الثاني يتعلق بمجلس النواب، حيث أن استمرار مجلس النواب السابق في إداء مهامه خلال المرحلتين جاء يستند على الألية التنفيذية، التي سبق أن أشرنا إلى أن قراري مجلس الأمن الدولي والمبادرة الخليجية والآلية التنفيذية لها، تشكل في مجموعها إعلاناً دستورياً. ومن هنا جاءت المادتان 8 و9 من الآلية إلى مايلي:
"8) يكون اتخاذ القرارات في مجلس النواب خلال المرحلتين الأولى والثانية بالتوافق وفي حال تعذر التوصل إلى توافق حول أي موضوع يقوم رئيس مجلس النواب برفع الأمر إلى نائب الرئيس في المرحلة الأولى وإلى الرئيس في المرحلة الثانية الذي يفصل في الأمر ويكون ما يقرره ملزماً للطرفين.
9) سيتخذ الطرفان الخطوات اللازمة لضمان اعتماد مجلس النواب للتشريعات والقوانين الأخرى اللازمة للتنفيذ الكامل للالتزامات المتعلقة بالضمانات المتعهد بها في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وفي هذه الآلية."
(4) وهنا، نرى أن تفويض مجلس النواب بالاستمرار قائم على أساس الآلية التنفيذية، وأن مهامه مرتبطة بتمرير ما يلزم من تشريعات وقوانين تستلزمها "التنفيذ الكامل للإلتزامات المتعلقة بالضمانات المتعهد بها في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وفي الآلية."
(5) ويفهم ذلك من أن الآلية ألغت، بموجب المادة 4 منها، الآلية التي كانت قائمة قبل الآلية التنفيذية وتعتمد تمرير القوانين بالأغلبية التي يمتلكها الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام في الوضع السابق، حيث أن الآلية ساوت بين الأغلبية والأقلية في مجلس النواب، واعتمدت آلية "التوافق"، التي، إذا تعذر التوصل إليها، يقر رئيس الجمهورية أي قانون أو تشريع على النحو الذي يراه.
(6) وهنا، نجد أن الآلية التنفيذية منحت رئيس الجمهورية صلاحيات تشريعية، إذا تعذر "توافق" البرلمان، المستند في وجوده الاستثنائي على الآلية التنفيذية، لأداء دور محدد في تمرير ما يلزم من تشريعات لازمة لتنفيذ الآلية حتى نهاية فترة العامين، بانتخاب مجلس نواب جديد وفقاً لقانون انتخابات جديد ودستور جديد في فبراير 2014.
(7) وهناك صلاحية استثنائية أخرى منحتها الآلية التنفيذية لرئيس الجمهورية فيما يتعلق بسير أعمال حكومة الوفاق الوطني، التي نصت المادة 12 منها على أنه يجب تتخذ قراراتها "بتوافق الآراء وإذا لم يكن التوافق الكامل موجوداً بشأن أي قضية يتشاور رئيس الوزراء ونائب الرئيس أو الرئيس عقب الانتخابات الرئاسية المبكرة للتوصل إلى توافق، وفي حال تعذر التوافق بينهما يتخذ نائب الرئيس أو الرئيس عقب الانتخابات الرئاسية المبكرة القرار النهائي." وهكذا، فإن رئيس الجمهورية هو الفيصل في أي عمل تعجز الحكومة عن "التوافق" بشأنه.
(8) ومن هذا المنطلق نستطيع فهم أسباب عدم قبول نائب رئيس الجمهورية، حينها، تعيين وزير بدلاً عن وزير السياحة عندما تخلف عن القبول بالمنصب وإداء اليمين الدستورية، وأسباب تعيين رئيس الجمهورية وزير جديد للتعليم العالي، بدلاً عن الوزير السابق المستقيل، وتعيين وزير جديد للنفط والثروة المعدنية بدلاً عن سلفه الذي تم تعيينه وزيراً للتعليم العالي.
(9) وإذا كان هذا التفسير صحيحاً، فإنه يتماشى مع ما هدد به رئيس الجمهورية لأعضاء الحكومة بالالتزام بمهامهم دون الإلتفات إلى انتماءتهم إلى الحزبية، وهو الأمر الذي يحمل في معناه أن رئيس الجمهورية يمكن أن يعيد تشكيل "حكومة الوفاق الوطني" وإحلال محلها بتشكيل جديد تكون "حكومة وحدة وطنية"، وهي التسمية التي استخدمها قرار مجلس الأمن رقم 2015 (2012)!!!
(10) وقد جاءت تحذيرات رئيس الجمهورية للحكومة وأعضائها، لأن الرأي العام السائد هو أن الحكومة وأعضائها تتصرف في أداء اعمالها من منطلقات انتمائاتهم الحزبية، على خلاف ما نصت عليه الآلية التنفيذية، لاسيما ما يتعلق منها بالفقرات الثلاث الأخيرة من المادة 13 من الآلية، واللاتي تقضي بأن تقوم الحكومة بما يلي:
 "(ج)    إصدار تعليمات قانونية وإدارية ملائمة إلى جميع فروع القطاع الحكومي للإلتزام الفوري بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان؛
(د)    إصدار تعليمات قانونية وإدارية محددة إلى النيابة العامة ودوائر الشرطة والسجون والأمن للتصرف وفقاً للقانون والمعايير الدولية، وإطلاق سراح الذين احتجزوا بصفة غير قانونية.
(ه)    تلتزم حكومة الوفاق الوطني بكافة قرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والاعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة."

(11) هذا فضلاً عن أن المادة 15 وضعت منذ المرحلة الأولى، على حكومة الوفاق الوطني "مهام وضع وتنفيذ برنامج أولي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية الاقتصادية وتلبية الاحتياجات الفورية للسكان في جميع مناطق اليمن"، و"تنسيق العلاقات مع الجهات المانحة في المجال الإنمائي"، و"ضمان أداء المهام الحكومية على نحو منظم بما فيها الإدارة المحلية وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون وحقوق الإنسان والشفافية والمساءلة"
(12) فلاتزال الحكومة لاتعمل بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، ولم يطلق المحتجزون بصفة غير قانونية ولاتعمل النيابة ودوائر الشرطة والسجون والأمن وفقاً للمعايير الدولية، وتتعمد بعض الوزارات عدم الالتزام بكافة قرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والاعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة.
(13) أما ما نصت عليه المادة 15 فقد تخلفت الحكومة عن إنجازه في المرحلة الأولى من حتى الآن، على الرغم من الزخم الدولي الكبير الذي سبق ولحق زيارة فخامة الأخ رئيس الجمهورية إلى الولايات المتحدة، وترأسه وفد بلادنا إلى اجتماع المانحين الرابع في نيويورك.
