Wednesday 14 November 2012

خطاب مفتوح إلى
فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية
ودولة رئيس الوزراء الاستاذ محمد سالم باسندوة

تحية طيبة،
في البيان الختامي للاجتماع الرابع لمجموعة أصدقاء اليمن في 27 سبتمبر 2012 الماضي في مدينة نيويورك الأمريكية الذي تم بمشاركة ما يزيد عن " 39" دولة ومنظمة إقليمية ودولية مانحة، أشاد البيان بالتقدم الذي تحقق منذ الاجتماع الوزاري الثالث للمجموعة في الرياض في 23 مايو 2012 الماضي، لاسيما تشكيل اللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، واتفاق المانحين والحكومة على إطار المسؤولية المشتركة للاستفادة من التعهدات التمويلية التي بلغت 4ر6 مليار دولار، وأضاف المانحون إعلان تعهدات إضافية لتصل مجمل تعهدات المانحين إلى 9ر7 مليار دولار. وقد ركز بيان نيويورك دعم الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الأعضاء في مجموعة أصدقاء اليمن على عدد من الأمور الهامة في عملية الانتقال السلمي في اليمن. وعدّد الأمور الهامة التالية:
·      قرارات رئيس الجمهورية المتعلقة بإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والأمن.
·      الترتيب لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني شامل في منتصف شهر نوفمبر الجاري، يقوده اليمنيون أنفسهم دون تدخل خارجي
·      تشجيع كل الأطراف اليمنية على المشاركة الكاملة والفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني.
·      جهود الحكومة اليمنية الهادفة إلى إعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية بنهاية العام 2012.
·      تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء وإعداد سجل للناخبين.
·      التزام الحكومة اليمنية بإقرار وتنفيذ قانون العدالة الانتقالية.
·      موافقة الحكومة على "إطار المسئولية المتبادلة مع المانحين" والذي يحدد التزامات كلا الجانبين بالسياسات والمؤشرات، وترتيب المراقبة لضمان أن تعمل التمويلات الإضافية على سرعة وواقعية تحقيق المنفعة للشعب اليمني، والعمل على دعم حكومة الوفاق الوطني في تنفيذها لسياسة الالتزامات المحددة في إطار المسؤولية المتبادلة.
لقد كان ذلك في نيويورك. وعلى الرغم من التعثرات في عدد من متطلبات، لاسيما تأخر اللجنة الفنية للحوار في تقديم تقريرها، وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، وتأخر أصدار قانون الأول للعدالة الانتقالية،  وهو أمور توحي بالبطء غير المرغوب في تقدم عملية الانتقال السلمي للسلطة نحو فبراير 2014، وتبعث على قلق مشروع لدى كل مكونات الشعب الذين ينتظرون انتصار أهداف التغيير، فإنني أعتقد أن ما يتم إنجازه بحذر سياسي حصيف وواعٍ، بمشاركة ورعاية ورقابة المجتمع الدولي ممثلاً بالدول الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتنفيذ قراري مجلس الأمن رقم 2014 (2011) ورقم 2051 (2012) وبمشاركة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد السفير جمال بنعمر، لن يؤخرنا عن موعد الاستحقاق في فبراير 2014.
غير أن هناك تعهدات أخرى على درجة عالية من الأهمية والخطورة، قدمتها الحكومة اليمنية في اجتماع الرياض الثالث الذي عقد يومي 4 و5 سبتمبر 2012. حسب ماقاله السيد وائل زقوت، مدير مكتب البنك الدولي في صنعاء، بعد مشاركته في ذلك الاجتماع، على مدونته الخاصة في 6 سبتمبر 2012، حيث كتب لليمنيين:
" أريد أن أتحدث إليكم عن الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة والمجتمع الدولي لضمان أن هذه الأموال ستصل إليكم –إلى كل واحد منكم - بسرعة وبشفافية وبكفاءة...... ففي مجال الحكم الرشيد، التزمت الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة للتحقيق مع كبار المسئولين المتورطين في قضايا الفساد. وكما يعلم الكثير منكم، فان الإجراءات القائمة تتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان أو رئيس الجمهورية للشروع في التحقيق عن أي شخص بدرجة نائب وزير فما فوق. وهذا هو السبب وراء عدم التحقيق مع أي مسئول رفيع المستوى في أي وقت مضى. أما الآن فقد التزمت الحكومة على إنشاء محكمة خاصة لتسريع محاكمة قضايا الفساد وضمان صدور أحكام بحق المدانين بقضايا الفساد. وهذه تعتبر رسالة واضحة للمسئولين الحاليين رفيعي المستوى أن عليهم أن يفكروا أكثر من مرة قبل التورط في الفساد."
