Wednesday 21 November 2012

الرسائل السياسية من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ومستلزمات تقدم العملية السياسية

الأربعاء 21 نوفمبر 2012 12:07 صباحاً

الرسائل السياسية
من وراء زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن
ومسلتزمات تقدم "التسوية السياسية"

بقلم السفير مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان

تحليل سياسي خاص: الفضول نت

جاءت الزيارة التي قام بها البارحة 19 نوفمبر 2012 السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة القصيرة لليمن، والتي تزمنت مع زيارة السيد عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون للدول العربية، ووجود السيد جمال بن عمر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص باليمن، بعد مايزيد عن عام من صدور قرار مجلس الأمن رقم 2014 (211) في 21 أكتوبر 2011، وبعد عام من توقيع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وأليتها التنفيذية في 23 نوفمبر 2011 في الرياض.

وكان من المنتظر أن يقوم بزيارة اليمن بعثة من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي في نيويورك لتقييم التقدم المحرز في عملية الانتقال السلمي للسلطة بموجب المبادرة وآليتها التفيذية وقراري مجلس الأمن رقم 2014 (2011) ورقم 2051 (2012) الصادر في 12 يونيو 2012، وعلى ضوء بيان رئيس مجلس الأمن الدولي في 28 سبتمبر 2012 الصادر بعد يوم من بيان الرئاسة المشتركة للاجتماع الوزاري الرابع لأصدقاء اليمن الذي عقد في 27 سبتمبر 2012، بحضور فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، على هامش الدورة 67 للجمعية العامة للأمم. غير أن تلك الزيارة لم تتم وجاء بدلأً عن تلك البعثة السيد بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة بنفسه.

وجاءت الزيارة بعد أن عمل السيد جمال بن عمر على تأجيل نظر مجلس الأمن الدولي في الشأن اليمن مرتين من 6 إلى 18 إلى 28 القادم، حتى يتيح للمعيقين للعملية السياسية مراجعة الذات والارتفاع إلى مستوى جسامة المسئولية التاريخية في التغيير المشروع للشعب اليمني لبناء يمن جديد.

كان المجتمع الدولي ينتظر أن تقوم شركاء العملية السياسية في اليمن، رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني وكافة أطراف العمل السياسي، بخطوات تعهدت بها حكومة الوفاق الوطني، وفقاً للآلية وقرارات مجلس الأمن، وبياني المانحين الصادرين في الرياض 5 سبتمبر وفي نيويورك في 28. غير أن تلك الخطوات لم تنجز، بسبب وجود إعاقات من عدد من أطراف العملية السياسية.

في الرياض، التزمت الحكومة، من بين تعهدات أخرى التزمت بها، باتخاذ الخطوات اللازمة للتحقيق مع كبار المسئولين المتورطين في قضايا الفساد. ولهذا الغرض التزمت الحكومة بإنشاء محكمة خاصة لتسريع محاكمة قضايا الفساد وضمان صدور أحكام بحق المدانين بقضايا الفساد. وكانت مثل هذه تعتبر الخطوة بمثابة رسالة واضحة للمسئولين الحاليين رفيعي المستوى أن عليهم أن يفكروا أكثر من مرة قبل التورط في الفساد. ولم يتحقق شيئ من كل تلك التعهدات.