(14) ومن هنا نفهم قيام رئيس الجمهورية بإصدار قراره رقم (140) لسنة 2012م بإنشاء وتشكيل لجنة للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان لعام 2011، قبل مغادرته إلى نيويورك، وهو القرار الذي تلكأت الحكومة السابقة إصداره منذ سبتمبر 2011، بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان رقم (19/18/ res/hrc/a) لسنة 2011، الذي أكد على إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة وفقاً للمعايير الدولية، بعد تعهد وزير الخارجية في حكومة النظام السابق بتشكيلها بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وقيام وزير الخارجية، في نيويورك في 26 سبتمبر 2011 بتوقيع الاتفاق الخاص بفتح مكتب لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بعد تلكأ زاد عن ستة أشهر. وكان مجلس حقوق الإنسان يعقد جلسة في نفس وقت زيارة رئيس الجمهورية للنظر في اتخاذ قرار جديد بحق اليمن نتيجة تخلف اليمن بتشكيل اللجنة وافتتاح مكتب المفوضية. ويؤكد صحة هذا ما جاء في بيان الرئاسة المشتركة للاجتماع الوزاري لأصدقاء اليمن في نيويورك بتاريخ 27 سبتمبر 2012 ،
 "...... والمناقشة الجارية في مجلس حقوق الإنسان  (HRC) في 27 سبتمبر 2012 من أجل تقييم التقدم المحرز لمتطلبات قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 19/29 الصادر في 23 مارس 2012 ومن أجل اعتماد قرار آخر بشأن اليمن، مرحبين بالقرار الجمهوري الأخيرة لاجراء تحقيقات شفافة، ومستقلة في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في عام 2011. كما رحب الأصدقاء بافتتاح مكتب المفوض السامي لمكتب حقوق الإنسان في صنعاء."
(15) ومن الأمور الواجب إعادة قراءتها في الآلية التنفيذية، أن رئيس الجمهورية، يمتلك جملة من الصلاحيات تفوق تلك المبينة في الدستور، فقد نصت المادة 14 من الآلية التنفيذية، من بين صلاحيات أخرى، يمارس رئيس الجمهورية " ....
2-      ممارسة جميع مهام الرئيس المتصلة بمجلس النواب.
.....
4-      جميع المسائل المتصلة بمهام لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار.
5-      ادارة العلاقات الخارجية إلى المدى الضروري لتنفيذ هذه الآلية.
6-      اصدار المراسيم اللازمة لتنفيذ هذه الآلية."
(16) ومما تعنيه الفقرة 14/2 إمكانية حل مجلس النواب، اذا ما كان استمراره يشكل عائقاً أمام إنجاز الآلية التنفيذية، وعرقلة تقدم العملية السلمية. وتعني الفقرة 14/5 تولي رئيس الجمهورية إدارة العلاقات الخارجية إلأى المدى الضروري لتنفيذ الآلية التنفيذية، وهو الأمر الذي يفسر فشل وزير الخارجية من تمرير ترشيحات السفراء من وزارء المؤتمر السابقين الذين خرجوا من الحكومة السابقة. أما الفقرة 14/6 لعلها من أخطر ما جاء في الآلية التنفيذية، حيث تمنح رئيس الجمهورية صلاحيات مفتوحة لإصدار أية مراسيم لازمة لتنفيذ الآلية التنفيذية إذا ما قدر أن هناك ما يلزم، منها، على سبيل المثال لا الحصر، إلغاء قانون الحصانة ، أو إعلان حالة الطوارئ، أو حل الأحزاب، أذا ما كان ذلك لازماً وضرورياً للمضي قدماً في تنفيذ العملية الانتقالية!!!
(17) ومن المهم ونحن نقرأ المبادرة الخليجية قرأى تحليلة، أن نقول "التسوية السياسية" في اليمن، فصلت مهام التحول في توزيع راعى طبيعة الأوضاع اليمنية المعقدة، حيث أوكلت للحكومة مهام خاصة مقيدة في إنجاز مهام انتقالية على النحو الذي استعرضناه، بينما أوكلت الشئون العسكرية والأمنية إلى "لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار"، برئاسة رئيس الجمهورية تتولى المهام التالية:
 "(أ‌) إنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه.
(ب‌) إنهاء جميع النزاعات المسلحة.
(ج‌)  عودة القوات المسلحة وغيرها من التشكيلات العسكرية إلى معسكراتها وإنهاء المظاهر المسلحة في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن، وإخلاء العاصمة وباقي المدن من المليشيات والمجموعات المسلحة وغير النظامية.
(ح‌) إزالة حواجز الطرق ونقاط التفتيش والتحصينات المستحدثه في كافة المحافظات.
(خ‌) إعادة تأهيل من لا تنطبق عليهم شروط الخدمة في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
(د‌)  أية إجراءات أخرى من شأنها أن تمنع حدوث مواجهة مسلحة في اليمن.
17- تقوم لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار خلال مرحلتي الانتقال بتهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة مهنية ووطنية موحدة في إطار سيادة القانون."
(18) وقد أثارت هذه الاختصاصات لغطاً كثيراً أثر سلباً على تقدم العملية الانتقالية، ولم ينهيها إلا التدخل المباشر من سفراء الدول الراعية للعملية الانتقالية في اليمن والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر، وبصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2015 (2012) الذي نص على ضرورة التنفيذ الكامل وبموجب الأزمنة المحددة في المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، للانتهاء من الفترة الانتقالية في اليمن في فبراير 2014، من خلال تأكيد وجوب ان تركز الفترة الثانية من العملية الانتقالية "على:
·      عقد مؤتمر حوار وطني شامل للكل،
·      اعادة هيكلة القوات الأمنية والمسلحة تحت قيادة مهنية وطنية موحدة، وإنهاء كل الصراعات المسلحة،
·       خطوات لمعالجة العدالة الانتقالية وحشد الدعم للوفاق الوطني
·      الاصلاح الدستوري والانتخابي وعقد الانتخابات العامة في فبراير 2014"
(19) وقد كان هذا النص بمثابة اعادة صياغة وتوضيح لمهام الفترة الثانية للفترة الانتقالية كما جاءت في الآلية التنفيذية، في ظل رفض تنفيذ عدد من القيادات العسكرية والمدنية الموالية للرئيس السابق قرارات رئيس الجمهورية.
(20) كما أقر القرار "تواجد بسيط في اليمن يضم فريق خبراء لدعم تنفيذ خطوات العملية الانتقالية، ولتقديم النصح للأطراف وبالتنسيق مع الحكومة اليمنية، خاصةً في دعم عملية الحوار الوطني"، ما يعني ضمناً ان تقديم النصح هذا سيكون بمثابة استغناء عن لجنة التفسير التي كان من المفروض إنشائها في الاسبوع الاول بعد التوقيع على الآلية التنفيذية في الرياض. وقد تم إنشاء هذا المكتب مؤخراً.
(21) وهذا في حد ذاته تعديل لنص مهمل في الآلية، فضلاً عن تأسيس لآلية لم تكن موجودة من قبل تعكس اهتمام المجتمع الدولي بالحالة في اليمن بشكل استثنائي للتقيد بالسقف الزمني للانتهاء من الانتقال. 
(22) ومن اهم ماجاء في ذلك القرار أن المجلس هدد بأنه سيقوم باستخدام المادة 41 من الميثاق الواقعة تحت الفصل السابع المعنون "فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان"، مايعني ان المجلس أضحى يرى ان ممارسات القيادات السياسية والمدنية وتصديها لقرارات الرئيس والحكومة تمثل إعاقة تنفيذ القرار 2014 (2011) وأنها ترقى حالة تهديد للسلم.
(23) وتقع هذه المادة 41 في جملتين الأهم منهما فيما يخص الحالة اليمنية، هي الجملة الأولي التي تقول "مجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى الدول الأعضاء تطبيق هذه التدابير." ولعل مجلس الامن يشير هنا الى عقوبات من قبيل ما جاء في قرار الرئيس الامريكي من تجميد للأموال والأصول، اضافة الى عقوبات اخرى مثل منع السفر أو أى قرارات اخرى يراها مثل الإحالة المحكمة الجنائية الدولية، لاسيما بعد عرقلة اصدار قانون العدالة الانتقالية من قبل اطرافٍ في حكومة الوفاق الوطني.
