Tuesday 5 February 2013

قانون الحصانة اليمني والعدالة الانتقالية ومبادئ حقوق الإنسان

قانون الحصانة اليمني والعدالة الانتقالية
ومبادئ حقوق الإنسان

السفير
مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان
المقدمـــــــــة
دخلت اليمن العام الماضي 2011 في ثورة شعبية ضد النظام، قادتها ثورة الشباب السلمية، مما أدى إلى تدخل المجتمع الإقليمي الدولي للحيلولة دون سقوط اليمن في حرب أهلية، وتم التوصل إلى توقيع المبادرة الخليجية وآلية تنفيذية مزمنة لتنفيذها، باعتبارها تسوية سياسية للانتقال السياسي السلمي للسلطة من الرئيس السابق، تشكل مسار "واضح للانتقال إلى حكم ديمقراطي رشيد في اليمن"[1]، استناداً إلى أن للشعب اليمن "بما فيه الشباب، تطلعات مشروعة إلى التغيير"[2]، لوقف تدهور الأحوال "السياسية والاقتصادية والإنسانية والأمنية التي لاتزال تتدهور بسرعة فيما يعاني الشعب اليمني مصاعب جمة."[3]
وتضمنت الآلية التنفيذية تفصيل كامل لعملية الانتقال السلمي التي تنتهي بانتخابات برلمانية ورئاسية في فبراير 2014، بموجب دستور جديد بعد إجراء مؤتمر للحوار الوطني شامل ينظر ويقر الأصلاحات الدستورية بهدف "معالجة هيكل الدولة والنظام السياسي واقتراح التعديلات الدستورية إلى الشعب اليمني للاستفتاء عليها، ويقف الحوار أمام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وآمنه، والنظر في القضايا المختلفة ذات البعد الوطني ومن ضمنها أسباب التوتر في صعدة، واتخاذ خطوات للمضي قدماً نحو بناء نظام ديمقراطي كامل، بما في ذلك إصلاح الخدمة المدنية والقضاء والإدارة المحلية، واتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالح الوطنية والعدالة الانتقالية، والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلاً، واتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها، بما في ذلك الأطفال والنهوض بالمرأة."[4]
من هنا نجد أن الحلول المرتقبة للتحول السياسي في اليمن تتضمن بناء نظام ديمقراطي كامل، وتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في المستقبل.
وسنعمل في هذا البحث إلى التطرق إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها الثورة الشبابية السلمية، وأهمية عهود حقوق الإنسان، بما فيها القانون الإنساني الدولي، والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، في بناء وصياغة الدستور الجديد الذي سيحكم اليمن الجديد. وسنحاول من خلال ذلك أن نرى إمكانية تحقق هذه الأهداف في ظل عدد من الاشكاليات التي جاءت بها الآلية التنفيذية ذاتها، وهي:
·      الإشكالية الأولى: أقرت التسوية السياسية تخلي الرئيس السابق عن منصبه بتوقيعه على المبادرة الخليجية، وتولي نائبه مهامه، وذلك في مقابل منحه ومن عملوا معه حصانة عن من الجرائم التي ارتكبت أثناء فترة 33 سنة من حكمه، وقفاً للمادة 9 من الآلية التفيذية.[5]  ولذلك الغرض صدر القانون رقم 1 لسنة 2012 بشأن منح حصانة من الملاحقة القانونية والقضائية[6]، الذي منح في مادته الأولى علي عبدالله صالح رئيس السابق الحصانة التامة من الملاحقة القانونية والقضائية. ونص في مادته الثانية على أن "تنطبق الحصانة من الملاحقة الجنائية على المسئوولين الذين عملوا مع الرئيس في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والامنية فيما يتصل بأعمال ذات دوافع سياسية قاموا بها أثناء أدائهم لمهامهم الرسمية، ولاينطبق ذلك على أعمال الارهاب". والسؤال المرتبط بهذا الوضع هوما مدى حجية هذا القانون أمام القانون الدولي؟
·      الإشكالية الثانية: تتعلق بمسألتي المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، كما جاءتا في الآلية التنفيذية، ومشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية المزمع إصداره، ومدى انسجام العدالة الانتقالية مع مبادئ حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي والقانون الدولي إجمالاً، وفي ظل قانون الحصانة السابق الإشارة إليه.
·      الإشكالية الثالثة، هل يمكن لقانون أو قوانين العدالة أن تقود إلى مصالحة وطنية شاملة في ظل احتمال انكار حقوق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات المسلحة والأمن التابعين للنظام السابق؟
·      الإشكالية الرابعة تتمثل في عدم تشكيل "لجنة التفسير" حتى الآن والتي كان من المفترض إنشأها فور توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والمناط بها تفسير أية خلافات حول مفهوم ومضامين ومعاني كل ما ورد في الآلية التنفيذية.
إن هذه الإشكاليات تكتسب أهميتها البالغة من تأثيراتها السلبية على تقدم العملية السياسية في اليمن للخروج بها من الواقع المرير الذي قاد إلى انطلاق ثورة الشباب السلمية لإسقاط النظام وتحقيق أهداف الثورة الشبابية التي قدم الشعب لأجلها مئات الشهداء وآلاف الضحايا من الجرحى والمعاقين، ذلك أن أسر الشهداء والجرحى والمعاقين يطالبون بالقصاص ممن ارتكب تلك الجرائم، ولايعترفون بقانون الحصانة، وبشكل إجمالي فإن الأمر يرتبط المسئولية الجنائية الدولية لقادة الدول وفقا للقانون الدولي.
