Wednesday 15 August 2012

 
 
نشوان نيوز - خاص الجمعة 08-06-2012 10:15 مساء 660
بقلم السفير مروان نعمان
من المنتظر ان يصدر مجلس الامن الدولي قراراً جديداً بشأن الأوضاع في اليمن بعد جلسته المفتوحة التي عقدها الأربعاء 30 مايو الماضي، وهي الجلسة التي استعرض خلالها مبعوث الأمين العام السيد جمال بن عمر تقريره عن تطورات الاوضاع في اليمن، وبعد توزيع مشروع قرار تبنته بريطانيا وأقرته الدول الخمس الدائمة العضوية الاثنين الماضي 4 يونيو.
 
وكان المجلس قد اجل في 17 مايو استعراض تقرير المبعوث الدولي لإفساح المجال للمزيد من الجهد السياسي لاحتواء رفض تنفيذ بعض قرارات اصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي في 16 ابريل 2012، وهو الامر الذي فشل المبعوث الدولي من النجاح فيه، مما يعتبر إعاقة وعرقلة لعملية "التسوية السياسية" في اليمن.

وفي تقريره، استعرض المبعوث الدولي ما تم انجازه في مسار التسوية في اليمن، منذ انطلاقها، وإنجاز متطلبات المرحلة الاولى من الفترة الانتقالية. غير انه أشار بوضوح الى ان "العملية الانتقالية في اليمن تجري في ظل هواجس أمنية خطيرة وأزمة إنسانية غير مسبوقة وعدد من النزاعات التي ما زالت تتطلب تسوية. إن الجدول الزمني للمرحلة الانتقالية ضيق جدا وما من وقت لإضاعته.

ومن أهم التحديات التي يواجهها اليمن بسط سلطة الدولة في بيئة يهيمن عليها عدد كبير من الجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية المتنافسة على السلطة. وما زال تنظيم القاعدة على وجه الخصوص يشكل تهديدا كبيرا. ومع ذلك، فإن جهود الرئيس هادي لمكافحة تقدم تنظيم القاعدة في الجنوب وأماكن أخرى بدأت تؤتي ثمارها." وتطرق بشكل مفصل كل المعوقات التي تعرضها والأفراد المتسببين بها، والوضع الامني والأعمال الإرهابية التي تقوم بها اطراف مختلفة.

وقد سبق اجتماع المجلس عدد من التحركات السياسية الإقليمية والدولية التي تستهدف الدفع بالعملية السياسية في اليمنية لإنجاز "دفع عجلة البلاد إلى الأمام وتحقيق تطلعات الشباب في التغيير"، حسبما جاء في تقرير السيد جمال بن عمر، اصدار الرئيس الامريكي قراراً غير مسبوق، يخول فيه وزارة الخارجية وزارة الخزانة الأمريكيتين بتجميد الأصول المالية للأفراد أو الهيئات التي تعرقل اتفاقية الانتقال السياسي للسلطة في اليمن، قال بيان صادر عن وزارة الخزانة إن الهدف منه «التوضيح لأولئك الأفراد في اليمن الذين يعقدون العزم على تقويض الانتقال الديمقراطي الجاري حاليا في البلاد أن الولايات المتحدة ستتخذ الخطوات الضرورية واللازمة لمحاسبتهم على أفعالهم».

وجاء القرار الرئاسي الامريكي ليؤسس لقرار غير مسبوق في المواقف الامريكية تجاه اي دولة حين أشار الى ان قرار الرئيس أوباما على "ان تصرفات وسياسات بعض اعضاء الحكومة اليمنية وآخرين تهدد السلام والامن والاستقرار في اليمن، بالإضافة إلى عرقلة تلك التصرفات لعملية تنفيذ اتفاقية 23 نوفمبر 2011 بين الحكومة اليمنية والاطراف المعارضة لها، حيث توفر الاتفاقية إنتقال سلمي للسلطة تلبي المطالب المشروعة وتطلعات الشعب اليمني للتغيير، وكذا إعاقة العملية السياسية في اليمن." و "ان تلك الخطوات تشكل تهديداً غير اعتيادي وفريد من نوعه للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة" وبالتالي اعلان "بناء حالة طوارئ وطنية للتعامل مع هذا التهديد".