(24) وقد سبق قرار مجلس الأمن الدولي هذا قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أصدره في 16 مايو 2012، هو الأول من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، لعله جاء ليبرهن جدية الولايات المتحدة التي تقود المجتمع الدولي في رعاية التحول السياسي في اليمن، وجاء فيه أن الرئيس الأمريكي يري "ان تصرفات وسياسات بعض اعضاء الحكومة اليمنية واخرين تهدد السلام والامن والاستقرار في اليمن، بالإضافة إلى عرقلة تلك التصرفات لعملية تنفيذ اتفاقية 23 نوفمبر 2011م بين الحكومة اليمنية والاطراف المعارضة لها، حيث توفر (الاتفاقية) إنتقال سلمي للسلطة تلبي المطالب المشروعة وتطلعات الشعب اليمني للتغيير، وكذا إعاقة العملية السياسية في اليمن." بل أن القرار أقر "أيضاً ان تلك الخطوات تشكل تهديداً غير اعتيادي وفريد من نوعه للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. بناءاً عليه، أعلن حالة طوارئ وطنية للتعامل مع هذا التهديد." وهو القرار الذي فوض وزارتي الخارجية والمالية الأمريكيتين، باتخاذ جملة من الاجراءات في حق كل من يعيق الانتقال السلمي في اليمن.[1] وقد شكل القراران الأممي والأمريكي، ردعاً حقيقاً لمعيقي العملية السلمية في اليمن، ولايزالا.
وللحديث بقية.



[1]  "مادة 1:
كافة الممتلكات والاصول والمصالح داخل الاراضي الامريكية، او تلك التي تدخل في وقت لاحقاً في إطار الولايات المتحدة، أو تأتي في إطار ملكية أو سيطرة الولايات المتحدة أو سيطرة اي مواطن امريكي، بما في ذلك الفروع الخارجية، يتم تجميدها ولا تحول او تنتقل ملكيتها أو تباع أو تسحب أو تصدر أو تدفع أو يتم التعامل بها: للأشخاص الذي يصنفهم وزير الخزانة بالتشاور مع وزير الخارجية لقيامهم بالأعمال التالية:-
أ‌)    الانخراط في الاعمال التي تهدد بشكل مباشر او غير مباشر السلام والامن والاستقرار في اليمن بما في ذلك عرقلة تنفيذ اتفاقية 23 نوفمبر 2011م بين الحكومة اليمنية والاطراف المعارضة لها، حيث توفر الاتفاقية إنتقال سلمي للسلطة في اليمن، وكذا عرقلة العملية السياسية في اليمن؛
ب‌)   تتضمن الشخصيات العسكرية أو السياسية لأي كيان أو طرف شارك في الاعمال المدرجة في المادة (أ)؛
ج‌)  من قام بتوفير المواد أو دعم او ساهم مالياً ومادياً أو قدم دعم تكنولوجي أو خدمات أو بضائع تدعم الاعمال المدرجة في المادة (أ) و عليه يتم تجميد أصول ومصالح اي شخص وفقاً لهذا القرار؛
د) تجمد مصالح وأصول اي شخص بحسب هذا القرار  وهي الاصول التي يملكها أو يسيطر عليها، أو  لمن يقوم بالتصرف بها أو لمن زعم التصرف نيابة عن الاشخاص أو بشكل مباشر أو غير مباشر؛
مادة 2:
قررنا بأن القيام بتبرعات المحظورة على ضوء القرارات المنصوصة في المادة 203(b)(2) of IEEPA (50 U.S.C. 1702(b)(2)) من أجل أو من قبل أو لمصلحة أي شخص جمدت ممتلكاته ومصالحه وفقاً للمادة (1) لهذا القرار، فأنه سيعيق بشكل ملموس القدرة على تطبيق حالة الطوارئ الوطنية التي أعلناها ضمن هذا القرار وأنا هنا أمنع هذ التبرعات كما نصت المادة (1) لهذا القرار.
مادة 3:
المحظورات في المادة (1) لهذا القرار تشمل ولكنها لا تقتصر على:-
أ‌) القيام باي تبرعات أو توفير اموال أو بضائع أو خدمات من أجل أو من قبل أو لمصلحة أي شخص جمدت ممتلكاته ومصالحه في الاصول وفقاً لهذا القرار – وكذا (تابع ادناه)؛
ب‌)  أستلام أي اموال او مساهمات أو بضائع أو خدمات من أي شخص محظور.
مادة 4:
المحظورات المدرجة في البند (1) من هذا القرار تطبق فقط في إطار اللوائح والقرارات والاوامر والتوجيهات والتراخيص التي قد تصدر على ضوء هذا القرار  بالإضافة إلى الاتفاقيات والعقود المبرمة او التراخيص المستخرجة قبيل تاريخ اصدار هذا القرار.
مادة 5:
لا تتضمن بنود الفقرة الاولى لهذا القرار  معوقات تحظر إكمال المعاملات الرسمية لحكومة الولايات المتحدة وممثليها وموظفيها ومقاوليها.
مادة 6:
أ‌) اي إجراءات تؤدي إلى التهرب او التجنب أو حتى لغرض التهرب أو التجنب تعتبر إنتهاكاً أو محاولة لإنتهاك النصوص المضمونة لهذا القرار.
ب‌)  اي مؤامرة تهدف إلى إنتهاك بنود ونصوص المحظورات وفقاً لهذا القرار.
مادة 7:
في عناية هذا القرار:-                               
أ‌)  المصطلح "شخص" يعني فرد او كيان؛
ب‌)  المصطلح "كيان" يعني شراكة، جمعية، صندوق، مساهمة، مؤسسة، جماعة، مجموعة، جماعة فرعية أو اي تنظيم؛
ج) المصطلح "شخص امريكي" يعني مواطن امريكي، مقيم دائم، مقيم أجنبي، منظمة اسست بحسب القوانين الامريكية او تقع في إطار صلاحيات الولايات المتحدة (بالإضافة إلى الفروع الخارجية) أو اي شخص داخل الاراضي الامريكية.
مادة 8:
للأشخاص وأولئك الذين جمدت اصولهم ومصالحهم وفقاً لهذا القرار وقد يكون لهم وجود وحقوق دستورية في الولايات المتحدة، ارى أنه بسبب القدرة على نقل وتحويل الاصول والاموال بشكل فوري، فأن اشعار سابق  لمثل هذا الشخص أو توضيح الخطوات والاجراءات التي قد تتخذ على ضوء هذا القرار  قد يؤثر في فعالية القرار. وبناءاً عليه، قررنا انه في سبيل تمرير هذه التدابير بشكل فعال ومواكبة مع إعلاننا بحالة الطوارئ الوطنية وفقاً لهذا القرار، لن يكون هنالك إشعار سابق بإضافة شخص او كيان بحسب مواد الجزء الاول.
مادة 9:
وزير الخزانة و بعد التشاور مع وزير الخارجية مخولين الآن باتخاذ الاجراءات اللازمة بما في ذلك إصدار القوانين واللوائح والاستفادة من الصلاحيات الرئاسية المضمونة في قانون  IEEPA بحسب الضرورة لتنفيذ أهداف هذا القرار. يحق لوزير الخزانة توزيع المهام وتخصيص الادوار لأياً من هذه المهام إلى مسؤولين ووكالات حكومة الولايات المتحدة بحسب النظام والقانون. على كافة مؤسسات ووكالات حكومة الولايات المتحدة الامريكية اتخاذ كافة التدابير والاجراءات  بسحب سلطاتها لتنفيذ بنود هذا القانون.