وسوف نعالج هذه الإشكاليات في فصلين، يعالج الفصل الأول ممارسات انتهاكات حقوق الإنسان والقرارات الدولية بشأن اليمن، ويعالج الفصل الثاني انتهاكات حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وانسجامها مع قواعد القانون الدولي. وفي الخاتمة سنقوم باستخلاص أهم نقاط البحث واستعراض الرأي بشأن كل تلك النقاط. 
الفصل الأول
انتهاكات السلطة اليمنية والأطراف الأخرى لحقوق الإنسان في اليمن
وقراري مجلس الأمن وقرار مجلس حقوق الإنسان
في 16 سبتمبر 2011 استعرض مجلس حقوق الإنسان في دورته الثامنة عشر تقرير لجنة المفوضية العليا لحقوق الإنسان عن زيارتها إلى اليمن في الفترة من 28 يونيو إلى 6 يوليو 2011، في أعقاب ثورة الشباب السلمية ومجزرة جمعة الكرامة التي ارتكبتها القوات المسلحة والأمن في حق المتظاهرين السلميين.
واتخذ المجلس قراراً بشأن اليمن برقم a/hrc/res/18/19، رفعه إلى مجلس الأمن الدولي والذي أشار في قراره رقم 2014 لسنة 2011 الصادر في 21 أكتوبر 2011 بشأن التسوية السياسية في اليمن، من بين أمور كثيرة أخرى، في ديباجته على أن قراره ذلك قد أخذ في اعتباره قرار مجلس حقوق الإنسان المشار إليه، مؤكداً على أمرين، الأول هو "الحاجة لإجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة وشاملة تنسجم مع المعايير الدولية إزاء الإساءات وانتهاكات حقوق الإنسان المزعومة،" والثاني "التأكيد أيضا على وجهة نظر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن عدم منح أية حصانة لضمان المحاسبة الكاملة".
كما أعرب المجلس في الفقرة (1) من القرار أسفه العميق بشأن مقتل المئات من المدنيين، بما فيهم النساء والأطفال، وفي فقرته (2) أدان المجلس بشدة استمرار انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطة اليمنية، كالاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين وبالمثل تماما يدين أعمال العنف، واستخدام القوة، وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الجهات الأخرى، ويشدد على أن كافة أولئك المسئولين عن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان يجب أن يتحملوا المسئولية." ودعى مجلس الأمن في الفقرة (5) "السلطات اليمنية بالعمل فوراً على ضمان امتثال أعمالها للإلتزامات الواقعة عليها بموجب الأحكام السارية بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن تسمح لأهالي اليمن بأن يتمتعوا بحقوق الإنسان ويمارسوا حرياتهم الأساسية، ومنها حقهم في التجمع السلمي للمطالبة برفع المظالم عنهم، وحرية في التعبير، بما في ذلك حرية التعبير للعاملين في وسائط، وأن تتخذ الاجراءات اللازمة لإنهاء الهجمات التي تشنها قوات الأمن على المدنيين والأهداف المدنية."
ومن هنا مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان، أكدا على المبادئ ومتطلبات محددة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت، من خلال التالي:
1)    الحاجة لإجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة وشاملة تنسجم مع المعايير الدولية إزاء الإساءات وانتهاكات حقوق الإنسان.
2)    التأكيد أيضا على عدم منح أية حصانة لضمان المحاسبة الكاملة.
3)    حدوث مقتل للمئات من المواطنين، بما فيهم النساء والأطفال.
4)    استمرار انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطة اليمنية، والاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين.
5)    إدانة جهات أخرى لارتكابها أعمال العنف، واستخدام القوة، وانتهاكات حقوق الإنسان.
6)    تحمل كافة أولئك المسئولين عن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان المسئولية عن أعمالهم تلك.
كما طالب المجلس السلطات اليمنية بالتقيد الفوري بما هو مفروض عليها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى التحديد:
1)    السماح للمواطنين بالتمتع بحقوق الإنسان وممارسة حرياتهم الأساسية، ومنها حق التجمع للمطالبة برفع الظلم وحرية التعبير،
2)    اتخاذ الاجراءات اللازمة لإنهاء الهجمات التي تشنها قوات الأمن على المدنيين والأهداف المدنية.