كما سبق الاجتماع ايضاً انعقاد مؤتمر اصدقاء اليمن في الرياض، خرج ببيان على درجة عالية من الأهمية التي تغافل عنها اليمنيون، لانه وضع، في اعتقادي خارطة طريق مزمنة للعملية السياسية ومستلزماتها حتى 31 مارس 2013، من جهة، ووضع خارطة طريق لمسار البلاد الاقتصادي خلال الفترة الانتقالية حتى عام 2014. وعلى صعيد آخر، ربط اصدقاء اليمن بين موعد 30 يونيو المحدد للفراغ النجاح السياسي المطلوب للجنة التواصل التي شكلها الرئيس عبدربه هادي ويرأسها الدكتور عبدالكريم الارياني، للترتيب للبدء في الاعمال التحضيرية للحوار الوطني، وبين مؤتمر تستضيفه الرياض في الفترة من 27 الى 30 يونيو لمؤتمر مانحين دولي لمساعدة اليمن في تمويل متطلبات الفترة الانتقالية المحددة بعامين.

ومما اغفله او تغافل عنه اليمنيون ان السيد جمال بن عمر زار المملكة العربية السعودية والتقى بخادم الحرمين جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 1 يونيو الجاري، كما التقى ايضاً مسؤولين خليجيين في الرياض، بهدف بشأن الأوضاع في اليمن، وكيفية تجاوز العراقيل التي تحول دون تنفيذ المبادرة الخليجية. ومن البديهي ان الزيارة كانت بتكليف من مجلس الأمن للتداول في مسألة قضية معيقي التسوية السياسية والمتمردين على قرارات الرئيس عبدربه هادي، في محاولة لإفساح المزيد من النصح بعدم جدوى إعاقة العملية السياسية.

بعد بيان الاجتماع الوزاري لاصدقاء اليمن في الرياض، اعلن مجلس الوزراء السعودي تأييده الى جانب اليمن ووحدته وامنه واستقراره، والتزامه بتقديم المساعدة العاجلة لليمن 3,250 مليار دولار. وقدمت الكويت 30 مليون دولار، وتعهد صندوق النقد الدولي بتقديم 100 مليون دولار، ومن المنتظر ان يقدم الصندوق العربي 100 مليون اخرى. وتعهدت رئيس دولة الامارات العربية المتحدة بتقديم ما قيمته 500 مليون درهم مساعدات غذائية عاجلة للمتضررين انسانياً. وفي اجتماع لاحق في الرياض لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، جددوا وقوفهم الى جانب اليمن ودعمه في مسيرته الانتقالية. وجرى بعده اتصال هاتفي من وزير الخارجية سمو سعود الفيصل للأخ الاستاذ محمد سالم باسندوه. وجاءت ايضاً مؤخراً زيارة نائب وزير الخزانة الامريكي ورئيس الوزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد.

في ظل هذه المعطيات وغيرها من الحشد الاقليمي والدولي للعملية التسوية السياسية في بلادنا سيأتي قرار مجلس الامن الجديد.

ومن المنتظر ان يخرج القرار الجديد لمجلس الامن اكثر وضوحاً في "التزامه بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله السياسي وسلامته الإقليمية"، وسيوضح القرار على ان "عملية الانتقال تتطلب مشاركة وتعاون كل الأطراف في اليمن بما في ذلك المجموعات التي ليست طرفاً في مبادرة مجلس التعاون الخليجي واليتها التنفيذية" في إشارة ان كل من لم يوقع على تلك الوثائق، بدعوتهم الى المشاركة الفعالة في الحوار الوطني الشامل المرتقب.