مادة 10:
وزير الخزانة وبعد التشاور مع وزير الخارجية مخولين الآن برفع التقارير الدورية والنهائية للكونجرس بخصوص اعلان حالة الطوارئ الوطنية المضمون في هذا القرار والذي يتفق مع المادة 401c  لقانون NEA (50 U.S.C. 1641(c) و قانون 204(c) of IEEPA
(50 U.S.C. 1703(c))
مادة 11:
لا يهدف هذا القرار ولا يقصد به خلق مصلحة أو حقوق أو خطوات إجرائية قانونية مسبقة أو موضوعية ضد الولايات المتحدة ووزارتها ووكالاتها ومؤسساتها وكياناتها وضباطها وموظفيها ومسؤوليها ووكلائها أو اي شخص ذات صلة."

Friday 5 October 2012

هل نحن قادرون على صياغة المستقبل الذي نريد؟ (2) مهام الحوار الوطني الشامل القادم: المدخل لبناء الدولة اليمنية المدنية


هل نحن قادرون على صياغة المستقبل الذي نريد؟
(2)
مهام الحوار الوطني الشامل القادم: المدخل لبناء الدولة اليمنية المدنية

بقلم السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

نشر في الاشتراكي نت http://www.aleshteraki.net/articles.php?id=2966
ونشر في نشوان نيوز http://nashwannews.com/news.php?action=view&id=20416
يعيش اليمن منذ اندلاع ثورة الشباب السلمية مطلع العام الماضي 2011، حالة انتقال حقيقي من تاريخ إلى تاريخ. ونعتقد أن من المهم إدراك أن التدخلات الاقليمية والدولية لعبت دوراً حاسماً  في تجنيب اليمن محاذير الإنزلاق نحو حرب أهلية لايستطيع أحد أن يتخيل عواقبها. وقد استطاعت كل أطراف العمل السياسي وكل القوى الاجتماعية والاقتصادية وفي المقدمة منها شباب الثورة السلمية الشبابية في كل الساحات في كل أنحاء البلاد، منذ جمعة الكرامة في 18 مارس 2011 التي كانت اللحظة التاريخية لسقوط نظام حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، التنازل والقبول بالتسوية السياسية التي دخلت فيها اليمن رغم معارضة شرائح عديدة في المجتمع اليمني لها.
ومنذ بدايات تدخل المجتمع الدولي كان واضحاً أنه قد أوكل للجوار الإقليمي، عبر مجلس التعاون الخليجي، بقيادة المملكة العربية السعودية، التدخل المباشر في إيجاد حل للثورة الشبابية التي خرجت للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح. فكانت المبادرة الخليجية المدخل، وتبعها الآلية التنفيذية المزمنة لها. وعاشت اليمن ما عاشته، دون حاجة للدخول في التفاصيل، حالة كادت تودي بها إلى الحرب الأهلية. ولم يتم التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، إلا بعد أن وصلت الأمور درجة عالية من الخطورة استدعت تدخل المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن الدولي عبر قراره رقم 2014 (2011) الصادر في 21 أكتوبر 2011، وهو القرار الفريد من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة.
وفي 23 نوفمبر 2011، وبرعاية دولية وأقليمية، تم في الرياض، على ضوء ذلك القرار، قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح التوقيع على المبادرة الخليجية التي كان أهم ما فيها خروجه من الحكم، كما وقعت كافة الأطراف السياسية على آليتها التنفيذية المزمنة، التي نظمت الانتقال السلمي للسلطة في موعد ينتهي في فبراير 2014.
اليمن منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2014 أكتوبر 2011، في وضع فريد يشبه وضع الوصاية الدولية، وهو يؤسس لقاعدة جديدة في تاريخ الأمم المتحدة والقانون الدولي قضت بأن شرعية الدول وسياداتها تنتهي بانتهاكات حكوماتها لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، وتطلب من رئيس البلاد أن يستقيل من منصبه بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ولتهديد الأمن والسلم الدوليين. الآلية التنفيذية جاءت أيضا إعلانا دستوريا يستند إلى قرار مجلس الأمن، وعلق الدستور وعلق القوانين النافذة وحدد خارطة طريق لليمن حتى انتخابات 2014.
وأهم ما يتصف الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، أنها ترتكز على "التسوية السياسية" التي جاءت بها مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي الموقعة في الرياض في 23 نوفمبر 2011 والألية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية الموقعة في الرياض في نفس اليوم، [1] وبيانات[2] مجلس الأمن الدولي وتحديداً قرار المجلس رقم 2014 (2011) الصادر في 21 أكتوبر [3]2011، وقراره رقم 2051 (2012) الصادر في 12 يونيو [4]2012، وبيانات الأمين العام للأمم المتحدة[5]،
وقد وضع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 (2011)، خارطة طريق للفترة الانتقالية في اليمن. وجاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 (2012)، ليؤكد تلك الخارطة، ويحذر باستخدام عقوبات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حق أي طرف يعترض التسوية السلمية واستكمال عملية انتقال السلطة سلمياً ويعيق قرارات رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني.
إن قراري مجلس الأمن الدولي والمبادرة الخليجية والآلية التنفيذية لها، تشكل في مجموعها إعلاناً دستورياً ينظم، وبالتفصيل، مستلزمات الفترة الانتقالية في اليمن لتأسيس نظام سياسي ديمقراطي جديد في اليمن، يقوم على مبادئ دولية تقرها عهود واتفاقيات دولية، وتحديداً الاعلان العالمي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني والقانون الجنائي الدولي. بل ان الآلية التنفيذية في الجزء الأول – المقدمة - في البند ٤ ان يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها نصت صراحةً انها تحل محل الدستور والقوانين فيما يتعلق بتنفيذها خلال مرحلتي فترة العامين الانتقالية التي تنتهي بالانتخابات البرلمانية والرئاسية في 25 فبراير 2014 وهي الفترة التي ستظل اليمن خلالها تحت إشراف مجلس الأمن الدولي وكل المجتمع الدولي.
وتشير الباحثة جيني هيل مديرة منتدى اليمن Yemen Forum في تشاتام هاوس Chatham House المؤسسة الفكرية الكبرى، في ورقة قدمتها بعنوان "دور الأمم المتحدة في العملية الانتقالية السياسية في اليمن" قدمتها إلى منتدى السلام ومنع النزاعات في مايو 2011، تشير إلى أن "التسوية السياسية" في نظرية التنمية المعاصرة، تعني "اتفاقيات متجددة" بين الفاعلين الأقوياء الذين يسيطرون على بلدان، مثل اليمن، حيث ينظر إلى مؤسسات الدولة على أنها ليّنة، بل أكثر من لينة"، وتعرّف وزارة التنمية الدولية البريطانية التسوية السياسية بأنها العلاقة بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وتوزيع السلطة في المجتمع". وتقول الباحثة المتخصصة في الشئون اليمنية "وفي مثل هذه المجتمعات، تنطوي الصراعات بين التخب السياسية والاقتصادية المتنافسةأو فصائل النخب "على عمليات غير رسمية من النزاع والتفاوض والتسوية"، وأن نتائج هذه الصراعات هي التي تقرر التوجه العام ووتيرة التنمية والتغيير. وترى الباحثة أن الشباب الذي ثار ضد الأوضاع في اليمن، رغم ما يبدو وكأنه تبادل أدوار أو لعبة كراسي موسيقية بين فصائل النخب المتنافسة، يرى الشباب أن الثورة تمثل فرصة ثمينة لإنشاء "دولة مدنية حديثة" عن طريق إعادة تعريف العلاقة بين بين النظام والدولة وأعادة توزيع السلطة بين الدولة والمجتمع
وهكذا، ومنذ توقيع المبادرة والآلية التنفيذية، قطعت اليمن شوطاً كبيراً، من خلال انتقال السلطة إلى نائب الرئيس حينها، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وتشكيلى اللجنة العسكرية والأمنية، وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 فبراير 2012، ويمكن القول بأن اليمن قد أنجزت مهام المرحلة الأولى بنجاح، حسب مايراه المراقبون الدوليون، وما يؤكده واقع الحال.