وبعد ذلك صدر قرار آخر من مجلس الأمن برقم 2051 (2012) بتاريخ 12 يونيو [7]2012 متابعة للأوضاع المتردية في اليمن، جاء في ديباجته تأكيده "تأكيده على ضرورة اجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحايدة وفقاً للمعايير الدولية في تهم انتهاكات وجرائم حقوق الانسان لضمان محاسبة مرتكبيها محاسبة كاملة."، وفي فقرته رقم 7 أنه "يشدد على انه يجب محاسبة كل أولئك المسئولين عن انتهاكات وجرائم حقوق الانسان، وعلى ضرورة اجراء تحقيق شامل ومستقل ومحايد يتماشى مع المعايير الدولية في اتهامات مخالفات وانتهاكات حقوق الانسان، لمنع الإفلات من العقاب ولضمان المحاسبة الشاملة"، وذكّر "الحكومة اليمنية والاطراف الاخرى بضرورة الاسراع في إطلاق سراح المتظاهرين الذين اعتقلوا بطرق غير قانونية وشرعية خلال الازمة"، كما حث في الفقرة 10 "الحكومة اليمنية على تمرير تشريع العدالة الانتقالية لدعم المصالحة بشكل سريع ودون أي تأخير."، ودعى في الفقرة 11 "دعوة كافة الاطراف للامتثال للقانون الدولي الواجب التطبيق بما في ذلك القانون الانسان الدولي وقانون حقوق الانسان". ما يعني أن حكومة الوفاق الوطني لم تنجز مقررات مجلس الأمن التي أمر بها المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان وما يتصل بها.
وينبغي التنويه هنا إلى أن الحديث عن انتهاكات حقوق الانسان لايقتصر الحديث على الانتهاكات التي قامت بها السلطات الرسمية اليمنية، وهي جوهر هذا البحث، وإنما يرتبط أيضاُ بالأطراف الأخرى المسلحة من أطراف النزاع الذي شهدته اليمن. ولا يقتصر الحديث أيضاً على الشهداء والجرحى والمعاقين من المدنيين الثوار جراء انتهاكات السلطات اليمنية وإنما يمتد ليشمل المعتقلين بطريقة غير قانونية والمخفيين قسرياً، من قبل السلطات اليمنية والأطراف المسلحة الأخرى، وتجنيد الأطفال من قبل السلطات الرسمية والمجموعات المسلحة الأخرى.
ولعل أهم ما يرتبط بتلك الانتهاكات أن هنالك تلكؤ في انصاف الشهداء والجرحى والمعاقين وأسرهم ممن كانوا ضحايا لاستخدام القوات الحكومة أقصى درجات العنف والأسلحة في محاولاتها قمع ثورة الشباب السلمية. حيث أخفقت الحكومة في أقرار مشروع العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية بالتوافق، وتم رفعه إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ مايراه بشأنه، وذلك على الرغم من عدم اقتناع أصحاب الدم من أشر الشهداء بماسيأتي به ذلك القانون لأنه لا يحقق العدالة والانصاف ومحاسبة من ارتكبوا تلك الانتهاكات. إلى جانب ذلك، هناك تلكؤ أيضاً في إطلاق المعتقلين بدون مبررات والكشف عن مصير المختفيين قسرياً.
وتطالب منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي بمحاسبة كل مرتكبي تلك الجرائم. وقد بدأت الحكومة، التي لايزال يسيطر على كل مكونات أجهزتها الحكومية والأمنية عناصر موالية لرئيس النظام السابق، في 29 سبتمبر 2012 البدء في محاكمة 78 متهماً في قضية مجزرة جمعة الكرامة، في محاولة لترضية الرأي العام المحلي والدولي بمحاكمة مرتكبي مجزرة جمهة الكرامة. غير أن المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية شككت في نزاهة التحقيقات والمحاكمات، [8] قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن التحقيق الذي أجرته الحكومة اليمنية السابقة فيما يسمى بمذبحة جمعة الكرامة يوم 18 مارس 2011 تشوبه العيوب والتدخل السياسي من أوله إلى أخره. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش "إن على السلطات اليمنية أن تأمر بتحقيق جديد في الهجوم، الذي كان الأكثر دموية، وقد شنّه مسلحون مؤيدون للحكومة على المتظاهرين، في أثناء انتفاضة 2011، وتسبب الهجوم الذي وقع في صنعاء في قتل 45 شخصاً وجرح ما يناهز 200 آخرين، وصار رمزاً لمقاومة الرئيس في ذلك الوقت على عبد الله صالح."
ومؤخراً قام رئيس الجمهورية بإصدار قراره الجمهوري رقم  القرار الجمهوري رقم (140) لسنة 2012، بإنشاء وتشكيل لجنة للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان لعام 2011، تنفيذاً لقرار مجلس حقوق الإنسان رقم 19/18/res/hrc/a لسنة 2011، الذي أكد على إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة وفقاً للمعايير الدولية، وتنفيذا للالتزامات الدولية بموجب قرارات مجلس الأمن الصادرة بشأن اليمن، وهي اللجنة التي كان من المقترض تشكيلها في أعقاب المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني. وبالرغم من ذلك لم يتم تشكيلها من الأساس.