وفي نيويورك، وفي الاجتماع الذي تشترك في رئاسته المملكة المتحدة، والمملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية، وحضره 38 بلدا ومنظمات دولية، شدد المجتمع الدولي على أهمية وتسريع التقدم في النواحي السياسية والاقتصادية والإنسانية والأمنية من أجل استمرار عملية التغيير، وأكد  مجدداً دعمه الكامل لوحدة وسيادة واستقلال وسلامة اليمن الإقليمية ، ورحب المجتمعون بتشكيل وبدء الاجتماعات الأولية للجنة التحضيرية الفنية للحوار الوطني، وأكدوا القرارات الرئاسية المتعلقة بتوحيد وأعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية.
وفي ذلك الاجتماع، وجدد المجتمع الدولي تأييده لتشجيع جميع الأطراف على المشاركة الكاملة والفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني. غير أن المجتمعون أعربوا عن قلقهم إزاء نوايا وأفعال أطراف داخلية وخارجية لتقويض تنفيذ عملية الانتقال السياسي. وهددوا بأن مجلس الأمن بموجب قراره رقم 2051  سيتجهه نحو اتخاذ المزيد من التدابير، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، إذا استمرت تلك الأفعال المشار إليها.
لقد أوفى الرئيس فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية بتعهدات تلكأت أو تعثرت حكومة الوفاق الوطني في تحقيقها، حيث أقر إنشاء اللجنة الانتخابية الجديدة في اكتوبر 2012 من أجل البدء في تحديث قائمة تسجيل الناخبين لتسهيل الاستفتاء الدستوري المزمع عقده في النصف الثاني من عام 2013. وتم عقد أول ندوة عسكرية موسعة بمشاركة إقليمية ودولية بشأن أعادة تنظيم وهيكلية القوات المسلحة، خرجت بتوصيات إيجابية ستقدم إلى رئيس الجمهورية في مطلع شهر ديسمبر القام. وتجري حالياً تحضيرات لعقد ندوة تخص أعادة تنظيم وزارة الداخلية وتوحيد وإعادة بناءة جهاز أمن موحد قوي. غير أن قانون العدالة الانتقالية لايزال في انتظار أقرار رئيس الجمهورية له، بسبب تلكؤ مكونات الحكومة كلها ومعارضتها له، رغم رفض أصحاب الشأن من أبناء له، جملة وتفصيلاً، لأنهم يرون فيه عيوب كبيرة لا تفي بالعدالة المطلوبة لإنصافهم.
إن هذه الزيارة التاريخية التي قام بها السيد الأمين العام للأمم المتحدة، حملت رسائل واضحة، عبر عنها في كلمته التي ألقاها، أو في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع رئيس الجمهورية. وأهمها تلك الرسائل:
  • أن اليمن يجب أن ينال الاستقرار الذي يهيئه الانتقال إلى منظومة الديمقراطية، وأن اليمن "ستتغلب على كافة المعوقات والتحديات" أمام تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2014، وفق "سجل انتخابي نظيف."
  • تحذير كافة الإطراف اليمنية من أي محاولة لعرقلة التسوية السياسية، المرتكزة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وقرارات مجلس الأمن الخاصة بالشأن اليمني، محذراً بأن أي محاولة لعرقلة العملية السياسية ستواجه بعقوبات، سواء على المستوى الجماعي أو الشخصي، بموجب قراري مجلس الأمن رقمي 2014 و2051، اللذين يؤكدان على استقرار ووحدة الأراضي اليمنية. وذكر أمين عام الأمم المتحدة.
  • إن المجتمع الدولي لن يسمح بأي اعتراض أو عراقيل، لا تدفع بالعملية السياسية إلى الإمام، وإخراج اليمن إلى مناخات الأمن والاستقرار والتطور والنمو.
  • التأكيد على أهمية سرعة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل في البلاد، مشدداً على أنه يتابع "سير العملية السياسية خطوة بخطوة."
  • تعهد الأمم المتحدة بتقديم كافة أشكال الدعم، من قبل المجتمع الدولي، لإنجاح مؤتمر الحوار، وتجاوز العراقيل والتحديات، وهو الحوار يجب أن يكون مفتوحاً لكل اليمنيين وضمنهم من يمثل مختلف المناطق.
  • مناشدة الأطراف كافة التفاهم على "المسائل العالقة" وخصوصا تلك المتعلقة بمشاركة الجنوبيين.
  • التأكيد على أن المجتمع الدولي يعتبر دعم اليمن من أولوياته العليا حتى خروجه إلى "بر الأمان."
وقد كان فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية رائعاُ عندما أكد لليمنيين والمجتمع الدولي، وفي رسائل واضحة جداً، قال فيها:
  • أن زيارةالأمين العام للأمم المتحدة السيج بان كي مون، تمثل دفعة أممية قوية لمسيرة التسوية السياسية التي يقودها، ودعا المجتمع الدولي إلى المساعدة في تذليل الصعوبات والتحديات التي تعترض المسار السياسي، واستكمال المرحلة الانتقالية.
  • أن المرحلة الأولى من المبادرة الخليجية جرت بنجاح، بعد اتخاذ العديد من الخطوات والإجراءات والقرارات، وصولاً إلى انعقاد الحوار الوطني الشامل،
  • إن الحوار الوطني سيمثل "جوهر التغيير للخروج برؤية جديدة، ومنظومة الحكم الرشيد، من أجل الدولة المدنية، المرتكزة على الحرية والعدالة والمساواة."
  • ان الشعب اليمني ومن خلال دعم المجتمع الدولي سيجابه القوى الساعية إلى زعزعة عملية "رسم مستقبل اليمن" وصياغة مشروع جديد "لمنظومة الحكم السياسي".
  • أنه على ضوء مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ستتم صياغة دستور جديد والتحضير للانتخابات في فبراير 2014 وفقاً لاتفاقية الانتقال السياسي التي بموجبها وافق الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التخلي عن حكم استمر 33 عاما.
  • أنه أكد مجدداً التزامه "إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المحدد" في 14 فبراير المقبل.
  • دعوة "الأحزاب السياسية وخصوصا تلك الموقعة على المبادرة الخليجية إلى طي الخلافات والعمل في المرحلة المقبلة على توفير كل عوامل الانسجام والتوافق لتنعكس على أداء الحكومة والحوار الوطني."
  • أن الحوار سيجري ضمن إطار وحدة اليمن ورفض فكرة انفصال الجنوب "وسيتم كل شيء ضمن إطار الأمن ووحدة الأراضي اليمنية" وفقا لقراري مجلس الأمن 2014 و 2051.
وفي سباق مع متطلبات استكمال العملية الانتقالية، أقر اليوم 20 نوفمبر مجلس الوزراء تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الخارجية تكون مهمتها رفع تقرير عما تم تنفيذه من المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة ومستوى التنفيذ والاسباب التي تعيق تنفيذ ما تبقى، على أن يشمل ذلك قرارات وأوامر مجلس الوزراء السابقة المرتبطة بالآلية، وموضوع استخدام العنف لبلوغ أهداف سياسية، وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، وإجراء تحقيق شامل ومستقل بشان انتهاكات حقوق الإنسان ومنع تجنيد الأطفال.