وتشهد اليمن حالياً، منذ ذلك الحين، المرحلة الثانية من العملية الانتقالية للسلطة التي يجب، كما يشدد على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2015 (2012)، ان تنتهي في فبراير 2014 بانتخابات رئاسية وبرلمانية بموجب دستور جديد وقانون انتخابات جديد يؤسسان على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني أي طرف في اليمن.
أن الحوار الوطني الشامل هو الذي سيمكن اليمنيين، لأول مرة في تاريخ اليمن الحديث، من تحقيق طلعاتهم التي عبرت عنها الثورة الشبابية السلمية، من خلال عملية انتقال سياسية شاملة يقودها اليمنيون تستجيب لمطالب الشعب اليمني وتطلعاته المشروعة إلى التغيير، والمتمثلة في بناء دولة مدنية يمنية جديدة تقوم على سيادة الدستور والقانون والمواطنة المتساوية، وتقسيم حقيقي للسلطة والثروة، والتخلص من الموروثات التي سادت على مايزيد عن خمسين عاماً من التفرد بالسلطى والاستئثار بموارد ومقدرات الشعب والوطن وكل ممارسات الاقصاء والحرمان والانتقاص في كافة مؤسسات الحكم والدولة.
الحوار الوطني الشامل
تم تناول الحوار الوطني الشامل، في الجزء الرابع من الآلية التنفيذية الخاص بالمرحلة الثانية من نقل السلطة، بشأن مهام وصلاحيات الرئيس وحكومة الوفاق الوطني، جاء في المادة 21 أنه "بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، يقوم الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني بممارسة جميع المهام الاعتيادية المنوطة بهما على النحو المنصوص عليه في الدستور، وإضافة إلى ذلك يمارسان الصلاحيات اللازمة لمواصلة مهام التنفيذ المحددة للمرحلة الاولى، والمهام الاضافية المحددة في المرحلة الثانية من نقل السلطة، وتشمل هذه المهام ما يلي:
(أ‌) ضمان انعقاد مؤتمر الحوار الوطني وتشكيل لجنة إعداد وتحضير للمؤتمر ولجنة التفسير والهيئات الاخرى المنشأة بموجب هذه الآلية.[6]
(ب‌) تأسيس عملية للاصلاح الدستوري تعالج هيكل الدولة والنظام السياسي وعرض الدستور بعد تعديلة على الشعب اليمني في استفتاء.
(ج‌) اصلاح النظام الانتخابي.
(د) إجراء انتخابات مجلس النواب ورئيس الجمهورية وفقاً للدستور الجديد."
وبشأن مؤتمر الحوار الوطني والمشاركين فيه، نصت الآلية التنفيذية في المادة 18 بأن يدعو رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني مع بداية المرحلة الانتقالية الثانية إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل، يشارك فيه كل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي، والحوثيون وسائر الاحزاب وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع النسائي، وينبغي تمثيل المرأة ضمن جميع الاطراف المشاركة.
ولمزيد من التأكيد على أهمية مؤتمر الحوار، نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 في 11 من ديباجته على أن عملية الانتقال تتطلب مشاركة وتعاون جميع الأطراف في اليمن، بما في ذلك الجماعات التي لم تكن طرفا في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، حتى لا يتم استثناء أحد، وأكد أيضاً في فقرته العاملة رقم 5  على"أهمية عقد مؤتمر للحوار الوطني يضمُّ جميع الأطراف ويكون تشاركيا وشفافا وذا مغزى وتكون الجماعات الشبابية والنسائية من بين المشاركين فيه، ويهيب بجميع الأطراف المعنية في اليمن أن تشارك في هذه العملية بصورة نشطة وبنّاءة."
وانطلاقاً بالحوار الوطني الشامل أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 30 لسنة 2012 بتاريخ 14 يوليو 2012 بإنشاء "اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل"، وتحديد مهامها واختصاصاتها. وتشكلت من 25 شخصية. واعتمد القرار في ديباجته على تلك المؤشرات في قرار مجلس الأمن الأخير حيث نص إلى أنه يهدف إلى "ضمان إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني بمشاركة كل الاطراف وبصورة تتسم بالمشاركة الكاملة وبالشفافية وتجعل نتائجه جادة وحقيقية من أجل الإسهام فى إرساء السلام والديمقراطية التعددية[7] وحقوق الإنسان[8] والحكم الرشيد[9]"، وأنه يستهدف توفير المناخ المناسب لإنعقاد مؤتمر الحوار الوطني مع كل الأطراف المعنية، سعياً لبناء الثقة فيما بين المشاركين في عملية الحوار الوطني الشامل، وأكد القرار بأن صلاحيات اللجنة الفنية هي صلاحية فنية تتعلق بالتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، ولن تستبق أو تتحكم مسبقا بأي شكل من الأشكال بمضمون اعمال مؤتمر الحوار أو نتائجه. وطالب القرار اللجنة الفنية القيام بتنفيذ المهام  المناطة به[10] وإصدار تقرير نهائى بحلول 30 سبتمبر 2012.[11]
وسيصدر رئيس الجمهورية باصدار قرارات بالاجراءات التي اتخذتها اللجنة الفنية بشأن القضايا المكلفة بها بعد ستة اسابيع من صدور التقرير النهائي للجنة بحلول 15 نوفمبر2012.
مهام مؤتمر الحوار الوطني الشامل واختصاصاته
فوضت الآلية التنفيذية في المادة 19 المؤتمر بالبحث في ما يلي:
(أ‌) عملية صياغة الدستور، بما في ذلك انشاء لجنة لصياغة الدستور وتحديد عدد أعضائها.
(ب‌) الاصلاح الدستوري ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي واقتراح التعديلات الدستورية إلى الشعب اليمني للاستفتاء عليها.
(ت‌) يقف الحوار امام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وآمنه.
(ث‌) النظر في القضايا المختلفة ذات البعد الوطني ومن ضمنها أسباب التوتر في صعدة.
(ج‌) اتخاذ خطوات للمضي قدماً نحو بناء نظام ديمقراطي كامل[12]، بما في ذلك اصلاح الخدمة المدنية والقضاء والادارة المحلية.
(ح‌) اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالح الوطنية والعدالة الانتقالية، والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الانسان والقانون الانساني مستقبلاً.
(خ‌) اتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها، بما في ذلك الاطفال والنهوض بالمرأة.
(د‌) الاسهام في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع.[13]
ووضع القرار الجمهوري المبادئ الحوهرية التي تعتمد في إدارة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وهي:
‌أ. التمثيل الشامل لكل الأطراف، بحيث يوفّر مؤتمر الحوار الوطنى التمثيل الملائم للمجموعات المشاركة التى حددتها الآلية التنفيذية لمبادرة مجلس التعاون الخليجي، ويجب تمثيل النساء بالكامل فى كل وفود المجموعات المشاركة، كما يتعين توفير التمثيل الكافى لكل المناطق والمجموعات المعنية الأخرى فى وفود كل المجموعات المشاركة.