الفصل الثاني
قانون الحصانة وقانون العدالة الانتقالية وقيمتهما أمام القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الإنساني
سبقت الإشارة إلى صدور القانون رقم (1) لسنة 2012 بشأن منح حصانة من الملاحقة القانونية والقضائية  هو ومن عملوا معه. كما سبقت الإشارة إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 (2012) قضى بضرورة سرعة إصدار قانون العدالة الانتفالية، الذي لم تتوصل الحكومة اليمنية إلى توافق بشأنه، وتم رفعه إلى رئيس الجمهورية للتوجيه بما يراه بموجب اختصاصاته في الآلية التنفيذية للمباردة الخليجية. ولم يتم اتخاذ أي قرار بشأنه ختى الآن. وهنا يثور التساؤل حول حجية قانون الحصانة أمام القانون الدولي، من جهة، ويثور أيضاً تساؤل حول مبادئ العدالة الانتقالية وتوافقها مع حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
أولاً: حجية قانون الحصانة اليمني أمام القانون الدولي، ومكانة قواعد القانون الدولي إزاء القوانين الوطنية
على الرغم من أن قانون الحصانة اليمني قد صدر بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كجزء الحل السياسي، إلا أنه ومن خلال استعراض قراري مجلس الأمن الدولي المتعلقين باليمن، وتقارير مجلس حقوق الإنسان وقراراته، وتقارير كافة المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية[9] ومنظمة هيومن رايتس ووتش[10] والمركز الدولي للعداله الانتقالية[11]، من الواضح أن قواعد ومبادئ القانون الدولي لايعترف بالحصانة التي تمنح لمرتكبي جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم القانون الجنائي الدولي والجرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم تمثل انتهاكات لمعاهدات دولية مقرة دولياً واليمن طرف موقعٌ عليها وملتزمٌ بها بموجب الدستور اليمني نفسه. وبالتالي فإن القانون الذي يمنح الحصانة ينتهك الدستور اليمني نفسه. وقد وصفت منظمة العفو الدولية قانون الحصانة القانونية للرئيس اليمني بأنه يمثل "صفعة لضحايا الانتهاكات" [12] في حين وصفه المركز الدولي للعدالة الانتقالية بأنه "انتهاك للقانون الدولي وإخلال بالتزامات اليمن"[13] وفقاً لوصف المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة السيدة نافي بيلاي.
وننوه في هذا الصدد أن الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية تنص على الالتزام بها وتنفيذها بما لايتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2014 (2011)، والذي جاء فيه يباجته تأكيد المجلس "وجهة نظر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن عدم منح أية حصانة لضمان المحاسبة الكاملة"، وفي الفقرة 2 منه أنه " يدين بشدة استمرار انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطة اليمنية، كالاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين وبالمثل تماما يدين أعمال العنف، واستخدام القوة، وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الجهات الأخرى، ويشدد على أن كافة أولئك المسئولين عن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان يجب أن يتحملوا المسئولية."
وفي دراسة بعنوان "أسباب امتناع المسئولية الجنائية في القانون الجنائي الدولي"[14] أشار الكاتب إلى أن من القواعد المستقرة في القانون الدولي سمو القانون الدولي على القانون الداخلي، وأن الفقه الجنائي الدولي لايعتد بأوامر الرئيس الأعلى للافلات من العقاب، وأنه لايجوز القول بوجود أمر من القيادة لسقوط مسئولية من يرتكب الفعل الاجرامي، وبموجب اتفاقيات جنيف يعتبر الرئيس الذي أصدر أمراً بارتكاب إحدى الجرائم الجسيمة فاعلاً أصيلاً فيها، ولايقبل الفقه الجنائي الدولي بالجهل بأحكامه، ويشدد البحث على أن المجتمع الدولي يعمل على "ردع الرؤوساء حتى لايتجرأوا على القانون"، "ويكون هذا الردع ضمانة أكيدة لحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة والحروب"[15]
ولعل من أحدث الدراسات المرتبطة المسئولية الجنائية الدولية للقادة وفقا للقانون الدولي، هي تلك الدراسة التي نشرتها مجلة "السياسة الدولية" المصرية حول "المساءلة على جرائم الإبادة: المسئولية الجنائية الدولية للقادة وفقا للقانون الدولي"[16]، وتطرقت إلى البحث في "الأساس القانوني لمسئولية القادة والرؤوساء عما يقترفونه من جرائم، ذات خطورة شديدة على المجتمع الدولي بأسره." بالرغم من أن "هؤلاء القادة لايرتكبون الجرائم بأنفسهم."[17] وتلخص الدراسة إلى "تتحقق المسئولية الجنائية المباشرة للقادة، إذا كان لهم دور أساسي في ارتكاب الجريمة سواءاً بإصدار أوامر مباشرة  كتابية أو شفوية، أو الإسهام فيها بتحريض، أو مساعدة، أو اتفاق، أو شروع." أي "المساهمة الجنائية الأصلية والمساهمة الجنائية التبعية، والاتفاق الجنائي، أو مايطلق عليه (المشروع الإجرامي المشترك)". وتنصح الدراسة بنشر هذه المعارف على "أفراد القوات المسلحة بمختلف فروعها، من أجل عدم التذرع بأوامر الرئيس الأعلى كمانع من موانع المسئولية الجنائية."[18]
وفي دراسة هامة حديثة حول "مسؤولية رجال السلطة عن الجرائم الجسيمة ضد المتظاهرين وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والقوانين الوطنية"[19]، أشار الباحث إلى استقرار قواعد القانون الدولي في شأن الجرائم الجسيمة "أن القائد العسكري أو الأمني يكون مسئولاً مسؤولية مفترضة عما يرتكبه الضباط أو العسكر الذين يعملون تحت إمرته حتى إذا لم يخطط أو يأمر هو شخصياً بارتكابها وذلك لامتناعه عن وقف ارتكابها أو إخفاقه في اتخاذ الإجراءات الضرورية والمعقولة لمنع ارتكابها." وأضاف " وطبقاً للقواعد القانونية المتعارف عليها على المستويين الوطني والدولي فإن الرئيس أو القائد سواء كان عسكرياً أو مدنياً يكون مسئولاً مسؤولية مباشرة عما يرتكبه مرءوسيه أو تابعيه من جرائم طالما تمت هذه الجرائم بأمر أو تعليمات أو تحريض أو حث منه. وليس من المستلزم في تلك الحالة أن يصدر الأمر كتابة."