واليوم أيضاُ شكل المجلس لجنة برئاسة وزير الشئون القانونية تتولى إعداد مقترحات بما يمكن ان تقدمه الحكومة من اسهامات بشان الدستور وقانون الانتخابات والسجل الانتخابي باعتبارها من المواضيع الاساسية التي سيناقشها مؤتمر الحوار الوطني الشامل، كما أكد مجلس الوزراء على اللجنة الوزارية المشكلة لمتابعة الافراج عن المعتقلين والمحتجزين بصورة غير قانونية وغير شرعية وتقديم تقرير الى المجلس بنتائج عملها وما انجزته في هذا الجانب والمعوقات التي تقف في طريقها.
جدير بالذكر أن هذه الزيارة هي ثاني زيارة لأمين عام للأمم المتحدة إلى اليمن، بعد الزيارة التي قام بها الأمين العام الأسبق السيد بطرس بطرس غالي لليمن عام 1996 للتوسط في النزاع اليمني الإريتري بعد احتلال إريتريا لجزيرة حنيش الكبرى في ديسمبر 1995.
وفي التحليل النهائي، فإن هذه المدخلات كلها، يجب على الجميع استيعابها، وأن الشعب اليمني، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ اليمن، لايقف بمفرده، تتقاذفه الأهواء، وأن المجتمع الدولي والإقليمي، بقضه وقضيضه، يقف مع اليمنين، وليس مع قادته الذين فشلوا في حكمه في السابق شمالاً وجنوباً وفي ظل الوحدة، يقف مع الشعب اليمني في بناء يمن جديد يليق بتاريخهم ودورهم الحضاري، يلقون خلفهم كل مآسي الماضي، وينطلقون نحو بناء يمن يتساوى فيه كل فرد في الوطن، في ظل سيادة القانون والمساواة والعدالة، وفق دستور يتيح لهم لأول مرة في التاريخ المعاصر أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، ويصيغون المستقبل لأجيال وطنية تتوارث وطن عظيم.
على الجميع أن يتذكر أن مجلس الأمن الدولي سينظر في الشأن اليمني مجدداً في 28 نوفمبر الجاري!!! علينا ألاّ نستهين بالمجتمع الدولي!!!
لأسباب كثيرة يجب أستقرار اليمن والحفاظ على أمنه وسيادته ووحدته، فلايظن أحدٌ أن بوسعه تغيير مسار التاريخ اليمني الذي يضع اليمنيون أنفسهم على أول عتباته !!! 
والله من وراء القصد.