‌ب. المشاركة الفعلية، بحيث تشارك كل المجموعات المشاركة بشكل كامل في الاعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطنى الشامل.
د. النتائج الحقيقية، على الحكومة وكل الأطراف تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطنى الشامل. وتتمتع بالحق فى المشاركة الكاملة فى مؤتمر الحوار الوطنى الشامل بدون شروط مسبقة كما هو محدد في هذا القرار.
‌ج. الشفافية، بحيث تكون كل وثائق مداولات مؤتمر الحوار الوطني علنية و تتوفر لكل الأطراف فور صدورها، ويتم تشجيع وتيسير المشاركة العامة طوال عملية الحوار.
ومن المهم التنويه إلى أن القرار الجمهوري نظم مساراً آخراً ومهماً في المشاركة في أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، من خلال تشجيع مبادرات منظمات المجتمع المدنى والمواطنين على ترتيب وإجراء مشاوراتها الخاصة أو إجتماعاتها التحضيرية فى كل محافظات الجمهورية حول القضايا التى سيتناولها مؤتمر الحوار الوطني الشامل قبل المؤتمر أو أثنائه، ولا يحق للجنة الفنية التدخل فى التحضير لهذه النشاطات أو فى عقدها، وسيتقبل مؤتمر الحوار الوطني الشامل ما يقدم له من نتائج هذه المشاورات والنظر فيها.
ونحن نرى أن مشاركة كافة أطراف العمل السياسي، وكل المكونات التي نصت عليها الآلية التنفيذية وقراري مجلس الامن الدولي رقم 2014 (2011) ورقم 2051 (2012)، في الحوار الوطني، عملية بالغة الأهمية ومسئولية وطنية بالغة الخطورة من واقع الدور المرتقب أن تقوم به كافة الأطراف في تحديد وتعريف الحريات السياسية والاقتصادية وأهميتها في بناء النظام الديمقراطي في الدولة الجديدة التي سينظمها الدستور الجديد، استناداً على التزامات اليمن بالمواثيق والعهود الدولية بالحريات المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والبروتوكولين الإضافي للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والدور الذي يعول المجتمع الدولي، من خلال منظومة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، على رأس المال اليمني الوطني في البناء الاقتصادي وتطوير عمليات الاستثمار وبرامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع. وهذه المشاركة الفاعلة، في رأينا، تساعد في استيعاب الإصلاحات الجوهرية لتأسيس عملية الإصلاح الدستوري ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي، الذي سيتطلب اصلاح النظام الانتخابي، وهو دور لايمكن تصوره بغياب أي المكونات التي أِشرنا إليها.
إن الإسهام الفاعل في رسم مستقبل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القادم، سيكون من خلال استيعاب الجميع لكل سلبيات التجارب التي عانى منها الوطن من خلال الفلسفات السياسية والاقتصادية التي تبنتها النخب السياسية التي قادت وحكمت اليمن خلال خمسين عاماً مضت، والانتكاسات التي رافقت مسيرة الاقتصاد الوطني من خلال السياسات الاقتصادية والمالية، والفساد الذي استشرى في كل مفاصل الحياة، والاختلالات الجوهرية في كل قطاعات الاقتصاد الوطني، ومن خلال التطور والتقدم الذي يشهده العالم في كافة المجالات، لاسيما تقدم تقنيات المعلومات والاتصالات والتواصل بين كل اقتصادات العالم، ونشوء نظام العولمة وتطور المعاملات الاقتصادية والمالية بين الدول، وتطور نظريات جديدة في الاقتصاد والمال والتنمية البشرية تعتمد على كل هذه المدخلات وتقوم على الاعتماد المتبادل بين اقتصادات كل دول العالم،
وهنا ينبغي الفصل بين مايراه كل مكون من أطراف الحوار من دور له في المشاركة في رسم الاستراتيجيات والمبادئ الاقتصادية المحركة للاقتصاد الوطني ودوره المرتقب في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبين المعالجات اللازمة لتجاوز وحل مخرجات سلبيات النظام السابق بكل أبعادها. ذلك أن الأخيرة سيمكن الوصول لها من خلال المبادئ الدستورية والقوانين الجديدة التي ستؤسس لليمن الجديد، وذلك دون التقليل من أهمية قيام حكومة الوفاق الوطني، خلال ما تبقى لها من الفترة الانتقالية، بما يمكنها من المعالجات بعض السلبيات بموجب القوانين القائمة لطمأنة الرأي العام بجدية التوجهات نحو المستقبل الأفضل. ولعل العشرين نقطة التي رفعتها اللجنة الفنية التحضيرية للحوار الوطني إلى رئيس الجمهورية فخامة الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية منصور هادي، وتبنيه وموافقته عليها، تأتي في هذا السياق.
ومن المقدمات الضرورية لاصلاح الاقتصاد اليمني إعادة صياغة النظام السياسي الجديد، إعادة صياغة مفهوم دور الفرد في مقابل دور الدولة في الحياة الاقتصادية وفي المجتمع ككل. لقد تأسست الفلسفة الاقتصادية في دستور الجمهورية اليمنية، بشكل جوهري، على دور الدولة المحور في تنظيم وتقنين وممارسة الحياة الاقتصادية، والحد من دور حرية الافراد الاقتصادية، بكل الوسائل، من أن تكون الحرية الاقتصادية هي المحرك الأساسي للاقتصاد، مما راكم من سلبيات متوارثة من الدساتير التي حكمت شطري اليمن قبل الوحدة.
وفي استقراء تصورات صياغة المستقبل ينبغي لنا إدراك أهمية وضرورة تجنب القفز على الترتيب المنهجي الذي وردت به مهام مؤتمر الحوار الوطني الشامل كما جاء في الآلية التنفيذية، ذلك أن التمسك بذلك سيمكن المشاركين من خلال إنجاز الاصلاح الدستوري ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي تحديد دور الدولة في كافة مناحي الحياة داخل المجتمع؛ من خلال هيكلة سلطات الدولة والفصل بينها في ظل شكل الدولة السياسي، وتقاسم السلطات والموارد والثروة بشكل عادل بين الحكومة المركزية أو الاتحادية ومكوناتها؛ ومن خلال اختيار النظام البرلماني؛ ومن خلال اختيار النظام الانتخابي العادل؛ سيتمكن المشاركون من خلال ذلك كله من وضع المداخل للقضايا الأخرى وأهمها الحل الوطني العادل للقضية الجنوبية، ومعالجة كافة القضايا الوطنية الأخرى، ومنها مشكلة صعدة، وبنفس التراتبية التي جاءت في الآلية.
أن الحوار الوطني مفوض في بناء نظام ديمقراطي كامل[14]، والنظام الديمقراطي المطلوب هو الذي نتجاوز فيه موروثات الماضي السلبية، وهو الدولة التي يكون فيها الانسان قادراً على التمتع بكامل حقوق المواطنة المتساوية في ظل "سيادة القانون" كما نصت عليها كافة المواثيق والعهود الدولية المرتبط بحقوق الإنسان، الحرية السياسية والحرية الاقتصادية بكافة مكوناتها وأبعادها، وتحديد دور الدولة في احترام تلك الحريات وحمايتها، وحماية سلامة الوطن وأمن المواطن وتقديم الرعاية له، في مقابل أداء المواطن لدوره داخل المجتمع والدولة وأداء ما عليه من واجبات للحكومة المركزية والكيانات اللامركزية تمكنهما من اداء الأدوار المناطة بالدولة.