وجدير بالذكر إن اتفاقيات جنييف الأربع بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة الموقعة في عام 1949 تنص على عدم ضرب الأهداف المدنية أو السكان المدنيين أو تجويعهم ومهاجمة وتدمير أو تعطيل كل ما لا غنى لهم عنه من أجل البقاء، أو إجبارهم على النزوح.. إلخ.[20]
وعليه، فإن القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الإنساني وكافة المعاهدات والاتفاقيات والقواعد والمبادئ المستقرة في القانون الدولي والفقه الدولي، لا تعترف إطلاقاً بالحصانات الممنوحة لرؤوساء الدول والقادة والمسئولين من الملاحقة القانونية والقضائية إطلاقاً. ومن أبرز الأمثلة لذلك الحكم الصادر في حق الرئيس الليبري تشارلز تيلور في 26 أبريل الماضي 2012 عن محكمة سيراليون الخاصة بالسجن خمسين عاماً.[21]
وبعد صدور الحكم جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أن ذلك "الحكم يعد خطوة هامة للعدالة الجنائية الدولية، حيث يخص أول إدانة لرئيس دولة سابق من قبل محكمة دولية للتخطيط والمساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، مشددا على أنه يرسل رسالة قوية إلى كل القيادات بأنه ستتم محاسبتهم ومساءلتهم عن أفعالهم.[22]
العدالة الانتقالية ومدى توافقها مع القانون الدولي الإنساني: ما المقصود بالعدالة الانتقالية؟
"العدالة الانتقالية" مفهوم جديد في القانون الدولي، اعتمدها المجتمع الدولي كمدخل لتحقيق العدالة في المجتمعات التي تمر في فترات صراع أو في مراحل انتقالية بعد صراعات طويلة جرت خلالها انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان نتيجة لممارسات الدولة أو لأطراف النزاعات المختلفة، بهدف الانتقال بتلك المجتمعات إلى الديمقراطية، بهدف تحقيق السلام والمصالحة الوطنية وتأسيس ديمقراطية حقيقية.
العدالة الانتقالية والقانون الدولي
وارتبطت العدالة الانتقالية بالتحولات التي شهدتها العديد من دول العالم من نهاية الحرب الباردة في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وتأسست بعض من قواعد العدالة الانتقالية في حكم للمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان في العام 1988، قضت فيه بأن على كل الدول واجبات أربعة في مجال حقوق الإنسان، هي: (1) القيام بالخطوات الكافية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان، و(2) وإجراء تحقيقات جادة إذا ما حدثت أية انتهاكات لها، و(3) فرض عقوبات مناسبة على أولئك الذين ارتكبوا تلك الانتهاكات، و(4) ضمان تعويض ضحايا تلك الانتهاكات. واعتمدت تلك القواعد بعد ذلك في أحكام لاحقة من المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان وكافة أجهزة الأمم المتحدة المختصة بحقوق الإنسان، بل أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أنشأت مفوضية خاصة بحقوق الإنسان عام 1993[23]، إلى جانب مجلس حقوق الإنسان. وجاء إنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998 تأكيداً جديداً رفض المجتمع الدولي للإفلات من العقاب واحترام حقوق ضحايا انتهاكات حقوق الانسان والقانون الجنائي الدولي[24].
وعرفت الأمم المتحدة[25] معنى العدالة الانتقالية بأنها المجموعة الكاملة من العمليات والآليات المرتبطة بمحاولات أي مجتمع لإنهاء ميراث انتهاكات واسعة، لضمان المساءلة، وخدمة العدالة وتحقيق المصالحة. وعمليات وآليات العدالة الانتقالية مكونات هامة لإطار عمل الأمم المتحدة من أجل تعزيز سيادة القانون. وتشتمل العدالة الانتقالية عمليات وآليات قضائية وغير قضائية، بما في ذلك المحاكمات، ومبادرات الوصول إلى الحقيقة، وتقديم التعويضات، وإصلاح الأجهزة واجراء المشاوات الوطنية. وأي كانت التركيبة التي يتم اختيارها، يجب أن  تكون ملتزمة بالمعايير والالتزامات القانونية الدولية.  
وقد اعتمدت العدالة الانتقالية في العديد من البلدان مثل تشيلي والأرجنتين والبوسنةوالهرسك وليبريا والكونجو الديمقراطية وجنوب أفريقيا والمملكة المغربية[26]، وغيرها. ولاتوجد صيغة محددة للعدالة الانتقالية يمكن اعتمادها، حيث تم تطبيقها بشكل أو آخر من بلد ألى أخرى. غير أن الهدف الأساسي لها جميعاً نقل المجتمعات من تحت نير الأنظمة الديكتاتورية إلى الديمقراطية، لتجاوز جرائم مثل التطهير العرقي وتحقيق المصالحات الوطنية في تلك الدول وتمكين العدالة من لعب دور في بناء السلام.