Wednesday 14 November 2012

خطاب مفتوح إلى
فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية
ودولة رئيس الوزراء الاستاذ محمد سالم باسندوة

تحية طيبة،
في البيان الختامي للاجتماع الرابع لمجموعة أصدقاء اليمن في 27 سبتمبر 2012 الماضي في مدينة نيويورك الأمريكية الذي تم بمشاركة ما يزيد عن " 39" دولة ومنظمة إقليمية ودولية مانحة، أشاد البيان بالتقدم الذي تحقق منذ الاجتماع الوزاري الثالث للمجموعة في الرياض في 23 مايو 2012 الماضي، لاسيما تشكيل اللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، واتفاق المانحين والحكومة على إطار المسؤولية المشتركة للاستفادة من التعهدات التمويلية التي بلغت 4ر6 مليار دولار، وأضاف المانحون إعلان تعهدات إضافية لتصل مجمل تعهدات المانحين إلى 9ر7 مليار دولار. وقد ركز بيان نيويورك دعم الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الأعضاء في مجموعة أصدقاء اليمن على عدد من الأمور الهامة في عملية الانتقال السلمي في اليمن. وعدّد الأمور الهامة التالية:
·      قرارات رئيس الجمهورية المتعلقة بإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والأمن.
·      الترتيب لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني شامل في منتصف شهر نوفمبر الجاري، يقوده اليمنيون أنفسهم دون تدخل خارجي
·      تشجيع كل الأطراف اليمنية على المشاركة الكاملة والفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني.
·      جهود الحكومة اليمنية الهادفة إلى إعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية بنهاية العام 2012.
·      تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء وإعداد سجل للناخبين.
·      التزام الحكومة اليمنية بإقرار وتنفيذ قانون العدالة الانتقالية.
·      موافقة الحكومة على "إطار المسئولية المتبادلة مع المانحين" والذي يحدد التزامات كلا الجانبين بالسياسات والمؤشرات، وترتيب المراقبة لضمان أن تعمل التمويلات الإضافية على سرعة وواقعية تحقيق المنفعة للشعب اليمني، والعمل على دعم حكومة الوفاق الوطني في تنفيذها لسياسة الالتزامات المحددة في إطار المسؤولية المتبادلة.
لقد كان ذلك في نيويورك. وعلى الرغم من التعثرات في عدد من متطلبات، لاسيما تأخر اللجنة الفنية للحوار في تقديم تقريرها، وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، وتأخر أصدار قانون الأول للعدالة الانتقالية،  وهو أمور توحي بالبطء غير المرغوب في تقدم عملية الانتقال السلمي للسلطة نحو فبراير 2014، وتبعث على قلق مشروع لدى كل مكونات الشعب الذين ينتظرون انتصار أهداف التغيير، فإنني أعتقد أن ما يتم إنجازه بحذر سياسي حصيف وواعٍ، بمشاركة ورعاية ورقابة المجتمع الدولي ممثلاً بالدول الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتنفيذ قراري مجلس الأمن رقم 2014 (2011) ورقم 2051 (2012) وبمشاركة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد السفير جمال بنعمر، لن يؤخرنا عن موعد الاستحقاق في فبراير 2014.
غير أن هناك تعهدات أخرى على درجة عالية من الأهمية والخطورة، قدمتها الحكومة اليمنية في اجتماع الرياض الثالث الذي عقد يومي 4 و5 سبتمبر 2012. حسب ماقاله السيد وائل زقوت، مدير مكتب البنك الدولي في صنعاء، بعد مشاركته في ذلك الاجتماع، على مدونته الخاصة في 6 سبتمبر 2012، حيث كتب لليمنيين:
" أريد أن أتحدث إليكم عن الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة والمجتمع الدولي لضمان أن هذه الأموال ستصل إليكم –إلى كل واحد منكم - بسرعة وبشفافية وبكفاءة...... ففي مجال الحكم الرشيد، التزمت الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة للتحقيق مع كبار المسئولين المتورطين في قضايا الفساد. وكما يعلم الكثير منكم، فان الإجراءات القائمة تتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان أو رئيس الجمهورية للشروع في التحقيق عن أي شخص بدرجة نائب وزير فما فوق. وهذا هو السبب وراء عدم التحقيق مع أي مسئول رفيع المستوى في أي وقت مضى. أما الآن فقد التزمت الحكومة على إنشاء محكمة خاصة لتسريع محاكمة قضايا الفساد وضمان صدور أحكام بحق المدانين بقضايا الفساد. وهذه تعتبر رسالة واضحة للمسئولين الحاليين رفيعي المستوى أن عليهم أن يفكروا أكثر من مرة قبل التورط في الفساد."