أن الدولة الجديدة هي تلك التي سيتمكن المواطن فيها من اختيار من يمثله في كافة سلطات الدولة وتكويناتها اختياراً حراً، في ظل دستور يحترم تنوع الثقافات لكل مكونات الشعب، ويمّكن من انتخاب مجالس نيابية تمثل أصوات كل المواطنين، وفق القانون الانتخابي الذي يعكس حقيقة مجمل أصوات الشعب، مجالس نيابية قادرة بالفعل أن تشكل حكومة مركزية وحكومات إقليمية أو محلية تخضع للمساءلة والمحاسبة الكاملة وتعمل وفق معايير ومبادئ الحكم الرشيد، والمساواة الكاملة بين المواطنين في تولي كل وظائف الخدمة المدنية أو الخدمة العسكرية.
أن انتقال أي مجتمع إلى الديمقراطية الحقيقية تقتضي بالضرورة بناء المجتمع الجديد على ثقافة التسامح إزاء مظالم الماضي، دون ترسيخ لثقافة الإفلات من العقاب، ومن هنا جاء الآلية التنفيذية بمبادئ العدالة الانتقالية للوصول إلى المصالحة الوطنية الشاملة، وهي المبادئ التي تستلزم أقرار التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الانسان والقانون الانساني مستقبلاً. وتقوم العدالة الانتقالية على أساس إصلاح كافة الأجهزة التي ساهمت في كل الانتهاكات وإقصاء المنتهكين والمدانين، دون مساس بكرامتهم وبما يحفظ لهم حياة كريمة في المجتمع الجديد يحول دون تحولهم إلى أعداء لمجتمعهم. ومن هنا، نصت المبادرة على أعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة بمهنية عالية ومساواة بين منتسبيها من كل أبناء الوطن في كل مراتبها، بما يضمن عدم تكرار ما قامت به من انتهاكات لحقوق المواطن اليمن، ويعيدها لأداء الأدوار الدستورية المحددة لها في حماية أمن المواطن وحماية الوطن من الاعتداء الخارجي وتأمين حدود البلاد البرية والبحرية والجوية، وخضوعها لقيادات مدنية كما هو الحال في كل الديمقراطيات في العالم.
وتقتضي العدالة الانتقالية بالتالي أصلاح أجهزة الخدمة المدنية والقضاء والادارة المحلية، بما يؤدي إلى مساواة المواطنين أمام القانون في تولي وظائف الخدمة العامة، ومساواتهم في الوقوف أمام القضاء العادل المستقل عن كل السلطات، الذي لايخضع لأي سلطة غير الدستور والقانون، ويجعله قادراً على إنفاذ القانون والعدالة، ويتجنب كل الممارسات التي انتقصت من حقوق المواطن وأساءت للقضاء، وجعلت القضاء والقضاة أساس في تسيد الفساد والظلم وإنكار العدالة، بسبب خضوعه للسلطة التنفيذية. وكل ذلك في ظل نظام سياسي ينظم إدارة البلاد وفقاً للمبادئ الديمقراطية العادلة في أن يحكم المواطنين أنفسهم ويضمن لهم المشاركة في السلطة والثروة، ويساوي بينهم في الحقوق والواجبات، دون تفرقة بين مواطن وآخر.
والعدالة الانتقالية لاتُعنى فقط في معالجة تعويض الشهداء والجرحي والمصابين وجبر الضرر ما أصابهم من انتهاكات لحقوقهم جماعات وفرادى، وإنما تعنى أيضاً بتعويض كل المواطنين الذين نهب الفساد ممتلكاتهم واستولى عليها مخالفة للقوانين من عقارات وأراضي وأموال بدون وجه حق.
وعندئذ ستحقق العدالة الانتقالية أهم أهدافها وهو تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وإغلاق ملفات الماضي وتجاوز كل مأسيه. وسيستلزم ذلك بالضرورة أصدار عدد من القوانين لتحقيق تلك الأهداف، بما في ذلك اتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها، بما في ذلك الاطفال والنهوض بالمرأة.
وتقتضي الآلية التنفيذية أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني بنتائج تسهم في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع. وهنا يأتي دور القطاع الخاص ورجال المال والأعمال الجوهري في تحديد مهامهة في بناء المجتمع ونماء ثروته وتحقيق رفاهه.
وفي هذا المقام، فإن المجتمع الدولي يعول كثيراً على القطاع الخاص اليمني في أن يكون المحرك الأساسي في عمليات البناء والتنمية وتحفيز الاستثمار المحلي والخارجي وبناء الإنسان لخلق الطبقة المتوسطة القادرة على الإسهام في توسيع قواعد الانتاج وتوفير العمالة المدربة التي تخدم أهداف ومتطلبات الاقتصاد الوطني. وفي مناسبات عديدة، خلال العام والنصف، ومن قبل ذلك، أشار المجتمع الدولي إلى أن إخفاقات الحكومات اليمنية المتعاقبة في تحقيق الإصلاح المالي والاقتصادي والإداري ترجع بالدرجة الأولى إلى تفشي وتجذر الفساد في المجتمع اليمني، وانعدام قدرات إدارة الموارد، وعدم توافر الإرادة السياسية للإصلاح السياسي وأعادة التوزان داخل المجتمع اليمني نتيجة المحسوبية والولاءات الضيقة واتساع دوائر الفساد.
من هذه المنطلقات جميعاً يجب على الحوار الوطني استيعاب القطاع الخاص وتحديد دوره بدقة كاملة وتحديد دور الدولة وواجباتها في الوفاء باحتياجات المجتمع من الخدمات المجتمعية الإساسية، من تعليم أساسي ورعاية صحية للأمومة والطفولة وتوفير الخدمات، ومن خلال وضع أسس صحيحة لدور الدولة والاقاليم في استغلال الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومعادن وموارد أخرى ودور القطاع الخاص في الاستثمار في هذه المجالات والمجالات الصناعية والزراعية والسمكية، في ظل قانون موحد في البلاد لتنظيم الملكية الفردية للعقارات، وقوانين واضحة لجباية الموارد وتوزيعها بين الحكومة المركزية والمحليات أو الأقاليم، وفقاً لمعايير واضحة تقوم على الاحتياجات الفعلية لكل اقليم، وقوانين تبين حقوق الأقاليم في الموارد الطبيعية في أقليمها من النفط والغاز والمعادن والثروات السمكية. كما ينبغي أن ترفع الدولة يدها عن ممارسة التجارة ولعب الأدوار الاحتكارية من خلال استخدام موارد الدولة بحجج لا تستند إلى مبررات واقعية أضرت بقطاعات كبيرة من النشاطات الاقتصادية والتجارية للمواطن الفرد، دون انتقاص من أهمية القطاع العام وإمكانيات خلق مساهمات حقيقية بينه وبين القطاع والأفراد، في ظل قوانين عادلة وسوق لتداول الأوراق المالية بصورة شفافة تسمح للمواطن من الإسهام في كافة النشاطات التجارية والاقتصادية، مما يساعد المواطنين في نماء مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي رفع مستويات الانفاق الفردي وما يترتب عليه من زيادة في موارد الحكومة المركزية والمحلية أو الأقاليمية من الضرائب والعوائد بكافة أشكالها.
وللحديث بقية




[1]   صدر عن مجلس الأمن الدولي حتى الأن القراران الوارد ذكرهما أعلاه.
[2]   صدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن منذ بداية الثورة في مطلع 2011 حتى الآن بياناته الصحفية المؤرخة ٢٤ سبتمبر ٢٠١١ ، و ٩ أغسطس، ٢٠١١ ، و ٢٤ يونيه ٢٠١١.