وتعتمد العدالة الانتقالية[27] وسائل كي تتحق هذه العدالة المنشودة، تتمثل فيما يلي: (1) الملاحقات القضائية لمنتهكي حقوق الانسان، و(2) جبر الضرر وتعويض الضحايا والمتضررين من الأنظمة، و(3) إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية والمدنية التي ساهمت في تلك الانتهاكات، و(4) تشكيل لجان الحقيقية لمعرفة الحقيقة باعتبارها أساس المصالحة الوطنيى، و(5) تخليد ذكرى الضحايا.
العدالة الانتقالية في الحالة اليمنية
نصت الآلية التنفيذية لدى تناول مؤتمر الحوار الوطني، أن من اختصاصاته العديدة، في المادة 19 منها، "(ح‌) اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالح الوطنية والعدالة الانتقالية، والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلاً،" ومقتضى ذلك أن ينظر المؤتمر في تدابير العدالة الانتقالية التي تضمن تحقيق المصالحة الوطنية بما يضمن عدم تكرار انتهاكات الماضي.
غير أن الحكومة قامت بصياغة مشروع قانون باسم "العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية"، وفشلت في أقراراه حتى الآن، وتم رفعه إلى رئيس الجمهورية ليتخذ مايراه بشأنه وفقاً لاختصاصاته. ولم يتخذ بشأنه أي قرار حتى الآن، على الرغم من أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2015 (2012) نص على ضرورة استعجال إصدار ذلك القانون، بهدف معالجة آثار الصراعات التي مرت بها اليمن ولمعالجة ما يتربط بحقوق الشهداء والضحايا الذين تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان. وهذه واحدة من الآثار المترتبة على عدم أنشاء لجنة التفسير، لأن الحكومة بموجب الآلية التنفيذية ليست المخولة بمعالجة مسألة العدالة الانتقالية كمدخل للمصالحة الوطنية، وإنما المخول بذلك هو مؤتمر الحوار الوطني، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن غياب لجنة التفسير أثر أيضاً في تأخر اتخاذ رئيس الجمهورية ما يلزم إزاء عدم توافق مكونات الحكومة الانتقالية، ومحاسبة المتسببين بذلك.
 وبحسب ديباجة مشروع القانون المزمع فإنه يهدف إلى وضع نهاية لأسباب الانقسام والصراع بين أفراد المجتمع اليمني، وتحقيق العدالة والتعويض المناسب كثير من أفراد المجتمع نتيجة للصراعات السياسية في الماضي والحاضر، والحاجة إلى فهم أخطاء الماضي من أجل بناء مستقبل أفضل للجميع وضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، ووقف لكل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة ونبذ دعوات الثأر، وتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وضمان الامتثال بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وحفظ الذاكرة الجماعية بالحفاظ على ذكرى الضحايا واسترجاع الثقة بين أفراد المجتمع وأجهزة الدولة. وسينشأ بموجب القانون هيئة الإنصاف والمصالحة تتولى إنجاز المهام المرتبطة بالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، تهدف إلى إجراء مصالحة وطنية بين أفراد المجتمع اليمني نتيجة ما خلفته الصراعات السياسية خلال فترة سريان القانون وحتى الآن وإنصاف وتعويض وجبر ضرر من انتهكت حقوقهم أو عانوا من تلك الصراعات أو ورثتهم. كما سينشأ صندوق للتعويضات.
غير أن من الأمور التي أثارت الكثير من الجدل السياسي والقانوني هو النطاق الزمني الذي يغطيه القانون، حيث نصت المادة الرابعة (أ) منه بسريانه "على الضحايا الذين انتهكت حقوقهم بسبب تصرفات الأطراف السياسية سواء أكانت الحكومة أو من عارضها نتيجة الصراعات السياسية التي حدثت منذ العام 1990م وحتى صدور هذا القانون" وإن كان قد اتاح في الفقرة (ب) "النظر في الشكاوي وتعويض ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة قبل عام 1990م حال استمرار آثار هذه الانتهاكات حتى صدور هذا القانون، ولم تعالج حتى الآن". ويعود ذلك إلى أن قانون الحصانة الممنوح للرئيس السابق ارتبط بكامل فترة حكمه منذ توليه السلطة قبل 33 عاماً، في حين أن قانون العدالة لايغطي إلا الفترة منذ قيام الجمهورية اليمنية قبل 22 عاماً، وهناك كثير من القضايا التي يتجاهلها القانون ومنها الاغتيالات السياسية لعدد من رؤوساء اليمن شمالاً وجنوباً وعدد آخر من السياسيين، والاخفاء القسري لعدد من السياسيين وجهل قبور عدد من السياسيين. ويعارض الكثيرون مشروع القانون من حيث أنه لم يعطى حقه الكامل من المشاورات. هذا فضلاً عن أن مشروع القانون يتجاهل تحقيق العدالة الجنائية.
وهذا على الرغم من أن على الحكومة ملزمة بتقديم مشروع بقانون او مشاريع بقوانين حول المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وفقاً لما ورد في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية في فقرتها (ح) من البند ( 21 ) بمايرمي الى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الانسان والقانون الانساني.