وهذا هو مربط الفرس. بكل تواضع فإنني أرى أمرين:
الأمر الأول، أن ولاية الهيئة العليا لمكافحة الفساد قد انتهت، حسب قانونها الخاص، ويجب اختيار هيئة جديدة، وفقاً للألية التي ينص عليها قانونها، وإذا تعذر توافق مجلس النواب، يرفع الأمر إلى رئيس الجمهورية، وفقاً للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. وأية ممارسات تقوم بها الهيئة السابقة يعتبر بمثابة اغتصاب لسلطة حتى وأن صدرت أية توجيهات باستمرارها في ممارسة مهامها، وكل ما تقوم به في حق موظفين صغار لا حول لهم ولاقوة، تعتبر، دستورياً وقانونياُ، كأن لم تكن.
والأمر الثاني، أن الآلية التنفيذية في المادة 4 منها على أن "يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة."، كما تنص في المادة 13 فقرة (ت) منها بأن تقوم "حكومة الوفاق الوطني مباشرة بعد تشكيلها، .... (ت‌) إصدار تعليمات قانونية وإدارية ملائمة إلى جميع فروع القطاع الحكومي للإلتزام الفوري بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان؛" وفي الفقرة (ج) تلتزم حكومة الوفاق الوطني بكافة قرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة." وتنص أيضاً في الفقرة 15 الفقرة (ت) بشأن ممارسة نائب الرئيس، وبعد ذلك رئيس الجمهورية بعد الانتخابات، وحكومة الوفاق الوطني، السلطة التنفيذية، ويشمل ذلك تنفيذ كل ما يتعلق بهذا الاتفاق بما في ذلك النقاط التالية جنباً إلى جنب مع مجلس النواب حسب الاقتضاء: .... (ت‌) ضمان أداء المهام الحكومية على نحو منظم بما فيها الإدارة المحلية وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون وحقوق الإنسان والشفافية والمساءلة." ويعنى ذلك أن نصوص إجراءات محاسبة كبار المسئولين في الدستور والقانون، غير نافذة، عملاً بالمادى 4 من الآلية، وتنفيذاً لنص المادة 13 فقرة (ت) القاضية بالالتزام بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون، والفقرة (ج) منها والمادة 15 فقرة (ت) القاضية بممارسة المهام الحكومية وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون ... والشفافية والمساءلة.
وأرى، أذا لزم الأمر، فإن الآلية التنفيذية منحت رئيس الجمهورية الحق في أصدار أية مراسيم لازمة لتنفيذ الآلية. ومن هنا، فإننا لانرى أية مبررات للتلكؤ في تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد جديدة تقنع المواطن بجدية التوجهات لمكافحة الفساد، ومن ثم أحالة أي مسئول أي كانت درجته بتهم الفساد، عملاً بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون والشفافية والمساءلة، وقانون مكافحة الفساد المرتكز أصلاً على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.
وقبل أن اختتم هذا الخطاب المفتوح، أتمنى على فخامة الأخ رئيس الجمهورية التعجيل بتنفيذ العشرين نقطة المطروحة أمامه ووافق عليها، كي تدفع بمناخ من بناء الثقة في جدية التوجهات لتصحيح الكثير مما أصاب المواطن والوطن كم ظلم بيّن، وجدية التغيير المرتقب انجازه من خلال الحوار الوطني الشامل المرتقب الذي لايستثني أحد.
وأخيراُ، فإن القيام بهذه التوصيات لابد وأن تدفع الجميع إلى مراجعة الذات، وإدراك أن التاريخ لن يرحم من يختار لنفسه أن ينأى بها عن اغتنام الفرصة التاريخية التي بين يدي الشعب الذي من حقه تصحيح مسار اليمن على الطريق المستقيم.
والله من وراء القصد.
السفير (مقاعد) مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان
صنعاء في 15 نوفمبر 2012