سيأتي القرار الجديد ليؤكد ان قراره السابق رقم 2014 (2011) هو المرجعية للمبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، وسيشدد على ضرورة التنفيذ الكامل وبموجب الأزمنة المحددة في المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، للانتهاء من الفترة الانتقالية في اليمن في فبراير 2014، من خلال تأكيد وجوب ان تركز الفترة الثانية من العملية الانتقالية "على:
(أ) عقد مؤتمر حوار وطني شامل للكل
(ب) اعادة هيكلة القوات الأمنية والمسلحة تحت قيادة مهنية وطنية موحدة، وإنهاء كل الصراعات المسلحة
(ج) خطوات لمعالجة العدالة الانتقالية وحشد الدعم للوفاق الوطني
(د) الاصلاح الدستوري والانتخابي وعقد الانتخابات العامة في فبراير 2014"
وفي هذا اعادة صياغة وتوضيح لمهام الفترة الثانية للفترة الانتقالية كما جاءت في الآلية التنفيذية والتي جاءت تطورات المشهد السياسي في البلاد

واستخدم مشروع القرار في الاشارة الى الحكومة اليمنية الى اصطلاح "حكومة الوحدة الوطنية"، بدلاً عن اصطلاح "حكومة الوفاق الوطني"، وهو ما يمكن ان يفهم منه ان المجلس يشجع اجراء تغيير حكومي، لايخل بالمعادلة التي حددتها الآلية التنفيذية للمبادرة 50:50، ولكن قد تكون بعدد اقل من الحقائب، في اطار دعم المجلس لـ "جهود الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوحدة الوطنية للدفع بالعملية السياسية الى الامام، بما في ذلك إصلاح القطاع الامني وإجراء تغييرات في المناصب العليا في اجهزة الأمن والقوات المسلحة، وانطلاق الاعمال التحضيرية لعقد مؤتمر الحوار الوطني"

وسيقر المجلس قيام "تواجد بسيط في اليمن يضم فريق خبراء لدعم تنفيذ خطوات العملية الانتقالية، ولتقديم النصح للأطراف وبالتنسيق مع الحكومة اليمنية، خاصةً في دعم عملية الحوار الوطني"، ما يعني ضمناً ان تقديم النصح هذا سيكون بمثابة استغناء عن لجنة التفسير التي كان من المفروض إنشائها في الاسبوع الاول بعد التوقيع على الآلية التنفيذية في الرياض. وهذا في حد ذاته تعديل لنص مهمل في الآلية، فضلاً عن تأسيس لآلية لم تكن موجودة من قبل تعكس اهتمام المجتمع الدولي بالحالة في اليمن بشكل استثنائي للتقيد بالسقف الزمني للانتهاء من الانتقال.

ويوضح مشروع القرار ان المجلس يفرق، عند النظر الى ارتفاع عدد الهجمات، بين الهجمات الإرهابية التي تمت في اليمن وبين تلك التي تبناها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وهو ما يعني ان هناك تمييز واعٍ لدى المجتمع الدولي بين مقترفي تلك الهجمات.

ومن اهم سيجيء به القرار ان المجلس سيقوم باستخدام المادة 41 من الميثاق الواقعة تحت الفصل السابع المعنون "فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان"، مايعني ان المجلس أضحى يرى ان الاعمال التي تجري في اليمن تمثل إعاقة تنفيذ القرار 2014 (2011) وأنها ترقى حالة تهديد للسلم.

والمادة 41 تقع في جملتين الأهم منهما فيما يخص الحالة اليمنية، هي الجملة الأولي التي تقول "مجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى الدول الأعضاء تطبيق هذه التدابير." ولعل مجلس الامن يشير هنا الى عقوبات من قبيل ما جاء في قرار الرئيس الامريكي من تجميد للأموال والأصول، اضافة الى عقوبات اخرى مثل منع السفر أو أى قرارات اخرى يراها مثل الإحالة المحكمة الجنائية الدولية، لاسيما بعد عرقلة اصدار قانون العدالة الانتقالية من قبل اطرافٍ في حكومة الوفاق الوطني.. هل آن لنا ان نخرج بلادنا من محنتها؟ وماذا ننتظر؟

No comments:

Post a Comment