وهذا هو مربط الفرس. بكل تواضع فإنني أرى أمرين:
الأمر الأول، أن ولاية الهيئة العليا لمكافحة الفساد قد انتهت، حسب قانونها الخاص، ويجب اختيار هيئة جديدة، وفقاً للألية التي ينص عليها قانونها، وإذا تعذر توافق مجلس النواب، يرفع الأمر إلى رئيس الجمهورية، وفقاً للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. وأية ممارسات تقوم بها الهيئة السابقة يعتبر بمثابة اغتصاب لسلطة حتى وأن صدرت أية توجيهات باستمرارها في ممارسة مهامها، وكل ما تقوم به في حق موظفين صغار لا حول لهم ولاقوة، تعتبر، دستورياً وقانونياُ، كأن لم تكن.
والأمر الثاني، أن الآلية التنفيذية في المادة 4 منها على أن "يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة."، كما تنص في المادة 13 فقرة (ت) منها بأن تقوم "حكومة الوفاق الوطني مباشرة بعد تشكيلها، .... (ت‌) إصدار تعليمات قانونية وإدارية ملائمة إلى جميع فروع القطاع الحكومي للإلتزام الفوري بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان؛" وفي الفقرة (ج) تلتزم حكومة الوفاق الوطني بكافة قرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة." وتنص أيضاً في الفقرة 15 الفقرة (ت) بشأن ممارسة نائب الرئيس، وبعد ذلك رئيس الجمهورية بعد الانتخابات، وحكومة الوفاق الوطني، السلطة التنفيذية، ويشمل ذلك تنفيذ كل ما يتعلق بهذا الاتفاق بما في ذلك النقاط التالية جنباً إلى جنب مع مجلس النواب حسب الاقتضاء: .... (ت‌) ضمان أداء المهام الحكومية على نحو منظم بما فيها الإدارة المحلية وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون وحقوق الإنسان والشفافية والمساءلة." ويعنى ذلك أن نصوص إجراءات محاسبة كبار المسئولين في الدستور والقانون، غير نافذة، عملاً بالمادى 4 من الآلية، وتنفيذاً لنص المادة 13 فقرة (ت) القاضية بالالتزام بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون، والفقرة (ج) منها والمادة 15 فقرة (ت) القاضية بممارسة المهام الحكومية وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون ... والشفافية والمساءلة.
وأرى، أذا لزم الأمر، فإن الآلية التنفيذية منحت رئيس الجمهورية الحق في أصدار أية مراسيم لازمة لتنفيذ الآلية. ومن هنا، فإننا لانرى أية مبررات للتلكؤ في تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد جديدة تقنع المواطن بجدية التوجهات لمكافحة الفساد، ومن ثم أحالة أي مسئول أي كانت درجته بتهم الفساد، عملاً بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون والشفافية والمساءلة، وقانون مكافحة الفساد المرتكز أصلاً على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.
وقبل أن اختتم هذا الخطاب المفتوح، أتمنى على فخامة الأخ رئيس الجمهورية التعجيل بتنفيذ العشرين نقطة المطروحة أمامه ووافق عليها، كي تدفع بمناخ من بناء الثقة في جدية التوجهات لتصحيح الكثير مما أصاب المواطن والوطن كم ظلم بيّن، وجدية التغيير المرتقب انجازه من خلال الحوار الوطني الشامل المرتقب الذي لايستثني أحد.
وأخيراُ، فإن القيام بهذه التوصيات لابد وأن تدفع الجميع إلى مراجعة الذات، وإدراك أن التاريخ لن يرحم من يختار لنفسه أن ينأى بها عن اغتنام الفرصة التاريخية التي بين يدي الشعب الذي من حقه تصحيح مسار اليمن على الطريق المستقيم.
والله من وراء القصد.
السفير (مقاعد) مروان عبدالله عبدالوهاب نعمان
صنعاء في 15 نوفمبر 2012

No comments:

Post a Comment