الخلاصة
نخلص في الختام أن اليمن يعيش حالة انتقالية حرجة من خلال التسوية السياسية التي مثلتها قرار مجلس الأمن رقم 2014 (2011) والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2015 (2012)، وقد حدثت خلال الثورة الشبابية السلمية انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان في اليمن موثقة راح ضحيتها المئات من الشباب والشابات والأطفال والرضع والشبوخ، وارتكبت في حق الشعب اليمني جرائم ترقى للجرائم ضد الانسانية من خلال قصف المدن والمساكن وتدمير كامل لتجمعات سكانية كاملة في الريف والمدن الكبرى.
ورغم ذلك، لم يتم حتى الآن معالجة هذة الجرائم والانتهاكات، بل على العكس صدر قانون مخالف للدستور اليمني والقانون الدولي يمنح الرئيس السابق وأعوانه حصانة من الملاحقة القانونية والقضائية طوال فترة حكمه. ولاحظنا أن القانون الدولي لا يقر مثل هذه الحصانات، ولايمكن أن يسقط حق أصحاب الدم والمصلحة في اللجوء إلى القضاء للحصول على العدالة الجنائية، فضلاً عن أن التزامات الدول بموجب قواعد القانون الدولي تسمو في كل الأحوال على القوانين الوطنية.
كما لاحظنا التلكؤ من قبل الحكومة اليمنية في تنفيذ التزاماتها وتعهداتها المرتبطة بحقوق الإنسان، وإطلاق سراحى المعتقلين وغيره، والتعثر في إنجاز قانون العدالة الانتقالية حتى الآن، وعدم انشاء اللجنة التفسيرية، و تأخر اللجنة الفنية للحوار الوطني في تقديم تقريرها للرئيس للبدء بالاعداد بالحوار الوطني الشامل، فضلاً عن تأخر توحيد وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن وهو الأمر الذي يهدد عملية الانتقال السلمي برمتها. وهذه كلها أمور يجب إنجاز دون أي تأخير.
إن هذه الأمور مجتمعة تقتضي من رئيس الجمهورية والحكومة وكافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني التكاتف لإنجاز متطلبات المرحلة الثانية للوصول بالبلاد إلى بر الأمان في فبراير 2014 حسبما تنص عليه الآلية التنفيذية، وستظل هذه الأمور مصدر قلق كبير وتوتر دائم، لا سيما مع استمرار قوى مقاومة التغيير ممسكة بالكثير من مفاصل الدولة.
إن معالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت، هي جزء من المعالجات الشاملة التي تقتضيها التسوية السياسية، ولايمكن أن يتم ذلك إلا بقرارات شجاعة من قبل رئيس الجمهوربة تخرج البلاد برمتها من الاتهان لقوى مقاومة التغيير المشروع للشعب اليمني، لاسيما في ظل الدعم الاقليمي والدولي غير المسبوق لمساعدة اليمن في الخروج من الوضع الراهن إلى المحتمع الديمقراطي المأمول.
إن الدستور المنتظر ان يتمخض عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل، يجب أن يعكس كل ما يؤكد على كرامة المواطن اليمني ويعزيز احترام حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقاً لما هو مقر في كافة المواثيق والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وبما يضمن المساواة الكاملة للمواطنين أمام القانون دون انتقاص، ويحصن المجتمع اليمني من تكرار كل المأسي والظلم والإقصاء والحرمان في ظل سيادة القانون في دولة يتمكن المواطنون فيها من المشاركة والإسهام في الحكم والحياة السياسية وتقاسم الثروات بشكل عادل ومنصف، ولامكان فيها للإفلات من العقاب عن أي انتهاكات للإنسان والدستور والقوانين.









1.       [1]  من الفقرة 3 من المادة 1 من مقدمة "الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية" الموقعة في 23 نوفمبر 2011 في الرياض.  للاطلاع على النص الكامل للمبادرة الخليجية راجع الرابط التالي: http://www.almotamar.net/news/95152.htm
2.       [2]   من الفقرة 2، نفس المرجع السابق
3.       [3]  من الفقرة 1، نفس المرجع السابق
4.       [4]      من المادة 19،المرجع السابق
5.       [5]     من المادة 9، المرجع السابق التي نصت على أن يقوم الطرفان الموقعان باتخاذ "الخطوات اللازمة لضمان اعتماد مجلس النواب للتشريعات والقوانين الأخرى اللازمة للتنفيذ الكامل للالتزامات المتعلقة بالضمانات المتعهد بها في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وفي هذه الآلية."