[3]    الرابط التالي http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N11/559/59/PDF/N1155959.pdf?OpenElement
[4]   الرابط التالي http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N12/370/80/PDF/N1237080.pdf?OpenElement
[5]   صدر بيان الأمين العام المؤرخ ٢٣ سبتمبر ٢٠١١ الذي يحث فيه جميع الأطراف على التعاون البناء للتوصل إلى حل سلمي في اليمن. وصدر للأمين العام بياناً أخر بتاريخ ٢١ مايو ٢٠١٢ الذي شجّع فيه جميع الأطراف على القيام بدور كامل وبناء في تنفيذ اتفاق الانتقال السياسي في اليمن وفقا لقرار مجلس الأمن رقم ٢٠١٤
    [6] إزاء التعثرات التي واجهت الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني في إنجاز استحقاقات استكمال عملية التسوية السياسية في اتجاه الانتقال السلمي للسلطة، جاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 في فقرته العاملة 3 مشدداً أنه ينبغي أن ينصبّ تركيز المرحلة الثانية من عملية الانتقال على: (أ) عقد مؤتمر للحوار الوطني يضمُّ جميع الأطراف، (ب)  إعادة هيكلة قوات الأمن والقوات المسلحة في إطار هيكل قيادة وطني موحّد وذي طابع مهني وإﻧﻬاء جميع النزاعات المسلحة، و(ج) اتخاذ خطوات على صعيد العدالة الانتقالية ودعم المصالحة الوطنية، و(د) إجراء إصلاح دستوري وانتخابي وإجراء انتخابات عامة بحلول فبراير ٢٠١٤.
[7]    التعددية الديمقراطية تقوم على التنوع pluralistic democracy في داخل الوطن الواحد، حتى داخل الشعوب ذات الأصول الواحدة مثل ألمانيا، تؤسس لبرلمانات تمثيلية حقيقية من خلال الانتخابات النسبية، مقابل التعددية الحزبية multiparty system التي تؤسس للأغلبية العددية التي تمكن من هيمنة حزب واحد على الحياة السياسية.
[8]    تنظم حقوق الإنسان المواثيق التالية: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمير 1948)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (النفاذ 3 يناير 1976)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( النفاذ 23 مارس 1976)، المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الانسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي (قرار الجمعية العامة 60/147 بتاريخ 21 مارس 2006)، الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (قرار الجمعية العامة 61/177 بتاريخ 13 ديسمبر 2006)، وعدد كبير آخر من المواثيق والعهود والمقررات الدولية، ويمكن الرجوع إليها في مكتبة حقوق الإنسان بجامعة مينيسوتا.
[9]    هناك معايير ومحددات دولية معترف بها في الحكم الرشيد أهمها المساءلة والشفافية.
[10]   والمهام هي: أ. تحديد حجم وفود المجموعات المشاركة فى مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ب. تحديد آلية إختيار أعضاء مؤتمر الحوار الوطنى ومعايير أهليتهم. وعند الإمكان، يُترك ترشيح الممثلين لكل مجموعة من المجموعات المشاركة، ج. تحديد شكل مؤتمر الحوار الوطني الشامل وفرق العمل وأساليبه، بما فى ذلك ترتيبات عقد الجلسات العامة، د. إعداد مشروع جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وموضوعاته، ه. إعداد مشروع النظام الداخلى لمؤتمر الحوار الوطني الشامل (ضوابط الحوار)، و. تحديد مكان إنعقاد مؤتمر الحوار الوطنى الشامل والترتيبات الأمنية وسكرتارية المؤتمر والخبراء اللازمين. ز.إعداد خطة للإعلام والمشاركة العامة فى الحوار الوطنى الشامل وفقاً للآلية التنفيذية، ح. إعداد ميزانية لعملية الحوار الوطنى الشامل، ط. تحديد سبل إدارة دعم المجتمع الدولى لعملية الحوار الوطنى، ي. إطلاع الرأى العام على التقدم المحرز فى أعمالها وعلى القرارات الخاصة بأساليب عمل مؤتمر الحوار الوطنى الشامل طوال العملية التحضيرية.
[11]    نص القرار على أنه سيكون للجنة الفنية سكرتارية مستقلة يتم إنشاؤها بمساعدة الأمم المتحدة التى ستقدم الدعم طوال عمليتي التحضير والحوار. كما نص أيضاً على اللجنة الفنية إبلاغ الرأى العام بأعمالها وبالنتائج التى تتوصل إليها طوال العملية التحضيرية بإستخدام كافة الوسائل بما في ذلك وسائل الاعلام الحكومية.
[12]    في عام 2000، أوصت اللجنة بمجموعة من التدابير التشريعية والمؤسسية والعملية الهامة من أجل دعم الديمقراطية (القرار 2000/47)، وفي عام 2002، أعلنت اللجنة المبادئ التالية بوصفها من العناصر الأساسية للديمقراطية: (1) احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، (2) حرية الانضمام للجمعيات، (3) حرية التعبير والرأي، (4) إمكانية الوصول إلى السلطة وممارستها في إطار سيادة القانون، (5) تنظيم انتخابات دورية حرة نزيهة على أساس الاقتراع العام والتصويت السري تعبيراً عن إرادة الشعب، (6) إيجاد نظام لتعددية الأحزاب السياسية والمنظمات، (7) الفصل بين السلطات، (8) استقلال القضاء، (9) توفير الشفافية والمساءلة في الإدارة العامة، (10) تهيئة وسائط للإعلام تتسم بالحرية والاستقلال والتعددية.
[13]   وكرر قرار رئيس الجمهورية المشار إليه أعلاه، الخاص باللجنة الفنية، التأكيد على خطوات عملية الانتقال السلمي للسلطة، منوهاً بأن عمل اللجنة الفنية هو أول خطوة من الخطوات الأربع للعملية الإنتقالية التى أقرّتها مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، وسيليها عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذى تتمكن فيه كل قطاعات المجتمع اليمنى من المساهمة فى وضع رؤية جديدة لمستقبل البلاد، اعقبها الخطوة الثالثة المتمثلة في صياغة الدستور بواسطة اللجنة الدستورية من أجل تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومايلي ذلك من مشاورات عامة حول مشروع الدستور وإستفتاء شعبى ينتهى بإعتماد الدستور الجديد، وستتبعها الخطوة الرابعة وهي التحضير لإجراء إنتخابات عامة فى نهاية العملية الإنتقالية، بما فى ذلك إنشاء لجنة جديدة للإنتخابات وإعداد سجل إنتخابى جديد وإعتماد قانون جديد للإنتخابات وإجراؤها وفقاً للدستور الجديد.

[14]    في عام 2000، أوصت اللجنة بمجموعة من التدابير التشريعية والمؤسسية والعملية الهامة من أجل دعم الديمقراطية (قرار الجمعية العامة 2000/47)، وفي عام 2002، أعلنت اللجنة المبادئ التالية بوصفها من العناصر الأساسية للديمقراطية: (1) احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، (2) حرية الانضمام للجمعيات، (3) حرية التعبير والرأي، (4) إمكانية الوصول إلى السلطة وممارستها في إطار سيادة القانون، (5) تنظيم انتخابات دورية حرة نزيهة على أساس الاقتراع العام والتصويت السري تعبيراً عن إرادة الشعب، (6) إيجاد نظام لتعددية الأحزاب السياسية والمنظمات، (7) الفصل بين السلطات، (8) استقلال القضاء، (9) توفير الشفافية والمساءلة في الإدارة العامة، (10) تهيئة وسائط للإعلام تتسم بالحرية والاستقلال والتعددية.