6.       [6]     وكالة سبأ للأنباء 21 يناير 2012 والنص الكامل للقانون على الرابط التالي:  http://www.sabanews.net/ar/news258572.htm
7.       [7]  للإطلاع على النص الكامل للقرار راجع الرابط:  http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/refworld/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=505081f42
8.       [8]   انظر تقرير منظمة هيومن راتس ووتش الكامل والمفصل حول هذا الموضوع، وذلك على الرابط التالي: http://www.hrw.org/ar/news/2012/09/27-0
9.       [9]  للاطلاع على كافة تقارير منظمة العفو ادولية حول اليمن، راجع الرابط التالي: http://www.amnesty.org/ar/ai_search?keywords=%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86&op=%D8%A8%D8%AD%D8%AB&form_id=search_theme_form&form_token=977d2ee9e9ccaa9dc767f0f292c8476b
10.   [10]   للاطلاع على كافة تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش حول اليمن، راجع الرابط التالي: http://www.hrw.org/ar/middle-eastn-africa/yemen
11.   [11]     للإطلاع على تقارير المركز الدولي للعدالة الانتقالية حول اليمن، راجع الرابط التالي:  http://ictj.org/ar/search-results?search=%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86
12.   [12]   راجع تقرير منظمة العفو الدولية حول الموضوع على الرابط التالي:  http://www.amnesty.org/ar/library/asset/MDE31/001/2012/ar/e7271267-aca1-4545-a439-41ad9b4bccc1/mde310012012ar.html
13.   [13]  راجع تقرير منظمة العفو الدولية حول الموضوع على الرابط التالي: http://www.amnesty.org/ar/library/asset/MDE31/001/2012/ar/e7271267-aca1-4545-a439-41ad9b4bccc1/mde310012012ar.html
14.   [14]   للدكتور أشرف محمد لاشين، منشورة في المركز الإعلامي الأمني في جمهورية مصر العربية، موجودة على الرابط التالي: http://www.policemc.gov.bh/reports/2011/November/20-11-2011/634573869850875883.pdf
15.   [15]   المرجع السابق.
17.     تشير الدراسة إلى أن المسئولية الجنائية الدولية المباشرة للقادة تتخذ "صورا شتي، إذ يمكن مساءلة القادة جنائياً عن الجرائم الدولية التي يرتكبونها أو يأمرون بارتكابها، ويمكن أيضا تحميلهم المسئولية الجنائية عن الإسهام في ارتكاب هذه الجرائم، أو تسهيل ارتكابها، أو المساعدة، أوالتحريض عليها، كما يمكن ملاحقتهم قضائيا بسبب التخطيط لارتكاب تلك الجرائم أو التحريض عليها أو الاتفاق عليها أو مجرد الشروع في ارتكابها." المرجع السابق.
18.     راجع تقرير منظمة العفو الدولية حول الموضوع على الرابط التالي:  http://www.amnesty.org/ar/library/asset/MDE31/001/2012/ar/e7271267-aca1-4545-a439-41ad9b4bccc1/mde310012012ar.html
19.     راجع تقرير منظمة العفو الدولية حول الموضوع على الرابط التالي:  http://www.amnesty.org/ar/library/asset/MDE31/001/2012/ar/e7271267-aca1-4545-a439-41ad9b4bccc1/mde310012012ar.html
20.        راجع الاتفاقيات الأربع وبوروتوكولاتها، على الرابط التالي: http://www.policemc.gov.bh/reports/2011/November/20-11-2011/634573869850875883.pdf وهي تنطبق ليس فقط على الحروب بين الدول وإنما تنطبق أيضاُ على الصراعات الداخلية المسلحة والحروب الأهلية، بموجب المادة الثالثة المشتركة بين الاتفاقيات الأربع. وأنظر أيضاً "تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة غير الدولية" إصدار منظمة الصليب الأحمر الدولية، على الرابط التالي: http://www.icrc.org/ara/assets/files/other/icrc_004_0923.pdf
21.     للدكتور أشرف محمد لاشين، منشورة في المركز الإعلامي الأمني في جمهورية مصر العربية، موجودة على الرابط التالي: http://www.policemc.gov.bh/reports/2011/November/20-11-2011/634573869850875883.pdf المرجع السابق.
23.        تشير الدراسة إلى أن المسئولية الجنائية الدولية المباشرة للقادة تتخذ "صورا شتي، إذ يمكن مساءلة القادة جنائياً عن الجرائم الدولية التي يرتكبونها أو يأمرون بارتكابها، ويمكن أيضا تحميلهم المسئولية الجنائية عن الإسهام في ارتكاب هذه الجرائم، أو تسهيل ارتكابها، أو المساعدة، أوالتحريض عليها، كما يمكن ملاحقتهم قضائيا بسبب التخطيط لارتكاب تلك الجرائم أو التحريض عليها أو الاتفاق عليها أو مجرد الشروع في ارتكابها." المرجع السابق.
24.     المرجع السابق.
25.     ورقة عمل بعنوان "مسؤولية رجال السلطة عن الجرائم الجسيمة ضد المتظاهرين وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والقوانين الوطنية"، قدمها المستشار عادل ماجد، نائب رئيس محكمة النقض المصرية، إلى بالمؤتمر الإقليمي حول المحكمة الجنائية الدولية الذي عقد في الدوحة 24 -25 مايو 2011، على الرابط التالي: http://www.icc.pp.gov.qa/AR/DownloadHandler.ashx?pg=dcdae435-a28e-4410-868c-d7239b5b7928§ion=598f6a70-d8e0-435c-b557-b5b0aa2480a0&file=AdelMaged.doc
26.     للإطلاع على قصة الرئيس تشارلز تيلور يمكن مراجعة مقالة بعنوان " قصة تايلور الرئيس الليبيري السابق .. واعظ الكنيسة الذي تحول لمجرم حرب" الرابط التالي: http://www.qiraatafrican.com/view/?q=669
27.     الأمين العام يرحب الحكم الصادر بحق تشارلز تايلور ويقول إنها لحظة تاريخية بالنسبة لشعب سيراليون، التصريح على الرابط التالي: http://www.un.org/arabic/news/fullstorynews.asp?NewsID=16529